24‏/6‏/2008

مسألة مبدأ !!

لظروف صحية طارئة ترتب عليها استعمالي لأحد الأدوية الغريبة المفعول والمحتوى ، ظهرت تشققات في شفتاي (أشف يعني) كنوع من الأعراض الجانبية لهذا الدواء !!

وبدأت الأعراض تزداد يوماً بعد يوم ..

حتى وصلت اليوم إلى مرحلة مريبة بعض الشيء !! فمن يرى شفتاي يجد شبهاً مطابقاً لشفتي جمل بالغ !! بل أني ابتسمت مرة واحدة هذا الصباح فزادت التشققات وبدأ الدم يسيل من شفتاي الجافتين ..

هنا قررت أن أضع حداً لهذه المهزلة (الشفوية) ، وبدأت البحث عن علاج لجفاف شفتاي الدائم هذا !! مع العلم بأن هذه أول إصابة لي بهذه الأعراض ..

أثناء جلوسي على مكتبي في العمل ، تردد صوتاً فوق رأسي أشبه برنة جرس وحيد النغمة : (تن) ..

ونظرت لأعلى لأجد لمبة كهربائية مضاءة فوق رأسي تماماً ، لدرجة أن قاعدتها كادت أن تلامس شعر رأسي الأشعث !! واستطعت أميز بأن اللمبة (قلاووظ) وقوتها (100 وات) ..

وكي أوضح لكم .. معنى ذلك أن قريحتي المتواضعة قد منت علي بفكرة ممتازة ، مع العلم بأني لا أعير معظم أفكار قريحتي اهتماماً إذا كانت أقل من (74 وات) !!


 

المهم !!

كانت الفكرة ببساطة شديدة هي :

زبده كاكاو !


 

******************************************


 

  • زبدة كاكاو أيه بس يا عم أنت اللي عايز تروح تجيبها ؟؟

(أنا بسأل نفسي)

  • حعمل أيه طيب ؟؟ مش قادر أفتح بقي من الدوا الزفت ده !! قال أيه : الدكتورة بتقول أني عندي دهون وهرمونات زيادة !! مع أن شكلي عامل زي الخلة اللي متعاصة لحم !! قال دهون قال .. أنا من الأول شاكك في الدكتورة دي !! شكلها خريجة كلية زراعة بس ربنا فتحها عليها !! بس من الأخر مفيش غير البتاع ده اللي اسمه (زبده كاكاو) !!

(دي نفسي بترد عليا) ..

  • خلاص يا عم .. زي بعضه ، مشيها زبده كاكاو .. بس هي ليه اسمها زبده كاكاو ؟؟
  • مش وقت تأملات دلوقتي .. روح ياللا هات البتاعة دي وأخلص .. مش عارف أتكلم خالص !!
  • يا عم بالراحة ما تزقش ..


 

زبده كاكاو ..

طيب .. الصيدلية جنب الموقع اللي بشتغل فيه .. يعني مشوار مش بعيد ولا حاجة ..


 

*****************


 

(في الطريق للصيدلية) ..

  • طب هو أنا حقول للصيدلي : لو سمحت عايز زبده كاكاو كدة عادي ؟؟
  • أمال حتقول أيه ؟ لو سمحت عايز (دهن صحي ناتج طحن وتحمير ثمرة الكاكاو الاستوائية؟) .
  • مش قصدي كدة .. أصل يعني أنا راجل وكدة !!
  • ما أنا عارف أنك راجل يا عم .. وسيد الرجالة كمان .. أيه المشكلة ؟؟
  • أزاي حدخل الصيدلية وأقول (لو سمحت عايز زبده كاكاو) ؟؟
  • عادي جداً .. حتدخل الصيدلية برجلك ، بعدين تسحب هوا من مناخيرك ، وتطلعه من حنجرتك وتحرك شفايفك (المأشفة) على الحروف بتاعة الجملة دي (لو سمحت عايز زبده كاكاو) .. مش مجهود خارق ولا حاجة !!
  • يوووووووووووه .. أنت ممل كدة ليه ؟؟
  • أنا ممل برضه ؟؟ أنت اللي مش طبيعي النهاردة ..
  • أنا قصدي أن الحاجات دي بتاعة الحريم بس !!
  • حريم أيه ياض أنت ياض ؟؟ دى زبده كاكاو لا راحت ولا جت .. حتجيبها وتملس بيها على شفايفك رايح جاي .. وخلص الفيلم على كدة .. إلا إذا بقى ..
  • إلا إذا أيه ؟؟
  • يعني .. يمكن نزلوا معاها إرشادات خاصة بالاستعمال مكتوب فيها إنك لازم تلبس طرحة فوشيا .. واللا جذمة بكعب .. واللا لامؤاخذة يعني تلبس آآآآ ..
  • يا عم بس بقى .. بقولك أيه .. أقعد ساكت خالص .. أوعى تتكلم لحد لما أجيب البتاع ده ..
  • حاضر .. بس كدة ؟

زبده كاكاو ؟؟ أول مرة حستعملها في حياتي .. يادي الفضيحة .. زبدة كاكاو ؟؟ أنا ؟؟


 

*****************


 

(داخل الصيدلية) ..

انتظرت فترة حتى خلت الصيدلية من الناس فيما عداي أنا والصيدلي ..

  • السلام عليك .
  • وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أؤمر يا (باشموهندس) ..
  • الأمر لله .. من فضلك كنت عايز آآآآآآآآآ

(بشك وريبة) :

  • عايز أيه يا باشا ؟
  • عايز زبده ك*&*^% .
  • نعم ؟
  • عايز زبدة كاكاو .
  • خضتني يا (باشموهندس) .. افتكرك عايز حاجة ممنوعة لا سمح الله ..
  • الحمد لله ماليش في الحاجات دي .. في زبده كاكاو ؟
  • أه طبعاً فيه .. لحظة واحدة .. أتفضل .

وجهت نظري إلى (صباع الزبده) الموضوع على المنضدة الزجاجية برعب !! كأني أنظر إلى عقرب ضخم يخرج من مؤخرته ذيل أفعى جرس وله 4 أذرع إخطبوط بممصاته المقززة !!

  • مفيش حاجة أصغر من كدة ؟؟
  • لا والله يا (باشموهندس) .. ده أصغر حاجة .
  • أيه ده يا دكتور ؟؟ ده بطعم جوز الهند .. أمال (زبده كاكاو) أزاي ؟؟
  • عادي والله يا باشا .. مش شرط يعني !!

(وجدت نفسي أماطل .. ربما أحاول محاولة أخرى بائسة كي لا أشتري هذا البتاع) !!

  • طب مافيش بطعم الفراولة ؟؟
  • هاهاهاها .. فراولة أيه يا باشا ؟؟ لا مفيش طبعاً .. بعدين خد بالك أن الفراولة لونها أحمر .

ألكزتني رجولتي بعنف عندما فهمت قصده .. فكسيت وجهي بمعالم خشنة لا إرادياً .. كأنها ستارة عملاقة نزلت على جميع معالم وجهي وغطته بقماش كثيف أحمر غاضب .. فقلت بلامبالاة :

  • ماشي .. خلاص حاخد ده ! الحساب كام من فضلك ؟؟


 

*****************

(في الطريق للموقع) ..

لاحظت أني أضع (البتاع) في جيبي .. للدقة الموضعية : أضعه داخل يدي التي هي في جيبي .. كأني أخشى أن يطير من جيبي فجأة ويفتضح أمري أمام الناس !!

كنت أشبه بالمشبوهين في مشيتي هذه ..

كأني أضع جثة كاملة داخل جيبي أو 4 طن أفيون أفغاني عالي الجودة !!

نظرات وجهي تكاد أن تصرخ للناس من حولي :

  • نعم أيها السادة .. أنا لا أحمل أصبع (زبده كاكاو بطعم جوز الهند) في جيبي ! أطمئنوا .. كل شيء على ما يرام !

هو الموقع بقى بعيد كدة ليه ؟؟

الجو حر مووووووووت النهاردة .. ياترى الجمل بتبقى شفايفه عاملة زيي كدة في الحر ده ؟؟ يا بخت الجمال .. عمرها ما حتحط (زبده كاكاو ) أبداً ..

هي الست دي بتبص لي قوي كدة ليه ؟؟ جرى أيه يا ولية ؟؟ خليكي في حالك أمال ..

  • بــــــــــــــخ .
  • يوووووووووووووووووووووووووووه .. أيه اللي جابك تاني ؟؟ أنا مش ناقصك خالص دلوقتي .. كفاية اللي أنا فيه !!
  • يا أخي أنت عامل أزمة كدة ليه ؟؟ شكلك عامل زي اللي بيطلعوا مع (طارق علام) في برنامج (المواجهة) !! أنت شوية وناقص تصرخ في الشارع (أنا ماقتلتهوش .. برئ يا بيه) .. أهدى كدة وروق ..
  • عليا النعمة أنت بارد !
  • جاتك نيلة .. برود أيه في الحر ده !! هو حد لاقي ؟؟
  • مش ناقصك خالص ..
  • طب بقولك أيه ؟ أنت شفت الصلاحية بتاعة زبده الكاكاو ؟؟ طلعها وبص عليها .. أحنا لسة قريبين من الصيدلية .. لو طلع قديم روح رجعه .. بالمرة شوف معمول فين والحركات دي .
  • عايزني أطلعه في وسط الشارع ؟؟ يا عيب الشوم .
  • عيب الشوم ؟؟ أنت بتجيب الكلام ده منين ؟؟ يا خسارة تربيتي فيك !!
  • يا عم أنت مالك بيا .. حتى لو كان مكتوب عليه (صنع في المنوفية) .. أنت مالك ؟
  • أنا غلطان ..
  • أيوة غلطان .. وياريت تستخبى تاني عشان أنا وصلت للموقع .
  • أمرك يا سيدي ..
  • بموت فيك وأنت مطيع ..


 

*****************


 

(داخل الموقع) ..

فوجئت من توجهي مباشرة إلى مكتبي .. وكادت أن تخرج يدي بالأصبع الآثم لاستعمله أمام مديري الياباني ..

اليابانيين معروفين بفضولهم الغير عادي .. فضول يكتسح فضول أي قط صادفته في حياتي ..

وطبعاً مع شخصية مثلي أنا .. يتضاعف فضولهم هذا بطرق عديدة وشتى !!

ولا استبعد مشهد مديري عندما يراني في فعلتي هذه ..

حتماً سيصرخ منبهراً كعادته .. ويسرع إلى كاميرته الجاهزة للاستعمال دائماً .. ويلتقط لي صوراً بحرفة عالية ، ومن عدة زوايا .. ثم يرسل هذه الفضيحة إلى كل معارفه بلا استثناء .. ثم ينادي باقي الزملاء اليابانيين ليأخذوا معي صوراً جماعية في هذه المناسبة العظيمة ..

فيكون الناتج :صورة تحوي 7 يابانيين على وجوههم علامات السرور والدهشة معاً ، ويشكلون بأصبعهم حرف V .. يتوسطهم شاب مصري مذهول الملامح ، وفي يده لامؤاخدة (صباع زبده كاكاو بنكهة جوز الهند) ..

يفتح الله ..

نظرت لمديري الياباني نظرة غضب فجأة لم يفهم هو معناها .. وغادرت مكتبي متوجهاً إلى الحمام ..

إذا بليتم فاستتروا ..


 

*****************

(داخل الحمام) ..

بأيد مرتجفة أخرجت صباع (زبده الكاكاو) من جيبي ..

ضربات قلبي تتسارع .. أتمنى أن لا يدخل أحد الآن ..

تمنيت أن يكون الجو الحار الشنيع كفيلاً لإفراغ مثانة كل المهندسين والإداريين في هذا المشروع ، المصريين منهم واليابانيين !! كما أن العرق صحي ومفيد أيضاً ..


 

الأصبع في يدي الآن ..

أفتحه في تقزز ..

لحظة !

لماذا أنظر للمرأة الآن ؟؟


 

يا وقعة سودة ؟؟

هي حصلت ؟؟

هو أنا – لا سمح الله – بحط روج ؟؟

أيه اللي بتعمله ده يا عم الحاج ؟؟

داخل الحمام عشان تصلح (التواليت) بتاعك ..

أو زي ما بيقولوا البنات الهاي لايف :

داخلة أظبط الميك أب وراجعة تاني .

يا ليلة سودة يا ولاد ..

المراية ؟؟

أمشي ياض من هنا بسرعة ..

!!!

بس أروح فين ؟؟

مفيش مكان غير هنا !! خلص بقى في الليلة الكحل يدي ..


 

*****************

(داخل الحمام الكبير ) .. مرة أخرى!


 

الصباع في أيدي دلوقتي ..

شفايفي بتترعش ، كأني ماسك موس في أيدي وناوي أقطعهم ..

نظرة أخيرة على المادة البيضا اللي شكلها لوحده يقرف ..

أيدي بتقرب على شفايفي ..

...

أيدي لسة بتقرب على شفايفي ..


 

((((((((((((((((((((((((((((((((((

الشفة اللي تحت ..

تمام يا فندم ..


 

حلو ..

أطلع على الشفة اللي فوق ..

حاضر يا فندم ..


 

)))))))))))))))))))))))))))))))))

الشفة اللي فوق ..

تمام يا فندم ..


 

كله تمام ؟

كله تمام يا فندم .


 

طبعاً أحساس شنيع ومريع ..

زي ما يكون بمشّي بطن ضفدعة ساقع وبارد وأملس على شفايفي ..

!!!!!

لو كنت مايع ومايص .. كنت صرخت جوة الحمام : يااااع ..

بس الحمد لله .. العملية نجحت ..

مافيش إصابات ..

رجعت الصباع تاني في جيبي ..

ولا مين شاف .. ولا مين دري ..

  • بالشفا يا عم .. خسيت كام كيلو ؟
  • مالكش دعوة .. أرجع زي ما كنت ، مش عايز أسمع صوتك لحد لما نروح ..
  • حاضر .


 

*****************

(خارج الحمام) ..


 

باب الحمام يفتح ببطء ..

يخرج منه شخص واثق الخطى يمشي ملكاً ..

كأنه انتهى لتوه من القيام بغزوة حربية عاتية ناجحة على شعب وهمي يسكن داخل الحمام ..

على وجهه راحة ما .. وهذا طبيعي لكل من يخرج من الحمام !!

لكن ..

لماذا تلمع شفتيه هكذا ؟؟


 


 

22‏/6‏/2008

أسمه (هجرس) !!

(هجرس) ..

هذا اسمه !!

لم تمكنه أعوام عمره الستة من معرفة ما يعنيه أسمه هذا !!

حتى أبوه لم يكن يعرف معناه .. إلا أنه أصر على تسميته بهذا الاسم ! ربما لقوة رنينه في النطق؟؟ أم لعله سمع من قبل في أحد البرامج التلفزيونية أنه اسم من أسماء (الأسد) ؟؟ لا أدري تحديداً !!


(هجرس) ..

تعود هو أن يجيب من ينطق هذا الاسم ككل الأطفال في سنه دون أن يلتفت لغرابته أو حتى ندرته !!

تريدون رؤيته ؟؟

دعونا نذهب له ..

أعتقد أنه موجود أمام منزله الآن ..

نعم .. ناصية تلك الحارة الضيقة في أحد الأحياء الشعبية المعدمة !!

ها هو ..


(هجرس) ..

لا ليس هذا الولد ..

الذي يقف على يمينه هو (هجرس) ..

لا تتأثروا من منظر ملابسه البالية من فضلكم .. راعوا قليلاً مشاعره الخاصة ، فهو لا ذنب له في فقره .. أنها ظروف بلد بأكملها .. عليكم أن تعوا هذا جيداً ..

...

أعتقد أن مظاهر المرض تبدو على ملامحه ، أليس كذلك ؟؟

على أي حال أنا لا استبعد أن لا يصاب طفل في مثل سنه بالمرض ، خصوصاً أنه الآن يمشي حافياً في مياة المجاري الطافحة بطول الحارة .. أستطيع أن أميز اخضرار سطح الماء من مكاني هذا .. أهذه طحالب أم عفن فطري يا ترى ؟؟

بعضكم يقول أنه بدأ يأنف من الرائحة الشنيعة ؟؟

غريبة .. مع إن (هجرس) لا يشعر بها بتاتاً ..

ها هو يلهو ويلعب مع جيرانه في الحارة بلا ضيق أن سأم ..

فأي رائحة تتكلمون عنها ؟؟

الذباب هنا سمج للغاية ، واضح أنه يتمتع بصفات (بيولوجية) وتناسلية غير عادية .. أعداد رهيبة من الذباب تملأ المكان .. الغريبة أن هذا الذباب لا يتجمع إلا علينا نحن !! كأنه يوجد معاهدة سرية بين السكان والذباب مضمونها ألا يتعرض أي طرف للطرف الأخر .. هنا نجد نموذج مبسط للسلام والتعايش الآمن .. ربما لهذا السبب لا يتضايق (هجرس) ورفاقه من الذباب الذي يملأ وجهه ..

هل يضايقكم الذباب ؟؟

كفوا قليلاً عن رفاهيتكم أيها المدللين ، ودعونا نقترب أكثر من هذا الطفل ..

توقف (هجرس) عن السؤال عن أبيه منذ مدة طويلة ..

لابد أنه عرف أنه مات ..

من ثلاث سنوات تحديداً ..

ولم يشعر (هجرس) بغرابة الأمر .. فمعظم رفقائه أيتام من ناحية الأب ، لدرجة أنه يعتقد أن الآباء يموتون عند سن معينة يبلغونها ، كأنما انتهت رسالتهم في الدنيا !!

أما آباء أصدقاءه الأحياء فهم في السجن بسبب تهم عديدة منتشرة في منطقتهم .. أغلبها البلطجة والاتجار في المخدرات !! لا يخفي عليكم هذا بالطبع !


يتميز (هجرس) عن رفقائه بأنه ذو شخصية مسيطرة ومهيمنة على الآخرين من أصدقائه ، برغم أنه أصغرهم سناً .. إلا أنهم يعتبرونه قائدهم .. هو وحده من يقرر أي لعبة يلعبونها في الحارة .. استغماية ؟؟ أم (عم عنكب شد وأركب ) ؟؟ حتى أنه من ينظم الفريقين المشاركين في اللعب بـ (الكرة الشراب) المهترئة والتي هي نتاج غير واضح الملامح من أسمال ثياب الموجودة في بيوت كل الأطفال ، لكنهم يلعبون بها برضا على أي حال ..

لسبب غامض يرفض (هجرس) إشراك الفتيات في أي لعبة .. ربما لإنه محروم من الأخوة ؟؟ أم لأنه يرى أنه من العيب أن يلعب الصبي مع فتاة ؟؟

ثمة تصرفات أخرى يقوم بها (هجرس) لا أجد لا تفسيراً ..

ربما لأني لم أقترب منه كما ينبغي ..

لذلك سأترككم معه قليلاً .. من يريد متابعة (هجرس) فليتفضل :


*********************

الجو حر جداً النهاردة ..

إحساس (وحش) جداً أني أصحى من النوم بسبب العرق (الكتير) ..

الواد صاحبي (رمضان) عندهم مروحة في الأوضة بتاعتهم .. يابخته .. تلاقيه نايم لحد دلوقت ومش حاسس بحاجة !! بس يا ترى هو حيعملها على روحه زي كل يوم ؟؟

هاهاهاهاها ..

الواد (رمضان) ده عمره ما حيبقى راجل أبداً ..

لما أقوم من النوم بقى ..

يا ساتر على الحر !! أكيد ربنا زعلان مننا عشان كدة هو (مسخن) السما أوي كدة النهاردة !! بس أحنا ناس طيبين وبنحبه أوي .. عشان كدة هو لسة بيحبنا أحنا كمان .. أمي دايماً تقولي أن ربنا حلو وطيب !! والنبي يا رب خلي الدنيا طراوة النهاردة .. أمي مش بتحب الحر هي كمان ..

أمي !! أنا بحبها أوي .. ساعات بحبها أكتر من ربنا .. ومش عارف هي ليه بتزعل لما بقول لها كدة ؟؟

هي أمي فين ؟؟

لازم راحت تجيب فطار من السوق ..

طب أنا حغسل وشي وأستناها لما تيجي ..

هو أنا أيه اللي صحاني بدري كدة ؟؟

أه صحيح .. الدنيا حر النهاردة ..

...

أيه الدوشة دي ؟؟

لما أروح أبص من الشباك أشوف فيه أيه ؟؟

يووووووووه ..

ده الأسطى (غريب) الميكانيكي بيتخانق مع (دوكش) بتاع القهوة زي كل يوم .. الناس دي مابتزهقش ؟؟

أنا نفسي أطلع قوي زي الأسطى (غريب) .. بس هو راجل وحش ومش كويس وبيتخانق مع دبان وشه .. أنا فاكر أنه ضرب صاحبي (حسين) بالقلم جامد على وشه عشان أتأخر على فتح الورشة ، ساعتها (حسين) صعب عليا قوي .. بجد كان نفسي أضرب (غريب) بالشلوط على (****) (بالجامد) عشان يحرم يضرب (حسين) تاني .. الناس بتقول أن أبو (حسين) سافر برة عشان يشتغل .. مش فاكر إن راح الكويت واللا (السوعودية) ؟؟ بس بقاله كتير محدش عارف حاجه عنه !! أم (حسين) طلعته من المدرسة عشان يشتغل صبي عند (غريب) .. الواد (حسين) طلع راجل بجد .. بس ياريت الحمار اللي اسمه (غريب) يبطل يشتمه ويضربه !! يا رب لو بتحب النبي خلي أبو (حسين) يرجع تاني لبيته !!

نفسي أكبر وأطلع راجل (كسيب) عشان أصرف على أمي وأخليها تبطل شغل في بيوت الناس الأغنيا ..

مش قادر أنسى لما بتوع البوليس جم أخدوا أمي عشان واحدة ست غنية قالت أنها سرقت منها صيغة دهب .. أمي عيطت وحلفت برحمة ابويا أنها ماخدتش حاجة خالص .. بس بتوع البوليس ماصدقوهاش وخدوها معاهم على النقطة .. ساعتها أنا كنت خايف أوي على أمي .. عيطت كتير قوي .. يمكن عيطت أكتر من (حسين) لما أتضرب بالقلم من (غريب) .. كنت خايف لأمي تروح هية كمان .. ساعتها دعيت ربنا كتير أوي عشان أمي ترجع تاني من النقطة .. نزلت ورحت الجامع الكبير اللي بيقولوا عليه أنه بيت ربنا ، ودعيت له بصوت عالي عشان يسمعني كويس وأنا بعيط .. أنا مكنتش مكسوف وأنا بعيط قدام ربنا خالص .. أنا مرة سمعت الشيخ (حمدي) بيقول أن ربنا بيحب الناس اللي بتدعي له وهي بتعيط !!

بس الحمد لله .. يومها أمي رجعت من النقطة ، وطلع أن الولة أبن الست الغنية هو اللي أخد الصيغة بتاعتها .. هم كل الأغنيا وحشين كدة ؟؟

مش حنسى منظر أمي لما شفتها ساعتها .. عرفت أد أيه أنا بحب أمي .. وفهمت أني مش لازم أخليها تزعل مني أبداً ..

أنا جعان قوي ..

وأمي أتأخرت قوي المرة دي ..

جرى أيه يا واد يا (هجرس) ؟؟

إزاي تخلي أمك تنزل تجيب الأكل وأنت قاعد في البيت ؟؟ دي مش تصرفات رجالة أبداً .. بعد كدة أنت تروح تجيب حاجات البيت كلها .. بعدين السوق قريب مش بعيد .. يعني مش حتوه !!

نفسي أكبر بسرعة بقى ..

عايز أطلع دكتور زي أبن خالة الواد (رياض) .. شكله حلو قوي هو لابس البالطو الأبيض .. بس أنا مش حاخد فلوس من الناس .. نفسي الناس كلها تبقى كويسة .. مش حخلي حد يموت زي أبويا ..

هي أمي أتأخرت كدة ليه ؟؟

أنا جعان قوي ..

الدنيا حر موت النهاردة ..

والنبي يا رب آآآ ..

هو يا ربنا أنا ممكن أقول لك على كذا حاجة مع بعض ؟؟ قصدي يعني مش حاجة واحدة بس ؟؟

أصل أنا عايز أقول لك على حاجات كتير قوي نفسي فيها ..


*********************


(هجرس) ..

أنه لا يعلم أن في هذه اللحظة يتحرش نجار الحارة بأمه وهي تحمل إفطار قد يكفي أو لا يكفي لإشباع صغيرها الذي ينتظرها .. ولن يعرف كم العبارات الخادشة للحياء التي يلقيها الناس على أمه الصغيرة في السن – والجميلة كذلك – من أجل مراودتها عن نفسها في كل مرة تنزل الحارة !


(هجرس) ..

أنه يجهل أن أثناء وقفته هذه سيتلقى خد صديقه (حسين) صفعة قاسية سيفقد على أثرها السمع طيلة حياته من الأسطى (غريب) الثائر بسبب شجاره مع (دوكش) ..


(هجرس)..

لن يفهم أبداً بأن (دوكش) هذا قد باع ليلة أمس صنفاً مغشوشاً للأسطى (غريب) ، مما جعل موقف (غريب) محرجاً أثناء قيامه بواجبه الزوجي ، وأن زوجة (غريب) قد اتهمته على الملأ هذا الصباح أنه أصبح: خايب ونايب وعايب وعرة الرجالة !!


(هجرس)..

لن يتخيل للحظة كم الإهانات التي يتلقاها أبو صديقه (حسين) من الكفيل السعودي والذي يعمل عنده منذ سنوات مضت ، دون أن يكون له الحق في إرسال المال لعائلته ، أو حتى الرجوع لهم .. هذا لأن الكفيل استولى على جواز سفره عنوة .. كما أنه يحتفظ بإيصالات موقعه من أبو (حسين) بمبالغ خيالية .. مع أن أبو (حسين) يجهل تماماً القراءة والكتابة !!


(هجرس) ..

المسكين لن يعرف أبداً بأن صدر أمه بدأ ينمو فيه المرض (البطّال) ..


(هجرس)..

هل تشعر هذه الجراثيم المجهرية الآثمة ما تفعله بكليتيه الصغيرتين الوردتين ؟؟ هل تفهم بأنها ستقضي قريباً على هذا الطفل بشراسة ؟؟ هل تعرف هذه الكائنات بأنها ضمن كيان سيرحل قريباً ..

كيان اسمه ..

(هجرس) ؟؟

21‏/6‏/2008

خربشات عاطفية !

صدقيني ..

لقد انتهت قصتنا معاً ..

تحديداً (قصتك أنتي معي) ..

فأنا لم أكن يوماً شريكاً في ذلك العبث والذي سميته أنتي (حباً) ..

يمكنك اعتباري (بجح) إن شئت ..

فأنا هوايتي كانت تدميرك بلا شفقة ..

وتلذذت كثيراً بتحطيمك ككوب زجاجي عديم الفائدة ..

كم شردت في متابعة بقاياكي المنثورة على الأرض ..

وإن راق مزاجي أكثر وأكثر ، فلا بأس من مداعبة فتاتك بحذائي ، أرسم بك أشكالاً طلسمية مبهمة .. سرعان ما أمل منها وأبعثرها !


**********************


في مذكراتك البلهاء التي أهديتني إياها مؤخراً ، وجدت صفحة بعينها مظللة بالأحمر والأخضر .. على يمينها فراشات محلقة .. وعلى يسارها وروداً متفتحة !!

في وسط الصفحة تاريخاً لا أذكره الآن ، وتحته مكتوباً بخطك الجميل :

مذكرتي العزيزة ..

roseroseroseroseroseroseroseroseroseroseroseroseroseroseroserose

في هذا اليوم قررت مصارحته أخيراً ..

سأقول له .. وليحدث ما يحدث ..

ربما الخجل يمنعه من البوح بها ..

فأنا أعرف كم هو رقيق وخجول ..

سأقولها له ..

وليحدث ما يحدث !!

مذكرتي العزيزة .. تمني لي التوفيق ..

أنا ذاهبة الآن ..


**********************


مذكرتي العزيزة ..

لقد عدت الآن ..

لا أعرف كيف عدت من لقائنا ؟؟

أتراني قد طرت وأنا في طريقي إليكي ؟؟

صدقيني لا أعرف !!

فلم أشعر بالأرض مطلقاً ..

ضاع معنى الجاذبية عندي ..

ياااااااااااااااااااااااه

أخيراً صرحت له ..

نعم .. صاحبتك أصبحت جريئة اليوم
لم أرتب شيئاً ..

نظرت في عينه ملياً ..

ودون سابق إنذار قلتها له :

أنا أحبك ..

ربما أدهشتني ردة فعله !!

فقد شرد كثيراً ..

ونظر للسماء جلياً ..

كأنه يحلق فيها كصقر جامح لا يهاب علو السماء !!

كم بدا وسيماً لحظتها ..

time outtime outtime outtime outtime outtime outtime outtime outtime out

(تنهيدة)

أعاد نظره إلي باسماً ..

والقلق يعصف بي عصفاً ..

هل سأسمعها ؟؟

هل سيقولها الآن ؟؟

؟؟؟

الغريبة أنه لم يرد علي ..

هل أفسدت عليه مفاجأة يا ترى ؟

هل كان ينوي أن يصارحني أولاً ؟؟

مذكرتي العزيزة ..

ربما أنا فخورة بما صنعت اليوم ..

لكن مشاعر القلق والحيرة تعتريني بقسوة !!

أتمنى أن لا أكون أسأت التصرف ..

أراكي قريباً ..


**********************


أطوح دفتر مذكراتك الأبله بعيداً وبعصبية ..

أستطيع أن أتذكر بضع شيئاً من ذلك اليوم ..

عندما سمحت لك نفسك بالتعبير عن مكنونك ..

إنها لحظة النصر التي – دوماً – انتظرتها منك ..

عندما أعلنت أنت ضعفك أمامي ..

لحظتها كنت أنتشي في سماء نصري المحقق أخيراً ..

أسبح في أنغام أناشيد الفوز من حولي ..

ربما نسيت لحظتها أن أتصور نفسي (صقر جامح) حسب تعبيرك ..

لا يهم ..

فهناك غيرك ينتظرني ..

دوماً هناك المزيد !!


**********************


نعم أيتها الحمقاء ..

أنا لم أحبك يوماً واحداً ..

لا تتصوري أبداً أن أحب دميتي التي ألهو بها ..

يكفيني جوعي الدائم لدموعك ..

والتي لن ترويني مهما أمطرتي بها !!

فهيا يا سحابتي ..

أريد أكثر ..

فدوماً هناك المزيد !!


**********************


لا حاجة بك لأن تخبريني كم كنت ممثلاً بارعاً ..

فأنا واثق من قدراتي لدرجة الغرور ..

وأعرف جيداً كيف أبتسم بحساب .. وكيف أوزع حناني أيضاً بحساب ..

وأعرف كيف أدفن تماماً الوحش الدنيء بداخلي .. وأعرف كيف أبدو أمامك كمن له أخلاق الفرسان !!

أنتي مجرد نوبة أخرى من جنوني .. وانتهت معي نوبتك !!

فابكي وتأثري كلما تذكرتني .. وأنزوي واذبلي كوردة خريفية جافة ..

افعلي ما بدا لكي ..

وإن احتملتِ .. فدعني أطلب منك أكثر ..

فأنا أعلم أنه دوماً هناك المزيد !!


**********************

اليوم أتممت عليكي نقمتي ..

والجلبة والسخط على من بعدي ..

سيأتي لك شخص أخر .. قد يحمل النور في يد .. والأمل في يداً أخرى !!

أنظري في عيناه جيداً ..

وابحثي فيه عن جنوني وطيشي ..

ومهماً كانت رجولته وصفاءه .. فأنا أدرك تماماً أنه ليس أنا ..

حتى أنتِ – آيا دميتي – لم تبقي أنتِ ..

ألقيت عليكي لعنتي .. وأصبحتي بدوني شبحاً يعشق الغم !!

أطلبي منه أن ينسيكي ماضيكي معي ..

أساليه بأن يمسك سيفه ، وأن يقاتل – كرجل – كل ذكرى تعبث بخيالاتك بها أسمي !!

حرضيه بأن يمحو أياماً تحوي آلاماً لكي !!

وإن لم يستطع .. فابحثي لك عن شخص أخر ..

فهناك غيري وغيره ..

وتأكدي أنه دوماً هناك المزيد !!


**********************


؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أبعد كل ما قيل ؟؟

تطلب مني كلماتك بأن أرحل .. وترجوني عيناك لأن أبقى ؟؟

11‏/6‏/2008

عذراً يا سيدتي (2) !!


قادتني الصدفة – أو قل القدر إن شئت – لقراءة القصة التالية في أحد المدونات المصرية ، قصة حقيقية ووقعت بالفعل لكاتبها والذي رواها حينئذ بمنتهى الحياد على حد تعبيره وفي وجهة نظره !!

دعوني أولاً أنقل أليكم ما جاء في قصته باختصار شديد ، ولنا عودة لتكملة الحوار :


كان راوي الواقعة يمشي في أحد الشوارع عائداً إلى بيته ، وكان يستمع سورة {آل عمران} عن طريق هاتفه المحمول ، وإذ به يفاجئ بمن يشير له في ضعف ووهن !! وفوجئ إنها فتاه شابة تستنجد به ، وجهها يدمي وشفتيها مورمتين !! واضح تماماً إنها مرت بحالة اغتصاب للتو !!

وأول ما لاحظه بنباهته العبقرية أنها (مسيحية) !!!

المهم .. طلبت منه المسكينة – بصعوبة – بأن يساعدها حتى تركب أي وسيلة مواصلات لتعود لبيتها ، لكنه اعتذر بلباقة لأنه لا يجب أن يمسك يدها !!!!!!!!!

ولاحظ أن يديها ترتعش ، لكنه فضل بأن يأخذ (موقف سلبي) على حد تعبيره ويبقى ينأى بعيداً !! وطلبت المسكينة المساعدة من بعض الفتيات الأخريات مساعدتها ، لكنهن رفضن أيضاً !!

بطلنا أصيب بحالة من الحزن الشديد على هذه الفتاه ، ودعا ربه خالصاً ومن قلبه أن لا يكون هؤلاء المغتصبين مسلمين !! وبدأ يردد لنفسه بأن هذه الفتاه ضحيه لنظام فاشل ومجتمع مغيب وحالة من العهر والانفجار الجنسى والسعار اللا اخلاقى سواء كانت الضحيه دى مسلمه او مسيحيه او كافره ففى النهاية... المنظر كان صعب...

(المكتوب باللون الأسود هو نسخ حرفي لكلامه هو !)

ثم بدأ البطل بتخيل واقعة الاغتصاب في خياله ، وخمن بأن عدد الجناة أربعة ، ثم أكد وشدد على أنهم غير متزوجين !! وربما تقدموا لأكثر من فتاه للارتباط ، لكنهم تفاجئوا بمصاريف الزواج ومتطلباته التي لن يستطيعون تحقيقها ..

اكاد اراهم ينظروا اليها وهى عائده من احدى رحلات شم النسيم... اكاد اراهم يحاوطونها احدهم مسك زراعيها والاخران كل منهم مسك قدم وبدأوا يجذبوها والرابع بدأ فى تقطيع ملابسها واستباح جسدها

(مرة أخرى .. الكلام الأسود من عنده هو!)

لازال الراوي يقف في مكانه ويشاهد الفتاة .. تحاول هي النهوض من مكانها ، لكنها لا تستطيع ، يديها بدأت ترتجفان أكثر من شدة الضعف !!

يقول أيضاً أن ساقي الفتاة لازالت متباعدات أثر الاعتداء عليها !! ولازالت تستجدي بنظراتها المساعدة .. أيضاً لازالت تتألم !!!!

ولاحظ أن بنطالها الأبيض الغالي الثمن تتناثر عليه بقع من الدماء الحمراء !! وتي- شيرت أسود اللون ممزق تماماً ..

ربما ان الباشا الكبير الحكمدار المسؤل عن امن وتأمين المنطقه اللى تم فيها الجريمه كان فى الفراش مع زوجته فى نفس اللحظه وفى اتنين عساكر تحت البيت عنده بيحرسوه وبياخدوا مرتبهم من الضرايب اللى بيدفعها ابو البنت دى... حاجه تقرف

(أنتوا عرفتوا اللي فيها ، يعني مش لازم أوضح تاني عن اللون الأسود أبو خط من تحت) ..

وينهي البطل الموضوع بنهاية مؤثرة وخطبة عصماء بليغة المحتوى :

سيدتى انا لا ادافع عن حالة الهياج التى تعترى كل الشباب بلا استثناء متدينهم وملحدهم ولا اسحب منك حقك فى العمل فأنا مازلت احتاج لامى وزوجتى طبيبه واحتاج لأبنتى مدرسه ولكن لا احتاج الى كمية النساء الاتى تملأ الشارع بحثا عن سد الفراغ الذى يهربن منه بسبب العنوسه وتأخر سن الزواج فالاولى بها ان تتعلم شئ ينفعها وتترك مكان العمل لشاب سيعمل ويتزوجها



************************************

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

************************************


انتهى كلامه هو..

ويبدأ كلامي أنا ..

دعوني أعدكم أولاً بعدم تلفظي بسباب بذيء وقذر أثناء مناقشتي لهذا الموضوع .

هذا الشاب والذي أطلقت عليه لقب (بطل) ثلاثة مرات حتى الآن ، ويلقبه من حوله بالــ (شاعر) !! وإذا اعتبرنا ما يكتبه هو شعر نابع من أحاسيس عاطفية تشع من داخله ، فاسمحوا لي باعتبار كومة من (فضلات المعدة البشرية) توازي شكل وملمس ورائحة باقة زهور ربيعية !!

دون التوغل في إنتاجه – اللامؤاخذة – الشعري ، ودون التوغل أيضاً في طريقة كتابه ما يسميه (قصيدة) ، والتي تحتوي على أخطاء إملائية ونحوية بشعة وشنيعة ومريعة لا تليق حتى بتلميذ في المرحلة الابتدائية .. فكيف إذن هو شاعر ؟؟


دعوني أضع نفسي مكانه في ذلك الموقف :

لو وصفت نفسي بأني (شاب صايع) !! وأثناء تجوالي ليلاً وأنا أستمع إلى ما تيسر من أغاني (الميتال) أو أغاني (عبدة الشيطان) كما يسميها العوام !! لنقل حتى أني أشاهد (فيلم بورنو) على شاشة هاتفي المحمول ..

(وليس سورة آل عمران كما في حالته) ..

وأخرجني من تركيزي هذا صوت ما يستنجد بي !! وإذا بي أجد فتاة تم اغتصابها للتو (طازة يعني) .. يا ترى ماذا سيكون رد فعلي تجاهها ؟؟

هل سأجد الوقت للنظر إلى أسفل كفها لأجد علامة الصليب الموشومة باللون الأخضر ؟؟ أم سأنظر إلى ما بين نهديها (من خلال الـ تي – شيرت الممزق) لأتأكد من وجود الصليب الذهبي يتدلى من السلسلة على رقبتها ؟؟

هل يا ترى سأخلع عني رداء (الصياعة) وأهرع إليها وأساعدها ؟؟ أم أعتدي عليها بنظري مثل (أولاد الكلاب) الذين افترسوها منذ قليل ؟؟

هو قدرهم بأنهم أربعة أوغاد .. وأنا أقول أنهم خمسة (باعتباره مشارك معهم) ..

هو تبرأ من واجبه الرجولي ، ثم تخلى عن واجبه الإنساني .. ولم يهم حتى بتقديم المساعدة لتلك المسكينة والتي يصادف أنه دينها غير دين (جناب سعادته!!) ..

هو فضّل أن يأخذ جانباً ويخلع طرحته ويكشف رأسه ويدعو لله .. (أيه ده ؟؟ مش ده اللي عايز أقوله ..)

هو فضّل أن يأخذ جانباً ويكتفي بمشاهدة هذه الفتاة (النصرانية) وهي تتألم في صمت ، ودعا الله أن لا يكون (الناس الوحشين) من القوم المسلمين !!

ثمة كلمة اعتراضية بليغة تقال بالعامية في هذه الحالة .. إلا أنها تندرج تحت مسمى (بذاءة) ، لذلك لن أذكرها هنا ..

منذ متى أيها (الشاعر المعوي) تقاس المساعدة بدين من أمامك ؟؟ وهل ينصحك دينك بالذود عن المسلمين فقط ؟؟

وإذا حدث وأن صادفتك أنا في يوم من الأيام – لا قّدر الله – وسألتك (الساعة كام والنبي يا سيدنا الشاعر؟ ) ، فهل ستطلب مني إبراز بطاقتي والنظر في خانة الديانة ، ثم ترد على سؤالي ؟؟؟

وهل إذا كان ديني ودين أهلي لا يتوافق مع دينك ودين أهلك ، فهل ستشيح بوجهك عني وتنبت معالم القرف العميق على وجهك المدهون بـ (دوكو) الإيمان ؟؟


وهل إذا أمسكت يدها بيدك وساعدتها على النهوض ، فهل يسمح الموقف بنمو مشاعر جنسية صارخة تجاه هذه المسكينة ؟؟ هل مجرد لمسة يد بغرض المساعدة تنمي بداخلك الشهوة المتأججة لافتراسها ؟؟

يا عم أمسك أيدها .. ولو ألحت عليك رجولتك وفحولتك وقتها ، فصدقني صعوبة وجدية الموقف كفيلة بأن تقتلها ألف مرة .


أنتقل (البطل) إلى تحوير القصة إلى سياق درامي وسياسي وإنساني واجتماعي وديني معاً ، فوصف المسكينة بأنها ضحية نظام فاشل وحكومة عرة وواطية !! ومجتمع مغيب وأهبل وعبيط ومش داري بحاجة !!

وولدت لدينا حالة (هلع جنسي صارخ) وعهر وسعار لاأخلاقي وحاجات غريبة كدة !!

لأ وبيقول أيه كمان : سواء الضحية دي مسلمة أو مسيحية أو كافرة .. ففي النهاية – يا حرام – المنظر كان صعب !

طب أنا أقول عليك أيه ؟؟

أنت مالك ومال دين الضحية ؟

حتفرق معاك أيه لو كانت ضحية مسلمة ، أو ضحية مسيحية أو حتى ضحية كاريوكا ؟؟

بعدين أيه كافرة دي ؟؟

مالك ومال دينها ودين أبوها ودين أمها ؟؟

أحم ..

من الملاحظ بأن (الشاعر) قد أخذته قليلاً من الجلالة التأملية ، فوقف بكل بطولة وشجاعة يوزع التهم على كل ما يحيط به حكومة وشعباً .. وأنهى جملته الحكيمة بأن المنظر – ياي – كان صعب !!

وماذا عن الفتاة ؟؟

ماذا عن إحساسها ؟؟

ماذا عن شعورها الدائم بالخوف من الغرباء بعد ذلك ؟؟

ماذا ستكون فكرتها عن المسلمين بعد ذلك ؟؟

ماذا ستكون فكرتها عن الرجولة بعد ذلك ؟؟

ماذا ستكون فكرتها عن الأمان بعد ذلك ؟؟


ربما كلها أحاسيس لا تهمك ، فأنت رجل .. ومسلم .. وغيور على مصلحة وطنك !

إلا أن هذه الأحاسيس تهمني كثيراً , برغم أني لست (شاعراً) مثلك !

فلو كنت أنا في مكانك ، لهرعت فوراً إلى مساعدة هذه المسكينة وقلبي الأسود ينز الدماء خجلاً ، وعيني تنزف الدموع من أجل حالها ..

مهماً كانت أخلاقي أو ديانتي ، فأنا إنسان أولاً أيها (الشاعر) .. وبعد ذلك يأتي ديني .. ونصحني ربي الذي هو ربك أنت ورب الضحية المغدور بها بالرحمة بيننا ..

هذه الإنسانة التي تستعر من مساعدتها لأسباب دينية بحتة ، كان الله يتكلم عن أم رسولها ورسولها في أذنك !! في سورة {آل عمران} ..

(إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ)


مريم العذراء هي أطهر امرأة في الدنيا والآخرة .

وعيسى أبن مريم هو أبن أطهر امرأة بين نساء العالمين ..

وعيسى رسول المسيحية إلى العالم ..

وهذه الفتاة المسكينة تتبع ملة عيسى أبن مريم ..

كما أن المسيحيين هو بشر مثلك ، لا ترقى عنهم بشيء ولا يرقوا عنك بشيء ، وإذا كنت تعتبر شعرك المضحك سمواً عن مرتبتهم الإنسانية ، فهذا شيء أخر !!

ولن يجدي معك الكلام ..

************************************

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

************************************


بطلنا الهمام سرح بخياله (المشعر) أكثر وأكثر ..

وراح يتخيل بعين السخرية حكيمدار الأمن والمسئول عن المنطقة التي تمت فيها الجريمة ( يخرب بيت خفة دمه الشاعرية .. أيه دة يا مضروب ؟؟) ، وراح يتخيل أن مدير الأمن نائم مع زوجته في الفراش في ذلك الوقت (ولم يوضح معناه هذا إطلاقاً ، مما جعلني أسرح بخيالي بعيداً بحكم صياعتي ولامؤاخذة يعني) .. ثم هبط بخياله من شقة مدير الأمن إلى أسفل العمارة التي يقطن فيها سعادته ، ورأى بعين الخيال (الشاعرية) اثنين من العساكر الذين يحرسون أمن مدير الأمن .. وثارت نفسية (الشاعر) عندما تذكر مصدر مرتباتهم ، والتي يساهم في دفعها والد (الضحية) المسكينة عن طريق الضرائب !!

ثم ينهي عبارته بجملة (حاجة تقرف) .. وأنا أعقب وراءه مرة أخرى بكلمة (ياي) !!!

وأيضاً :

(أخص عليكم يا بتوع الحكومة الكافرة يا وحشين ، كدة برضه تزعلوا منكم شاعرنا مرهف الحس ؟؟ مالكوش حق بصحيح يا جماعة !! أنتوا مش عارفين إن البلد فيها ناس رقيقة المشاعر زي عمنا (الشاعر) ده ؟؟ ناس معندهاش استعداد للنخوة والمروءة عشان دماغها مشغولة بتأليف الشعر اللوزعي الجامد اللي سعادته بيتعطف بيه علينا أحنا ؟؟ لأ بجد (ياي) عليكم , وستين (يع) كمان !!) .


عندها .. بدأت قريحة الشاعر تنضح فجأة أثناء المحاولات البائسة للمسكينة للقيام من رقدتها هذه ، وتأملوا ماذا قال اسم النبي حارسه وصاينه :

اكاد اراهم ينظروا اليهاوهى عائده من احدى رحلات شم النسيم... اكاد اراهم يحاوطونها
احدهم مسك زراعيها والاخران كل منهم مسك قدم وبدأوا يجذبوها والرابع بدأ فى تقطيع ملابسها واستباح جسدها

(اللون الأحمر هي أخطاء إملائية في الهمزات التي سقطت سهواً من قريحة الشاعر ، أما اللون البنفسجي فهي غلطة إملائية بسيطة لا مبرر لها !! يوجد فرق شاسع بين حرف (ز) وحرف (ذ) .. وأحياناً قد يضيع هذا الخطأ المعنى أو يعكسه تماماً ، كما في كلمة زكي و ذكي .. فأرجوك يا شاعرنا المغوار راجع ما تيسر من كتب سنة تالتة ابتدائي لتنمية الحس الإملائي والتعبيري عندك .. كما عليك الاهتمام أيضاً بالجملة ووضع الفاصلة في وسطها .. والنقط في نهايتها !! فمن يدري ؟؟ ربما حصلت يوماً على جائزة الجدع الزنديق الفاجر الكافر الماجن المشرك اللئيم العاهر الداعر الملحد الخبيث المارق الوغد الخسيس الزنيم العابث الشمقمق المسمى "نوبل" في علم الفيزياء الشعرية !!)


نزل الوحي على شاعرنا .. وبدأ في تخيل الحادث متقمصاً الشخصية الخيالية الواردة علينا من بلاد الفرنجة الكفرة والمسماة (شرلوك هولمز) والعياذ بالله .. أحد الجناة تولى تكتيف يديها ، واستولى الاثنان الآخران على قدم ، أما الرابع فهو فمن تكفل بتنفيذ الجريمة القذرة ..

دعني أستعير منك قدراتك التخيلية الفذة لأربعة أسطر فقط وأتساءل :

ألم ترى حولك أيضاً أن الجماد يكاد يبكي تأثراً بما حدث للتو ؟

ألم تجد الكلاب الضالة حولك فخورة بكونها حيوانات ؟

ألم تشعر أن الوقت ليس مناسباً لممارسة التعصب الديني المنغلق ؟؟

ألم تقتلك النظرات المتوسلة من عين المسكينة قتلاً ؟؟


أيها (البتاع) الملقب بشاعر ..

هاأنذا ..

شاب مثلك ..

وفي سنك أيضاً ..

وواحد ممن وصفتهم بأننا – بلا استثناء – يعترينا حالة هياج جنسي ، متدينينا وملحدينا .. ها أنا أرد عليك أنت ..

أيها البتاع ..

بالصدفة البحتة نشرت عندي قصة منذ فترة ..

اسمها (الرغبة) ..

وبالصدفة البحتة كان لها نفس موضوعك الشائن هذا ..

الضحية المغتصبة فيها كانت محجبة ، وبالتالي مسلمة ..

والجاني المغتصب كان مسلم ..

وجاءت الشخصية المحورية الثالثة ، والتي أنقذت الضحية المسكينة ، وانتقمت من الجاني بعنف وقسوة .. هذه الشخص كان (ملحد) .. وأعلنها بصراحة للجاني .. بل أعلن أنه ذو شخصية مستهترة ولعوب .. و زاني ، ويعاقر الخمر ، وعنصري جداً !! أي عكس شخصيتك تماماً يا ذو اللحية والشارب المحفوف ..

وبالرغم من كل هذا .. رق قلبه ولم يحتمل رؤية الجريمة وهي تدور أمامه ، ورفض لعب دور (الصنم الصلد) والذي لعبته أنت بكل براعة .. بل تدخل للذود عن الضحية .. بل وتحرك فيه شيئاً من داخله ، ورفض أن ينظر لجسد الضحية العاري ، وأطرق بنظره للأرض احتراماً لمشاعرها الكسيفة في تلك اللحظة الحرجة .. بل خلع معطفه ودثر به جسد المسكينة !! وسندها إلى مكان آمن .. ثم عاد للجاني الذي تحول فيما بعد إلى ضحية !!

في حين وقفت أنت في مكانك تتأمل شاعرية الموقف ، وتوزع اتهاماتك الخرقاء .. وأقمت محاكمة ، وحكمت علي أنا ومن في سني بالهائجين جنسياً ..

بل ودار في رأسك وأنت تتأمل جسد الفتاة العاري ووضع ساقيها المفتوحتين تفاصيل الجريمة الشنعاء ، ولن أسألك إن كنت لحظتها ضمن الهائجين جنسياً مثلنا أم لا !!

بل سأسألك ( هل أنت رجل ؟؟ هل أنت بشر ؟؟ هل أنت عاقل ؟؟)

وصدقني أنا حائر تماماً بين شعوري بالفرح لأن شخصية عابرة دارت في مخيلتي يوماً ما ونسيتها بعد فترة كان لها تصرف أكن له بالاحترام المغلف بالاعتراض ، أم أشعر بالحزن لأنك أنت وأمثالك يعيشون معنا في نفس الكوكب ونفس الوطن ؟؟


أيها (البتاع) ..

لكم كنت أتمنى أن أتقيأ في تعليقي على موضوعك هذا كتعبير عن رأيي في قصتك القذرة وتصرفك الأكثر قذارة.. وأيضاً احتقاري اللامتناهي لشخصك (*****) المغلف بالجهل الديني المنغلق ..


أيها (البتاع) ..

عليك أن تدرك أن المغتصبين قد سلبوا من الضحية (بكارتها) إذا كانت عذراء .. أما أنت فسلبت منها كل معاني الرجولة ، والإنسانية ، والأمان !


أيها (البتاع) ..

دون أي سفسطة أو مبالغة مني أقول : إني أشعر بالذنب تجاه هذه الفتاة المسكينة كل يوم ، حتى أنه مجرد تذكري لقصتك فأني – ويا للعجب – أشعر أن هناك من يصفعني أنا ..وبعنف !


أيها (البتاع) ..

كلما مر علي أسم مشابه لاسمك أنت ، لكلما تسارع اللعاب في فمي ويثور خارجاً منه ويطلق صيحة واحدة : أتفووووووووووووه .


أيها (البتاع)..

أحياناً يخرج من بين الملحدين والهائجين جنسياً منهم أعظم منك .. وصدقني في هذا ..


أيها (البتاع) ..

لم أسمع يوماً بما يسمى (القوادة بأسم الدين) !! لكنه حدث للأسف !


أيها (البتاع) ..

ربما تناولت قصتك بأسلوب عنيف وساخر بعض الشيء ، وقد لا تتحمله شخصيتك الرقيقة والشاعرة .. لكني أطمئنك بأن هناك أكثر .. وهناك المزيد !


أيها (البتاع) ..

خلاص .. مات عندي الكلام .. والمعاني .. والشهامة .. والمروءة ..

بح خلاص !



9‏/6‏/2008

ســارة!

بصعوبة عثرنا على مكان في ذاك المقهى الراقي القابع في أحدى ضواحي (المعادي) الهادئة ..

وجلست أنا و (سارة) في ركن قصي بعيداً نوعاً ما الزحام الذي يعج بذلك المقهى ، ربما طلباً للهدوء أو للخصوصية !!

جلست (سارة) بهدوء غريب رصين لا يتناسب أبداً مع عمرها ، وانتظرت بادرتي لأن أمسك دفة الحوار .. أي حوار يقتل الصمت الذي غلفنا منذ لقائنا هذا !!

جلست أنا أمامها متأملاً في ملامحها التي غابت عني فترة ليست وجيزة ..

ثمة ملامح جديدة أضيفت لها أثناء بعدي عنها .. خصوصاً عندما اقتربت لبلوغ عامها الحادي عشر :

شعرها الأسود الحالك قد ازداد طولاً وانسدل بخفة وحرية على ظهرها .. والذي بدا كملايين من الجياد الثائرة تهرول على طول ظهرها الصغير .. بدا لي – للحظة – كأن شعرها يتربص لأقل نسمة هواء عابرة لينقض عليها ويرقص معها في شقاوة ناعمة !

وجهها نفسه بدا كأنه مزيج ما بين الطفولة وأول مراحل الأنوثة ، بشرتها البيضاء كما هي .. إلا أنه ثمة حمرة خفيفة قد أضيفت إلى وجنتيها ، كأنما تعلن بطريقة خفية عن استعداد للخجل في لحظة !!

عيناها العسليتين .. سر خاص بها وحدها !! عينان تجمع بين الطفولة والبراءة والشقاوة في ذات الوقت .. يكفيك نظرة واحدة إلى عيناها لتدرك كم هي شخص ذكي !! ربما هذا السر هو بريق عيناها الدائم والذي لا يخبو أبداً ؟؟

(سارة) ..

اعتبرها مثل ابنتي ، أو شقيقتي الصغرى !! وبرغم ظروف سفري الدائمة ، إلا أني أعتبر نفسي مشاركاً لا يستهان به في نشأتها وتربيتها !!

بقى أن أذكر أن (سارة) قد تعرضت لما هز حياتها بعنف في الفترة الأخيرة ، فقد توفي والديها معاً منذ فترة قريبة .. ماتا معاً في حادث سيارة بشع نجت هي بأعجوبة منه !!

منذ ذلك الحين بدأت المسكينة تتغير شيئاً فشيئاً !!

منذ حوالي أسبوع بدأت (سارة) في مراسلتي عبر البريد الالكتروني ، وألحت فيه بضراوة للقائي في أقرب وقت ، ولم أكن لأرفض لها أي طلب تحت أي ظرف ، وبالفعل أخذت إجازة من عملي وسافرت إليها في بيت خالتها ، وجئنا إلى هذا المكان دون أن نتبادل كلمة واحدة حتى الآن !!

  • سارة !!
  • نعم ؟
  • ما هي أخبارك يا حبيبتي ؟
  • حمداً لله يا آبيه !
  • كيف تبلين في دراستك ؟
  • لازلت كما أنا ، من الأوائل على المدرسة كما عهدتني .
  • وستظلين من الأوائل دائماً أيتها الشقية ، فقد أتعبتيني كثيراً أثناء مذاكرتي لكِ في أولى مراحل تعليمك الابتدائي .
  • وأنا أشكرك بصدق على هذا .
  • كيف هي خالتك معك ؟ هل تشكين من شيء عندها يا عزيزتي ؟؟ هل تعاملك كما ينبغي ؟؟
  • طانط طيبة جداً يا أبيه .

قطع قدوم النادل حديثنا ، فأملينا عليه طلباتنا .. وعدنا مرة أخرى لموجة الصمت الحائر ..

ربما لم أرى (سارة) منذ وفاة والديها ، أي تقريباً منذ ثلاثة أشهر .. إلا أني فوجئت من طريقة تحدثها هذه !! بدت مقتضبة جداً في حوارها .. كانت ترد على أسئلتي بما يكفي لأسئلتي فقط دون أن تضيف عليها دعابة ذكية ولاذعة مثلما علمتها وعهدتها في طفولتها !! حتى أثناء حوارنا هذا كانت تنظر في الأرض بشرود ووجم لم يخف على عيني !!

كنت مقدر تماماً ما تشعر به هذه المسكينة ، ربما لأن شخصيتها امتداد لشخصيتي أنا ؟؟ وربما لأن والديها – رحمهما الله – كانا من أقرب أصدقائي ؟؟

مددت يدي ورفعت ذقنها برفق لتصبح عيناها في مستوى عيني ، لطالما فلحت في أن أفهم (سارة) من مجرد النظر إلى عيناها العسليتين !!

أجفلت أنا عندما وجدت عيناها مليئة بالدموع الصامتة .. انتفضت في جلستي واقتربت أكثر منها ، وسألتها في قلق حقيقي :

  • (سارة) حبيبتي .. ما بك يا عزيزتي ؟؟ هل حدث لك مكروه ؟؟ هل جرؤ أحد على إيذائك ؟؟

زاد بكائها مرة واحدة ، ولم يعد بإمكانها السيطرة على دموعها!! وقالت:

  • لم أعد قادرة على التحمل يا آبيه ، تعبت كثيراً !! تغيرت حياتي كثيراً بعد أبي وأمي .. كرهت الحياة وكرهت نفسي أكثر ، وسئمت من التظاهر بالتماسك أمام من هم حولي !! لم أعد أرى أمامي غير السواد ، لم يتبقى ملمس في الدنيا إلا ملمس الأشواك .. كرهت وجودي وذاتي ، هل عرفت ماذا حل بي ؟

اتسعت عيناي خوفاً مما قالته هذه الصغيرة , تعبيراتها القاسية التي شبهت بها حالها ألمتني للغاية !! كيف يشعر هذا الملاك الصغير بكل هذه المعاني المؤلمة والموجعة ؟؟ أستطيع أن أستشف شعورها بعدما فقدت والديها ، لكن لم أتوقع أن يصل إحساسها إلى هذه الدرجة !!

وللمرة الثانية مددت يدي إلى وجهها لأسمح سيل دموعها المنهمر ، وأعيد خصلات شعرها إلى جانب وجهها ووراء أذنها بعدما التصق بدموعها ، وقلت بطريقة عميقة وصادقة وأنا أنظر في عينيها :

  • (سارة) .. هذه أولاً وأخيراً إرادة الله .. ولا يمكننا نحن أن نغير في الأمر شيئاً ، هذا ما قدره على والديك – رحمهما الله – وعلينا أن نمتثل لمشيئته في صبر ، هذا هو الإيمان الحقيقي يا عزيزتي !
  • الله ؟ وما هو الله هذا يا آبيه ؟؟ أهذا هو من يجلس على عرشه في السماء ويشاهد تفاصيل حياتنا اليومية كأنها مسلسل تليفزيوني مجاني ، وإن لم يعجبه أحداث حلقاته أبدل حياتنا كي تناسب متعته ؟؟ كيف يملك قلباً ورحمة كي يدمر حياة طفلة مثلي ؟؟ كيف تعبدونه أنتم وهو بهذه القسوة ؟؟ لماذا حرمني من والداي بهذه الطريقة ؟؟ عانيت أنا بسبب شيئاً سخيفاً سميتموه (القدر) وسأظل أعاني إلى أن أقرر إنهاء حياتي بسبب هذا القدر ..

بدأ صوتها يعلو تدريجياً أثناء الحوار ، ووصلت عصبيتها إلى درجة عالية .. بدأت معالم الذهول وعدم التصديق تغزو ملامحي أنا !! من هذه ؟؟ أهي (سارة) ؟؟ هل بالغت أنا في تربيتها إلى درجة إبداء رأيها في أمور لا يجب التطرق فيها بهذه الصورة الرهيبة ؟؟ هل أنتي ضحيتي أنا يا (سارة) ؟؟

ودخلت المسكينة في نوبة بكاء منفعلة ، وبدأ صوت نشيجها الحار يتصاعد أكثر ، وأنا أمامها لا أدري ماذا أقول !!

فوجئنا بنادل يأتي ومعه (صينية) عليها مناديل ورقية ويقدمها لـ (سارة) بكل أدب ، ونظرت له وابتسمت له في رقة برغم بكائها، ومدت يدها وأخذت منديل لتجفف دموعها .. في هذه الأثناء كنت ألتفت حولي في بطء ، ووقعت عيني على بعض الأشخاص الفضوليين الذين كانوا يتابعون الحوار برمته ، فوجهت إليهم نظرة غاضبة تحمل الكثير في ثناياها ، وبالفعل أبعدوا نظراتهم الوقحة عنا وانشغلوا بحوار مرتجل !!

التفت لها بعدما جففت دموعها ، وأمسكت يدها في حنان وقلت :

  • (سارة) .. الله موجود ، وهو ذو رحمة بالغة يا عزيزتي .. بل هو رحمن رحيم علينا نحن ، لا تستلمي لليأس وأنتي في أول حياتك .. فأنا أتنبأ لكي بمستقبل باهر ، أنتي أذكى من عرفته في حياتي كلها ، كما أن حالة العائلة المادية جيدة للغاية .. وثقي تماماً بأننا كلنا سنقف بجانبك في هذه المحنة ، كلنا هنا لأجلك !
  • أنت عودتني على الصراحة والصدق في حوارنا ، أليس كذلك ؟؟ حسناً .. دعني أتكلم معك بصراحة يا آبيه .. حالتنا المادية جيدة ولا أنكر هذا ، لذلك فأني أعرض كل ثروة عائلتي إلى الله كي يعيد إلي أبي وأمي .. وإن لم يقبل فأني أعرضها إلى خالتي وعمتي كي يعطوني حضناً واحداً من أحضان أمي أو أبي ، فكل أحضانهم موجهة إلي بحكم الشفقة ، وصدقني يا آبيه : أنا واثقة أنك طوال أعوامك الثامنة والثلاثون لم تجد حضناً أحن عليك من حضن أمك ، صدرها الذي نمت فيه ورضعت منه وأنت صغير ، وتكون أقرب إلى جوفها الذي بدأت فيه وتكونت منذ أن كنت جنين .. هل سأجد ذلك عند خالتي أو عمتي ؟؟ هل يمكنني شراء لحظة واحدة أو حضن واحد من أمي بهذه الثروة ؟؟ هه ؟؟ أخبرني يا آبيه ؟؟ هل توازي الثروة كلها ابتسامة واحدة من أمي عندما أحسن فعل أي شيء ؟ هل تعيد ثروتي لحظات لعبي ولهوي مع أبي ؟؟ وهل يعيد الله الحنان الذي حرمت منه مع رحيل أبي وأمي ؟؟ كل من حولي يعاملني بشفقة يا آبيه .. فقط الشفقة !! عماتي وخالتي يحبوني شفقة ، ويطعموني شفقة ، ويلبسوني شفقة .. وهل تتحمل أن تعيش يوماً واحداً وأنت محاط بالشفقة يا آبيه ؟؟ جسمي بدأ في التغير وأنا لا أفهم ما أمر به هذه الأيام .. وهل تعرف أن خجلي يمنعني بأن أخبر خالتي بأن صدري قد بدأ ينمو ، وينمو معه رعبي كل يوم ؟؟ أين أمي لتخبرني وتنصحني نصائح الأم لبنتها في هذه الحالات ؟؟ ألم يأخذها الله وترك لي خالتي ؟ خالتي التي تخبرني كل يوم بأني أصبحت (عروسة جميلة) كي تهون علي الأمر ، ولم تفهم مرة واحدة صرخاتي المتوسلة من عيني والتي تقول (أدركيني يا خالتي ، فأنا لا أفهم ما الذي يحدث لي !) .. وأي مستقبل هذا الذي تبشرني به ؟؟ أهو مستقبل مليء بمزيد من الشفقة ؟؟ وهل عرفت معنى كلمة (يتيمة) والتي يقولها المدرسين عني كل يوم لبعضهم كي لا يعاقبني أحد ؟؟ هل أحسست يوماً بما عليك أن تقوله وترد به عندما يسألك تلميذ أصغر منك : (هل أبيك عند ربنا ؟) أو (هل أمك في الجنة ؟) .. هل شعرت بقسوة كلمة عابرة من مدرس الرسم عندما يقول مازحاً (سارة .. لقد صرت معقدة نفسياً للغاية) ويضحك باقي الفصل على دعابته ؟؟ هل شعرت مرة وأنت مريض بأن ما يشفيك هو اهتمام أبيك وأمك بك وليس ذلك الدواء المُرّ الذي يصفه لك الطبيب بأجر ؟؟ هل حلمت يوماً بكابوس واستيقظت لتجد نفسك بين ذراعيي أمك وتحويك في خوف عليك كأنما عاشت هي الأخرى معك نفس تفاصيل الكابوس ؟؟ ماذا سيفعل الله في كل هذا ؟؟ وبم تنفع ثروتي ؟ لهذا كنت احتاجك يا آبيه ، طوال الفترة الماضية كنت أصرخ باسمك لكي تنقذني من نفسي ومما حولي .. أنت أكثر من شعر بي بعد أبي وأمي .. أنت أبي وأمي الآن !! أرجوك يا آبيه أنقذني .. أرجوك .

ألقت كلامها هذا في وجهي كأنما هو رصاصات ساخنة مصنوعة من كل يوم من سنوات عمرها الإحدى عشر .. ألقت علي (سارة) بجبل من الهموم كانت تخفيه في صدرها طوال ثلاثة أشهر .. عرفتني (سارة) كم كنت مهملاً لها وكم استهنت بمشاعرها ، صدمتني (سارة) بجريمتي البشعة تجاهها !! ظلمت (سارة) عندما قمت بقياس معاناتها بأعوام عمرها !!

يا لقسوتي أنا ..

ويا لجهلي وغبائي !!

رفعت عيني لها مرة أخرى .. فوجدتها تنظر إلي منتظرة رد فعلي !! وانطلق من عيناها رجاءاً حاراً كأنما هو استصراخ معذب ، فهمته عيناي وأجابت طلبها فوراً ..

فوثبت إلى صدري واحتضنتني كأنما تبغي لأن تلتصق بي لأبد الدهر ، وأحاطتني بذراعيها الصغيرتين بضمة توازي ألف ضمة قبر .. ودفنت رأسها في صدري وأخذت تبكي .. وتبكي ..

وأحطتها أنا بذراعي بقوة ، ووضعت يدي فوق رأسها وقلت في صوت مبحوح من التأثر :

  • بل الله موجود يا عزيزتي .. ومن رحمته أنه أرسلني إليكي .. الله ليس كما تخيلتيه يا (سارة) .. فلولا رحمته لما بقى مخلوق واحد في الدنيا حتى الآن .. لولا الله يا (سارة) لانتحر جميع البشر .. لولا الله لزالت الضحكات من كل ثغر .. لولا الله لما بقى للإنسانية أثر ..

    سأساعدك يا (سارة) كي تري الله مرة كما ينبغي .. وسأحاول رؤيته معك .. ننعم في دنياه ، وننعم في آخرته .. ظني بالله خيراً يا (سارة) ، فالله عند ظننا به .. انفضي عنك الهم والحزن يا (سارة) ، فكيف نحزن ولنا الله ؟؟ دعينا نصلي له كل يوم .. أوليس هذا حضناً مع الله ؟؟ دعينا نتأمل ونأمل في فجر كل يوم ، أوليس الجمال من صنع الله ؟؟

    الله يا (سارة) يأخذ بيد ، ويعطي باليد الأخرى .. الله قد يغلق شباك ، لكنه بالتأكيد يفتح باب .. الله موجود يا (سارة) وفي كل شيء ، وكل شيء من حولك هو امتداد لله .. فقط أشرحي صدرك لله ، ومدي ذراعك إلى الله .. لكي يمد الله لكي يده ..

    أما بالنسبة لفقدانك لأبيكِ ، فماذا عمن فقد أخاً وصديقاً ومناجياً وأنيساً وناصراً ؟؟ كل هؤلاء كان والدك إلي يا (سارة) !! ماذا عن شعور بالوحدة الأبدية الذي سيصعب ملؤها مرة أخرى ؟؟ كيف سأجده مرة أخرى ؟؟ لعلك لا تعلمين كم عانيت بعدما صرت وحيداً يا (سارة) ، خصوصاً بعد قراري بعدم الزواج بعد تجربتي الفاشلة – والتي تعلمين كل تفاصليها – أصحبت الحياة بلا طعم أو هدف ..

    ربما صارت الأمور على عكس ما أردنا أنت وأنا .. إلا أنه حتماً هناك طرقاً أخرى للحياة ، ربما تهرب مني الكلمات الآن وأعجز عن ملاحقتها .. لكني أعني الكثير يا (سارة) .. لن أتخلى عنك أبداً يا عزيزتي ، وأنتي أيضا لا تتخلي عني ..

    هل تسمعيني يا (سارة) ؟؟

بدأت المسكينة تنتفض وهي في صدري .. وتحكم ضمتها علي أكثر وأكثر ..


ونظرت للسقف كأنما أناجي الله في ابتهال صامت لأن يساعدني في مهمتي هذه ..

وبدأت دموعي تنهمر أنا الأخر ، دون أن تراها (سارة) ..فشتان بين دموعي أنا ودموعها هي ..


ساعدني يا ربي كي أفلح في تنشئة هذا الملاك الرقيق ، فهذا الملاك أجمل من كل ملائكتك معاً في نظري أنا ..

ساندني يا ربي لكي أكون خير عون لها ..

أعطني ما يكفي من الحكمة لأمررها لها ..

هي احتاجتني ، وأنا أحتاجك .. فكن عظيم العون لنا يا الله ..

...

لحظتها دارت في رأسي عدة أفكار مصيرية ..

أهمها أني سأكون هنا طوال الوقت بجوارها ..

وماذا عن وظيفتي ؟ غداً سأبلغهم باستقالتي .. فلدي ما يكفيني من العيش الرغد أنا (وسارة) ..

خالتها .. يجب أن تقترب لها أكثر وأكثر ، فهي بمثابة أمها الآن .. ولها دور مهم في مرحلة (سارة) العمرية الحالية ..

ويجب أن أعيد ثقة (سارة) بنفسها مرة أخرى .. علي أن أسلحها بدرع يقيها من سهام التخلف والفضول الذي يغرق فيه مجتمعنا ..

علي أن أكون أب وأم وصديق لها ..

وعليها أن تكون هي كل عالمي ..

...

أنا أعرف بأن الغد سيحمل بين طياته الكثير ، وأستطيع أن أخمن بعين الخيال ما قد يحدث فيه ..

ولكني متأكد بأن مؤخرة مدرس الرسم ستدمى كثيراً جراء ركلات عنيفة لشخص غاضب حقاً في الصباح ، وعليه أن يتعلم كيف يخاطب تلاميذه الأطفال دون استهتار لمشاعرهم ..


الكثير والكثير يدور في رأسي الآن ..

وكلها أفكار خاصة بهذا الملاك الذي يبكي في صدري الآن ..

ملاك أسمه :

(سارة) .