31‏/3‏/2008

الآخــــــــر !!


و ما بين لقاءٍ و آخر ..

أعرف انكِ إذ تنظرين إلي ..

تبحثين فى وجهى عن ملامح شخص آخر..

أعرف انك إذ تنصتين إلي ..

تبحثين فى صوتى عن نبرات صوت آخر..

**************

و ما بين يوم و آخر..

توجِهيننى بنظرات بالغة الرقة

كيف اكون أهدأ قليلاً..

وكيف أكون أعقل قليلاً..

و كيف أكون أكبر قليلاً..

تخبريننى كم كنت طفلاً ..

وأن الرجولة شيء آخر !!

**************

و بيد ٍ – بالغة الحنان – تمسحين على وجهى..

فتتساقط المعالم منه ..

و تمسحين على عمرى ..

فلا أتذكر شيئاً منه!!

**************

تمحيننى .. قليلاً قليلاً ..

شكلاً و صوتاً ..

و صمتاً طويلاً..

وحتى اسمى ..

منحتِنى اسماً جميلاً

تدليلا –

عرفت – فيما بعد – انه اسم الآخر..

**************

و تمر الايام

و أنا بيديك طفلاً لينا..

و " لاشىء " حيناً ..

فاعدتِنى تراباً .. و طيناً..

و أضفتِ لى لوناً حزيناً..

ربما من جرحك..

ربما من جرحهِ..

و نفختِ فىَّ من روحهِ ..

فأخرجتني – أيا عزيزتي – خلقاً آخر..

29‏/3‏/2008

رسائل !



عزيزي وائل عمر :

داومت في الفترة الأخيرة على الإطلاع على مدونتك الجديدة بعد أن تعرفت عليها عن طريق الصدفة البحتة ! تصفحتها في ذهول أول الأمر ! ثم باهتمام بالغ بعد ذلك !! وجدت فيها بعض الموضوعات التي لمست مشاعري كأنثى ! وبعضها لمست مشاعري كإنسانة ! وبعض المواضيع هزتني بعنف بالغ !!

على الرغم من ذلك اقتربت من شخصيتك أنت كثيراً .. وجدتك معي في بعض المواقف في حياتي الشخصية !

من فضلك لا تسألني كيف ! أنا فقط أكتب ما أشعر به !

عزيزي وائل عمر :

عرفت أخيراً وتيقنت تماماً أن ما أريده وأحتاجه هو موجود عندك !! لذلك دعني أستعير منك أسلوبك العجيب في الكتابة ، وأكتب لك قصتي أنا :

أسمي لمياء .. فتاة في الخامسة والعشرون .. وأحياناً يقولون (خمسة وعشرون ربيعاً) !

عندما وصفوني قالوا أني فتاة جميلة بكل المقاييس .. بل وأضافوا عبارة أخرى تثير خجلي نوعي ما وهي أني (رشيقة القوام)

علاقتي بأبي وأمي هي علاقة طبيعية للغاية ، فنحن نتعامل معاً بكل فطرة مولودة تجاه تلك العلاقة ، فأنا أحب أبي ، وأبي يحب أمي ، وأمي تحبني ، والعكس صحيح أيضاً !!

متفوقة في دراستي للغاية ، وأحظى بتقدير أساتذتي وزملائي معاً !

علاقتي بالله هي علاقة ملتزمة كما يجب أن تكون العلاقة بين العبد وربه ! باختصار شديد : متدينة والحمد لله !

كل من حولي يراني فتاة عاقلة ومرحة ومنطلقة للحياة !

تاريخي العاطفي محصور في علاقة واحدة مع شاب .. أحببته في مرحلة مراهقتي !! وعندما نضجت اكتشفت عبث هذه العلاقة تماماًَ !! فكانت نهايتها غير مأسوف عليها !

فتاة عادية .. أليس كذلك ؟

دعني أخذك الآن في رحلة إلى الجانب الأخر من لمياء ..

الجانب المظلم فيها !!

المكان الخفي بداخلي .. والذي لا يراه الناس أبداً !!

لذلك دعني أبدأ من جديد في تعريف نفسي لك !

الشيء الوحيد الثابت هنا هو اسمي !!

لازلت أدعي (لمياء) !!

عندي (خمسة وعشرون خريفاً) .. تتساقط فيها الأيام كأوراق الشجر الجافة على أرضية عمري كل يوم بلا أسف !

ولذلك شعرت بهم خمسة وعشرون خريفاً !!

أعتبر نفسي كئيبة للغاية !! وأبحث عن تلك الفتاة التي يقولون عنها (مرحة ومنطلقة) .. فلا أجدها داخلي !!

حتى أني أحياناً أنظر في مرآتي لأبحث عن الجمال الذي يرونه في .. لكني لا أجده !! فقط أرى انعكاسي على تلك المرآة ..

مجرد أنا لا أكثر !!

حتى جسدي الذي يرونه ممشوقاً ورشيقاً .. أشعر به كامتداد لكينونتي لا أكثر !! لم أتبع يوماً نظام غذائي معين !! أو حتى حمية موصوفة للتخسيس !! إلى أخر هذا الهراء المعرف لك طبعاً .. أنا أكل ما أريد .. في أي وقت أريد .. دون قلق حقيقي على مصير ذلك الجسد !!


أبي وأمي ؟؟

هل ستصدقني بأني حائرة في وصف تلك العلاقة ؟

أحياناً أحبها وأحن لهما !!

وأحياناً أخرى أشعر بأني أكرههما وأريد الابتعاد عنهما بأي طريقة!!

مشكلتهما أنهما يتعاملان معي لتلبية رغباتي فقط .. فأنا أبنتهما الوحيدة !!

لا أنكر أنهما قاموا بتلبية جميع طلباتي .. ولكنها المتطلبات الشخصية .. وليست النفسية !!

لاحظت أنه معاملة أمي تغيرت معي عندما بلغت سن العاشرة .. فبدأت تعاملني كأني امرأة في الحادية والثلاثون .. إذا أردت الخروج واللعب مع جيراني .. نهرتني بلا سبب وتقول لي أني أصبحت كبيرة الآن .. وليس من الملائم أن ألعب في الشارع مع الأولاد .. طبعاً كان صعب أن أفهم أسبابها هي في سني الصغيرة !!

حاولت الاقتراب من أبي كثيراً .. ووجدته يتعامل معي بغرابة كأني جديدة عليه !!

لذلك بدأت أتخذ اتجاهي الخاص في الحياة عندما كنت في الحادية عشر من العمر !!


أحياناً أفكر في الله !!

هل أنا أحبه ؟؟

أم أخاف منه ؟؟

أم أكرهه ؟؟

ولكي أهرب من تلك الأفكار .. فأني أهرع للصلاة كي أطرد وسواس الشيطان من رأسي .. أصلي أي صلاة .. بأي عدد من الركعات .. أريد فقط ان أكون بين يديه .. وأن يغفر لي حماقتي !!


أما دراستي وتفوقي : في ببساطة أني أهرب من الواقع المحيط بين دفتي الكتب .. لا يهم مضمونها بالنسبة إلى .. ببساطة أعتبر رأسي جوالاً أو كيساً كبير .. وأعب فيه المعلومات عباً !! مع قليل من الاستيعاب !

هذا كان جزءاً من الجانب الأخر لدي !!

عزيزي وائل عمر :

ذكرت لك في أول رسالتي أن ما أحتاجه هو عندك !!

لذلك أطلب منك أن تعلمني كيف أعيش !!

كيف أبدأ من جديد !

وتأكد بأني واثقة تماماً من قدرتك على هذا !!

أعرف هذا من خلال مواضيعك في مدونتك عن الجمال والفلسفة والمنطق ..

إضافة إلى غرابة شخصيتك في بعض الأحيان !!

كلها تقود إلى إنك تعرف حل مشكلتي هذه !!

بانتظار ردك على أحر من الجمر !!

تحياتي لك !

لمياء !

*****************************************************

العزيزة / لمياء .

أصابتني صواعق الدهشة أثناء قراءتي لرسالتك هذه !

إذ لم أفهم ماذا تريدين مني أنا بالتحديد ؟؟

هل قال عني أحد أني سأنظر في بلورتي السحرية بتمعن وأقول لكي عن حل مشكلتك هذه ؟؟

أم أنك تتوقعين بأنك ستتلقين علبة مغلفة وأنيقة عليها توقيعي .. وعندما تفتحينها ستجدين فيها (خاتم سليمان) وقد عدلت مقاسه ليناسب أصابعك ؟؟

أرجوا مراجعة اسم مدونتي يا لمياء !!

(عرين الغضب) ..

وليس برنامج (ماذا تفعل لو كنت مكاني) !!

كيف سمحت لكي نفسك بإرسال خصوصياتك لشخص لا تعرفينه ؟؟

هذا موقع شخصي لا أكثر !!

أكتب فيه عما يتراءى لي وحدي !

ومن خلال منظوري الشخصي !!

وعليكي أن تعلمي تماماً بأني لست مؤهل لحل مشاكل غيري !! تكفيني مشاكلي الشخصية !

لذلك أرجو الانتباه لهذا جيداً !

وائل عمر !

*****************************************************

عزيزي وائل عمر :

لم أعرف عنك أنك متلبد المشاعر كصخرة صلدة !!

أصابتني صدمة بالغة من ردك السابق على رسالتي !!

وبكيت كثيراً بعدها !!

ولكني سأتحملك أنت وحماقتك !!

لأني أؤمن بأن ما أريده هو لديك أنت فقط.. وعليك أن تعي هذا جيداً ..

أنت من سيحل مشكلتي ..

فمن فضلك لا تكن قاسياً في ردك .. فأنت تكلم بقايا إنسانة تحاول لملمة بعثرة كينونتها !

حاول معي مرة ثانية !

في انتظار ردك !

لمياء !!

*****************************************************


العزيزة لمياء :

إلى الآن لست واثقاً إن كانت رسالتك هذه مجرد مزحة منك لغرض التسلية ؟؟ أم هي فعلاً حقيقية ؟؟

حتى وإن كانت حقيقية ..

فأنتي تطلبين مني إزالة بقعة طلاء من فوق بالون مطاطي باستخدام مشرط حاد !!

أخشى الكلام معك في مشكلتك هذه يا عزيزتي لمياء ..

فأنا لا أعرف ظروفك ..

أقصى ما أفعله معك هو أن ألفت نظرك لضرورة معاودة الإيمان بذاتك أنتي !!

وبعدها سيبدأ كل شيء !

فقط حاولي أن تبدئي الآن !

واعتذر اعتذاراً صادقاً إن جرحك ردي في الرسالة السابقة :

أنا أسف !

وائل عمر !

*****************************************************

وائل ..

كلمتني عن الإيمان بذاتي !!

وانا أسألك : كيف ؟

كيف أومن بذاتي ؟؟

وأنا أحاول التخلص منه ..

فكرت كثيراً في الانتحار .. ولكن حسي الإيماني يمنعني وينهرني بشدة ..

ولكني لم أكف عن البكاء !!

ساعدني يا وائل ..

أرجوك ساعدني !!

لمياء !!

*****************************************************

لمياء ..

دعيني أولاً أن أدعوك (حمقاء) في هذه الرسالة !!

ثم أسألك سؤال : هل يوجد حدث عاطفي في حياتك الآن ؟

ثم أدعوك للقيام بأمر بسيط جربته أنا ونجح معي :

إذا كنتي تقرئين رسالتي هذه في الصباح ..

فأريدك أن تغمضي عينك ، وتأخذي نفساً عميقاً وتكتميه في صدرك .. مع استرخاء تام لجسمك (الممشوق) ..

ثم تحاولي التركيز !!

أريدك يا (حمقاء) أن تبتعدي عن دائرة الوجود المعتادة حولك ، إنسي تماماً إنك لمياء .. إنسي معالم غرفتك التي تجلسين فيها ..

حاولي الخروج بعقلك من شباك أو بلكونة غرفتك .. حاولي الوصول لأقرب شجرة بخيالك ..

وركزي جيداً على شيء واحد :

هل تسمعين صوت زقزقة العصافير من حولك ؟؟

!!!!

إما في الليل :

أريدك أن تقفي في البلكونة .. وتنظري للسماء !!

وبنفس خطوات المرة السابقة ..

ركزي على أحد النجوم بعينها ..

ثم أغمضي عينيك ..

وتخيلي أن هذا النجم يقترب منك ..

وأنتي تقتربي منه ..

حجمه يتضاعف مرات ومرات ..

وتتساقط الجاذبية من حولك أنتي ..

أنتي مجرد فراغ يذوب في العدم ..

في انتظار ردك يا حمقاء (أتمنى أن تكون هذه أخر مرة أذكر فيها هذه الكلمة) !

وائل !

*****************************************************


شيء غريب حدث أثناء النهار عندما نفذت ما طلبته مني يا وائل !!

برغم ما كنت أمر به .. إلا أنني فوجئت بوجود عصافير في منطقتنا .. بل وبالقرب من المبني الذي أسكن فيه !!

فجأة سمعت صوت العصافير ..

كثيرة يا وائل ..

ركزت أكثر فيها ..

فوجدت أن كل عصفور له (زقزقته) الخاصة التي يعبر فيها عن نفسه !!

الشيء الغريب أني تخيلت أنني الشجرة .. وهم يطوفون من حولي .. ويقفون على ذراعي الممدودة لهم ..

كان هناك عصفور شقي .. يقوم بمناورات شقية من حولي .. عصفور له روح قطة مجنونة !!

دعني أصارحك بأني أطلقت على هذا العصفور اسمك أنت يا وائل ..

بالنسبة للنجم ..

اخترت أن يكون النجم هو (فينوس) ..

ويشرفني بأن أقول لك بأنني اقتربت كثيراً من (فينوس) وهدأت نفسي بعدما عددت من رحلتي هذه !!

هل تعرف أني لأول مرة منذ فترة طويلة لم تبتل وسادتي بدموعي !!

بل نمت وأنا أتخيل صوت العصافير وأنا في رحلتي إلى فينوس ..

أتمنى أن لا يصيبني الخبال قريباً ..

بالنسبة لسؤالك عن الحدث العاطفي ..

بعد مراهقتي .. قررت أن أنبذ الشعور بالعاطفة أو الحب !! لأني اعتبرتها ضعف لا أكثر ..

ربما هو جبن مني !

لكني كنت أشعر أحياناً بأني صحراء جدباء تحتاج للمطر .. ولكنها تتوجس منه لظنها بأن قطراته لها وقع عليها كسكاكين من السماء !!

هذه الأيام بدأ شيء ما يولد داخلي تجاه أحد الزملاء ..

ربما بسبب اهتمامه البالغ بي ؟؟

أو لنظراته البريئة إلي ؟

لا أعرف ..

بعض الأحيان أضبط نفسي متلبسة وأنا أفكر فيه !!

هل هذه هي العاطفة الناضجة يا ترى ؟

في انتظار ردك يا وائل ..

لمياء ..

*****************************************************

كم أنا سعيد يا لمياء من أجلك !

لقد نجحتي في إزالة بعض الصدأ من داخلك ..

خطوة عظيمة حقاً ..

عليكي بالاستمرار يا عزيزتي ..

طاردي الجمال من حولك أينما وجد ..

واعرفي أنه حتى في القبح ذاته جمالاً .. لأن لو كان كل شيء جميل ، لاختفى معنى الجمال !!

سأدعك تبحثين عن الجمال الذي بداخلك أنتي .. ثم توسعي دائرة البحث أكثر فأكثر ..

أنا واثق بأنك ستجدي الكثير والكثير لتكتشفيه !!

بالنسبة لوصف الصحراء الجدباء هذا !

هل فكرتي يا عزيزتي كيف تنبت الأرض ؟؟

قبل البذر علينا بالحرث ..

ربما كانت الأمطار هي سكاكين من السماء ، لكنها ستحرث بقايا الحب السابق .. ثم ترويه بقطرات الماء وهي العاطفة .. ثم تتكون بعدها بذرة الحب ..

يا حمقاء .. لا تفكري كثيراً..

فقط بادلي المشاعر بالمشاعر ..

الابتسامة بالابتسامة ..

وأنا واثق بأنك لن تتجاوزي حدود الأدب ..

فقط دعي سحب الأمطار تتكون !

أعطيه فرصة يا لمياء ..

جربي يا عزيزتي !

وائل ..

*****************************************************


عزيزي وائل !

(ابتسامة عريضة للغاية) ..

أخيراً يا وائل عرفت ..

عرفت أخيراً قيمة الحياة ..

عرفت معنى البسمة ..

عرفت طعم الأمطار مرة أخرى ..

شعرت بنفسي مرة أخرى !!

لقد عادت لمياء يا وائل ..

عادت كما وصفتها لك في النصف الأول من رسالتي الأولى لك ..

وبدأ النصف الثاني من الرسالة يتلاشى شيئاً فشيئاً !!

بدأ الجانب المظلم يرحل يا وائل ..

وكل هذا بسببك أنت ..

كنت واثقة فيك يا عزيزي !!

بالمناسبة :

لقد نبتت البذرة .. وبدأت تنمو يا وائل ..

أنا أحبه !!

وهو يحبني !!

يحبني كثيراً يا وائل ..

لقد قالها لي بكل رقة وعذوبة !!

ما أجمل مطر كلماته ..

أه يا وائل ..

هل جربت سماع أغنية (أنت عمري) لأم كلثوم يا وائل ؟؟

ما أجملها ..

دعني أنصحك بسماعها !!

أنا أسمعها الآن ..

بل أني أعيش فيها ..

لمياء !

*****************************************************

عزيزتي لمياء ..

دعيني أصحح خطأ ورد في رسالتك الأخيرة ! :

(وكل هذا بسببك أنت ..

كنت واثقة فيك يا عزيزي !!)

التصحيح :

بل كنتي واثقة في نفسك أنت .. كنتي تعرفين بأنك ستخرجين من تلك المشكلة بأي طريقة !!

الأمر بسيط للغاية ..

أليس كذلك ؟؟

بالنسبة لأم كلثوم ..

للأسف أن لا أهوى سماعها كثيراًُ ..

ولكني أحب أغنية (أنت عمري) ..

بالذات المقطع التي تقول فيه :

انت عمري اللي ابتدي بنورك صباحه

ولكني أعدك بأني سأحاول الاستماع لها مرة أخرى .. وأبحث فيها عن الجمال ..

وائل ..

*****************************************************


عزيزي وائل ..

شكرا ..

لمياء .

*****************************************************

لمياء :

تحت أمرك في أي وقت ..

وائل !



25‏/3‏/2008

الصحوة !















- هو فين ؟

دوت هذه الصيحة في أرجاء مدونتي بصوت عالي !! بدت غاضبة وساخطة للغاية .. حتى أنها وصلتني وأنا منزوي في هذا الركن النائي عند أطراف (عرين الغضب) .. أجفلت قليلاً وأصبت بالخوف من صاحبها !! من هذا الذي اقتحم مدونتي غاضباً هكذا .. أهو الغضب فلت مرة أخرى من عرينه ياترى ؟

وقمت استكشف ما يحدث في بطء ..

فوجدت شخصاً له ضعف حجمي يتجه إلى في إصرار .. ملفوف بالظلام الذي فرضته على عرينتي بعدما أصبت بالاكتئاب والعزلة في الفترة الأخير !!

وعندما أقترب مني أكثر .. وضحت ملامحه تماماً ، أنه أنا !!

أنا ولكن بملامح الغضب والشراسة !

وقف أمامي والشرر يتطاير من عينه وقال :

- أنت حتستهبل كدة كتير ؟

- ؟؟؟

- أنا مش بكلمك يا بني آدم أنت ؟؟ رد عليا ! حتفضل كدة لحد أمتى ؟؟

- أنت عايز أيه ؟

- عايزك تتعدل وترجع زي ما كنت في الأول .. أيه دور الاستهبال اللي انت عايش فيه ده ؟ عامل نفسك مكتئب ومضلم الدنيا حواليك .. حصل أيه يعني عشان ده كله ؟؟

- وأنت مالك أنت ؟

هوت يده على خدي الأيسر بصفعة قوية جداً ومؤلمة .. أدارت رأسي إلى اليمين بعنف .. ووقف يتأملني وأنا أقف ساكناً ..

- حتى مش قادر تتدافع عن نفسك .. كنت متوقع إنك ترد الضربة .. أو على الأقل تصدها .. بس يا خسارة .. طلعت ضعيف جداً .. انهزامي بطريقة مثيرة للشفقة ..

نظرت له ولم أدري بما أرد عليه ! فأكمل هو :

- وعامل مدونة أسمها (عرين الغضب) .. وبتتفلسف على الناس .. والناس فاكرينك متأمل .. وأنت حتة بتاع قاعد في الضلمة .. أخص عليك .. أنا ماكنتش فاكرك ضعيف للدرجة دي !

- أنت عايز أيه مني .. أمشي أطلع برة .. غور في داهية يا أخي !! أنت مالك ومالي .. أنا حر .. أعمل اللي أنا عايز أعمله .. هو أنت شريكي يا أخي ؟

صفعة أخرى منه على خدي .. تحديداً على نفس المكان ..

الوجع أصبح مؤلم للغاية ..

غضبه هو تضاعف .. لدرجة إنه صرخ في قائلاً :

- أتكلم كويس .. أنا مش حستحملك كتير .. بلاش سفسطة على الفاضي .. قوم ياللا .. افتح شبابيك حياتك وأطرد الضلمة .. وبالمرة أكتب بالفصحى مش بالعامية ؟

نفس عميق مني ..

ثم قلت ببرود :

- وهل ترى فائدة من كل هذا ؟؟ كل ما يحدث هنا هو عبث .. مجرد عبث .. ندور حوله كالبهائم في الطاحونة .. لا فرق سيحدث .. ولن يتغير شيئاً !

وتوقعت منه صفعة ثالثة !!

إلا أنه قال:

- لماذا لا تتخلص من سلبيتك هذه ؟؟ ما الذي حدث لك يا عزيزي ؟

- منذ متى أصبح التفكير الواقعي سلبية ؟؟ هه ؟ لماذا تسمون حساب الواقع والأمور المترتبة عليه يأس ؟؟

- كيف يتكلم عن الواقع والمنطق شخص كان يجلس مدة طويلة منزوي ومنطوي في أقاصي الأركان ؟؟ أتخدع نفسك يا أحمق ؟

- أرجوك أتركني.. فأنا لا شأن لي بملاقاتك الآن .. عد إلى مرة أخرى .. عندما أتحسن !

هنا جاءت الصفعة الثالثة ..

- هل بدأت في التحسن الآن ؟

- ماذا تريد مني ؟؟ لماذا أنت قاسي هكذا ؟ أنا ضعيف .. مكسور.. محطم .. منثور .. مزلزل .. هل ارتحت ؟

- لا .. لم أسترح بعد .. لقد عزمت النية أن أقتلك أو أدعك تقتل نفسك .. أو تعود كما كنت !

- الموت ؟ نعم .. الموت هو علاجي .. سأقتل نفسي الآن كي أستريح !!

أخرج من معطفه خنجراً ماضياً وأعطاه لي ببساطة :

- تفضل ..

أخذت منه الخنجر وأنا أرتجف ..

مددت يدي وصوبت نصله على موضع قلبي الذي بدأ يتسارع في قلق .. واستعدت لتوديع الحياة ..

سأموت الآن ..

هنا ..

أغمضت عيني وأصدر عقلي إشارة تنفيذ الحكم ..

حكم الإعدام ..

إعدامي أنا !!

إلا أني يدي وقفت كما هي بلا حراك ..

وسمعت ضحكته الساخرة الشامتة ..

- هل رأيت أنك مجرد جبان ؟؟

انهارت أعصابي وفلت الخنجر من قبضتي وبدأت أبكي في حرقة ..

أزاح هو الخنجر الملقي على الأرض بقدمه بعيداً ..ثم قال :

- صدقني .. علاجك هو الحياة .. وليس الموت كما تظن !

- وكيف أعيش وقد فقدت كل شيء ؟؟

- صدقني أنا مندهش تماماً كيف يصاب شخص مثلك بالاكتئاب.. أنت ترى الجمال حولك بشتى الطرق .. في السماء ، وفي اللوحات ، وفي الموسيقى والأغاني , في الشوارع ، حتى في الناس .. يا أخي كيف تجد الوقت لتشعر بالحزن ؟؟ ولماذا لا تشعر بالجمال بداخلك أنت ؟

- هذه طبيعتي أنا .. ولا شأن لك بها !

- حاول أن تتأمل في بلدك .. في الناس .. أنشر ما بداخلك .. ولا تكتمه !!

- مرة أخرى : هذا ليس من شأنك .. قررت العزلة إلى الأبد .. بل إلى أجل غير مسمى .. أنا حر ..

ابتسم ابتسامة خبيثة ..

- وماذا عن (هي) ؟؟ هل ستتركها ؟؟ هل ستيأس منها هي الأخرى .. هل ستنتظر حتى تمل منك .. وتذهب لأخر ؟؟ وينظر إلى عينيها ويتأمل فيها .. ثم يقول لها : (كم هي جميلة عيناك يا حبيبتي !) ؟ هل ستتحمل ضحكاتها البريئة إلى شخص أخر ؟ هل ستتحمل أن تقول أبنتها لها (يا أمي) وتقول لشخص أخر غيرك (يا أبي) ؟؟ هل ستتحمل أن تتضرج وجنتيها خجلاً أمام شخصاً أخر ؟؟ هل ستتحمل أن تقول أحبــ .....

قاطعته بلكمة قوية على وجهه ألقته للوراء بعنف ..

وقلت له والغضب يتقافز على وجهي في جنون مسعور :

- إياك أن تتكلم عن (هي) مرة أخرى أيها الحقير ..

قلتها وأنا أقف منتظراً وقوفه لندخل في عراك مصيري ..

أعترف بأني لا أخشاه بعد الآن ..

بل أعترف بأني لا أخشى أي شيء أساساً ..

وقف هو بهدوء .. ووضع أصابعه على جانب شفته السفلى ، ثم وضع أصابعه نصب عيناه ويتأمل الدماء الناتجة من الجرح الغائر في شفته أثر لكمتي المباغتة ..

- حمداً لله على عودتك مرة أخرى ..

قلت له وأنا أجز على أسناني :

- إلا (هي) .. هل تفهم كلامي ؟ إلا (هي) .. مهما كان شأنك عندي .. فلا شأن لك بـ (هي) !!

- استطيع أن أتفهم هذا يا عزيزي .. اطمئن !! فلن تتكرر مرة أخرى !!

أرخيت قبضتي المتحفزة .. وأومأت له في تفهم !!

وأشار لي بأن أتتبعه ..

- إلى أين ؟

- علينا أن نزيل تلك الستائر السوداء من على نوافذ (عرين الغضب) .. بعد قليل سيتوافد الزوار إلى هنا .. نريد أن ندخل النور إلى هنا .. ونزيل تلك الرائحة العطنة الكريهة المسماة (اليأس) .. هيا يا عزيزي .. فالدوار بدأ يصيبني جراء لكمتك لي !

- لكمتي ؟؟ وماذا عن صفعاتك أنت ؟؟ هل كنت تعمل مخبر في أمن الدولة ؟؟ أو في أقسام الشرطة في المناطق العشوائية ؟؟

- لا ..

بدأنا نزيح الستائر الداكنة ..

وبدأ النور يولد مرة أخرى ..

سمعت موسيقى الغضب .. والتي تبدأ تلقائياً عند فتح المدونة !! لا أخفي أني شعرت بحنيني لها مرة أخرى ..

وسط كل هذا تذكرت شيئاً .. فاستدرت له وسألته :

- هل يجب أن أشكرك بعد كل هذا ؟

انتهى هو من نزع أخر ستارة .. فالقاها بعيداً ونظر إلي .. ثم قال ببساطة وهو يبتسم :

- لا !