30‏/12‏/2009

إلى عزيزي (الأسطورة) ..!



عزيزي الأسطورة : نويل.

أو المعروف بين بلهاء الشرق الأوسط: بابا نويل .

وأيضاً المشهور بين بلهاء الغرب والشمال والجنوب والشرق الأقصى بـ (سانتا كلوز) .

لعلي أتذكر بدايات معرفتي بأسطورتك الكبيرة والتي سيطرت على أذهان العالم كله بلا مبالغة ! وأول سماعي عنك صادف بلوغي العام الرابع .. عندما كنت مجرد طفل صغير برئ المظهر .. لكنني كنت واسع الخيال ، فكنت أتساءل عن كنهك ! وكيف ستعرف سلوكي العام إذا كنت طفل شقي أم طفل هادئ المراس ، وبناء على سلوكي كنت ستنعم علي بكيس كبير من الحلوى التي يندر حيازتها إلا في المناسبات السعيدة .. لذلك كنت أفكر في شخصك كثيراً أيا عزيزي ، وأتخيلك وأنت تراقبني من فوق سقف غرفتي بشغف واضح يغزو معالم وجهك المسنة والوقورة في نفس الوقت ، لذلك كنت أشعر بالحرج منك حينما كانت أمي تحممني ، وأيضاً عندما أصحو من نومي وفراشي مبلل بما أنعمت عليه مثانتي الوردية !!

في عامي الخامس تعرفت عليك أكثر وأكثر ..

بل كنت أشعر بالشفقة عليك حينما أشاهد (الأجانب) في التلفيزيون يخطأون في نطق أسمك ويحورونه إلى (سانتا كلوز) .. أي اسم سخيف هذا ؟! أنت (بابا نويل) .. وتبلغ لي نفس درجة أهمية (بابا ماجد) و(ماما نجوى) و(جدو عبده) .. ولا أبالغ عندما أقول أن اسمك كان مقدس بدرجة بالغة في تلك السن الصغيرة .. لدرجة أني غضبت من أبن خالتي الكبير السن حين قال على سبيل الاستظراف (بابا نوال) .. كنت أعرف أنك لا تزال تراقبني وقتها ، ولعلك تنتظر مني رد فعل بليغ ورادع استحق عليه كيس أكبر من الحلوى في نهاية العام !! وقد كان ..

ومضت السنة ..

الطفل الصغير (أنا) ينام في فراشه مبكراً ارتضاء لأمر والديه ليثبت طاعته العمياء في الساعات الأخيرة من وصول الأسطورة ..

سيأتي غرفتي أنا .. ويرفع رأسي بحنو بالغ ثم يضع كيس من الحلوى تحت وسادتي الصغيرة !

ويا لها من لهفة يا عزيزي ..

الطفل الصغير يحارب بكل جدارة لكي يغلق عينيه ويسبح في الأحلام البريئة ، ولعابه يكاد يسيل كلما تذكر ألوان أغلفة الشوكولاتة الفاخرة والتي سيأتي بها (بابا نويل) في الصباح التالي مباشرة !!


في عامي السادس بدأ الأمر يختلف قليلاً ..

لقد تفتح ذهن الطفل على أمور كثيرة في الدنيا .. وأصبح لا يأبه لوجودك !! بل صار يشكك في وجودك ذاته !!

نعم ..

لقد انصرف ذهنه عن الحلوى السنوية التي تأتي بها كل عام .. وبدأ يتساءل عن أشياء شتى وأمور عدة ..

أذكر منها أنه كان يتساءل بينه وبين نفسه في خبث شديد :

« هل يتشابه مذاق حلمة النهد الأسود مع نفس مذاق حلمة النهد الشديد البياض !! » .

لعل خيالي بدأ في شطحاته في سن مبكرة .. ربما أفكاري بدت شاذة في سني هذه عزيزي الأسطورة .. ولكم عانيت منها في طفولتي .. لذلك كنت ألجأ إلى الانتقام المباشر منك أنت ..

فأنا أول من أطلق عليك لقب : الرجل العبيط ذو الأرداف الكبيرة (بالعامية طبعاً) ، وكنت أتلذذ باستنكار أصدقائي في المدرسة .. وكنت ارسم معالم اللامبالاة عندما يرد زملائي بأنك ستعاقبني على لساني الطويل .. لكني لم أتوقف .. بل تماديت أكثر وأكثر ..

لقد سقط احترامي لك بمجرد انشغالي بألعن واجبات مدرسية ودخول معترك الحياة مثلما يقولون ..

فأنا أصحو من النوم مبكراً قسراً من تحت بطانيتي الدافئة طوال الشتاء لأذهب إلى مدرستي اللعينة في برد قارص لا يعرف الرحمة بأوصال طفل مثلي .. وعلي أن أتحمل مرور وقت كئيب وممل يناهز السبع ساعات من أشخاص مصابين بأمراض نفسية مزمنة يطلقون عليهم (أساتذة ومدرسين) .. ثم أعود بعدها إلى البيت لتبدأ رحلة الواجبات المدرسية الشنيعة والمريعة والمملة ..

بينما تجلس أنت مع موظفينك الأقزام المسخرين لخدمتك يا عزيزي .. تلهو معهم في عالمك المليء بالثلوج البيضاء الجميلة .. وتحرك مؤخرتك ليوم واحد في السنة بعربتك الفارهة والتي يقودها فريق متخصص من حيوانات (الرنة) الطائرة .. ثم تتسلل بعدها عبر المداخن مثل اللصوص لتلقي بعض الهدايا هنا وهناك للأطفال البلهاء والمؤدبين .

ثم بعدها تعود إلى مكانك المريح لتستريح طوال ثلاثمائة وخمسة وخمسون يوماً (عدا السنوات الكبيسة يضاف يوم إلى المجموع السابق) !

كان لابد لي أن أتخلص من أسطورتك السخيفة بأسرع وقت حتى لا يصيبني الخبال من كثرة التفكير بك .. بل عاهدت نفسي أني لن أنقل لأولادي الخرافات المعروفة عنك .. أريد أن أملأ عقول أولادي بذخيرة عقلية تليق بمستقبل لا يتهاون ولا يرحم العقول البليدة .. ولا حتى العقول العادية ..

فلن أنقل لهم قصة البدين الذي يرتدي ملابس حمراء من الفرو الناعم يتوسطها حزام أسود عريض قد يتساقط بسبب عدم وجوده بنطالك الواسع المحيط ، ومن ثم تظهر ملابسك الداخلية !

ولن أحكي لهم عن لحيتك القطنية البيضاء والكثيفة والتي لم تعرف شفرات الحلاقة يوماً .. ولا حتى الداعي من وجود هذه اللحية العجيبة والمقيتة !

ولن أدعهم يتمسكون بمظهرك البدين والمخجل ويعتادون عليه (خصوصاً كرشك القميء يا عزيزي) .. وإلا فما الفائدة من وجود النصيحة الذهبية التي تقول : العقل السليم في الجسم السليم؟!

ولن أدعهم يستمعون إلى ضحكتك السخيفة والتي تعلن عن ظهورك ..

(هووه .. هووه .. هوووووه) ..

لو لم تكن تمتلك حنجرة رجل بالغ يا عزيزي .. واستبدلت حرف (الواو) بالحرف الذي يليه (الياء) .. لصار صدى ضحكتك مائع يليق بداعرة متمرسة مصابة بالتبلد الحسي في أعضاءها التناسلية !!


لا يوجد داعي لأن أتحمل وجودك وسخافة الطقوس الناتجة من وراء فكرة وجودك .. فأنت فكرة بالغ البعض في الدعاية لها ونشرها .. فلماذا أنصاع إذن وراء البلهاء ؟!


قد تتعجب – عزيزي الأسطورة – من هجومي الغير مبرر على شخصك الوهمي !! ولماذا أقضي وقتي في الاستفاضة الصريحة برأيي فيك !!

وهل سبب ذلك يعود إلى خلل حاد في طبيعة نفسيتي أم لا !!

أم أنني أملك الفراغ الكافي للكتابة عنك !!

أمممم ..

دعني أقول لك عن السبب الحقيقي لهجومي عليك :

نحن – البشر – لدينا ما يكفينا من متاعب الحياة ..

بمجرد أن يُقطع الحبل السري الذي كان يربطنا برحم أمهاتنا تبدأ على الفور متاعبنا في هذا العالم .. لعل هذه الحكمة بأن أول أنفاسنا في الحياة هي مجرد بكاء وعويل مرتجف .. هل سمعت – ولو لمرة – إلى البكاء المرتجف المليء بالهلع لطفل حديث الولادة ؟! هل فهمت بما تبوح به صرخاته ؟!

من حقك أن تعجز عن الفهم ..

وإن فهمت لاسودت عظامك البيضاء ونخرت أسنانك اللامعة والتي تتباهى بها في كل مناسبة تظهر فيها أنت أو أحد من بدلائك أو وكلائك الآخرين !


كما أنه من الصعب عليك أن تقحم نفسك في قتال شرس مع (النويلات) الآخرين مثلما نفعل نحن بكل إصرار .. ولا أعتقد بأن الجرائد عندكم مليئة بحوادث قتل بشعة .. ,أو أن (نويل) أخر زميل لك قد مات في معركة لا طائل منها برصاصة في حنجرته مثل مات الملايين منا ..

أسطورتك تحكي أنك تعيش في عالم مثالي .. وتهبط إلينا في يوم محدد لتتكرم على الأطفال بحلوى ساذجة تناسب أحلامهم هم .. بينما الكبار غارقون غرقاً في همومهم التي لا تنتهي ..

ولو آمن بك كبار البشر .. لقلنا أن المشاكل انتهت ..

لكن من يؤمن بك – عزيزي الأسطورة – هم الصغار فقط ..

ذوي العقول المحدودة ..

بينما الكبار يدركون تماماً أنه لا فائدة منك !!

فما الجدوى من تداول أسطورتك إذن ؟؟

ولو الأمر بيدي .. لأوقفتك في عالمك المثالي بعيد عنا .. ووضعتك في إقامة جبرية غير محددة المدة .. فأنت مجرد أمل زائف .. فقط سراب غير محدد المعالم لحين إشعار أخر ..

أخرج من عقولنا (كباراً وصغاراً) لكي ندرك أنفسنا ..

أتركنا نواجه حقيقتنا نحن في كل وقت ، وليس لأن نسبح في السعادة الزائفة يوماً واحداً فقط ..

دعنا نتحرر من سخافة وجودك الواهي ..

أذهب أنت وأصدقاءك الآخرين .. وخذوا معكم العبث الخيالي ..

لملموا متاعكم بعيداً عنا ..

لم نعد رائقي المزاج لنتحملكم جميعاً ..


الإمضاء :

واحد من البشر ..

..

وقريباً ..

البشر جميعاً .

18‏/9‏/2009

شيء من الغضب !


 

السأم ، الملل ، القنوط !

كلها كلمات تلخص شعوري أثناء وقوفي في منتصف أحد الطوابير الحكومية الطويلة انتظاراً لإنهاء بعض الأوراق السخيفة والروتينية القحة في حكومة بلدي المعقدة (الحكومة هي المعقدة وليست بلدي) !!

كل العوامل هنا تدفعني دفعاً للشعور بالإحباط العميق ..

فجدران المبنى لها لون غامق كئيب بسبب عوامل التعرية ، وأيضاً الحك الغير مبرر من أيادي مواطنين بلدي الأعزاء .. ولا أنسى ذكر منظر الأعمدة الخرسانية المشققة والمتهالكة كذلك والتي تنضح بكارثة هندسية قريبة !! لو كنت أقف داخل (صفيحة شحم) شبة فارغة لتفهمت الموقف ! لكني أقف هنا بداخل مبنى حكومي الهدف منه هو خدمة مواطنين مصر الأعزاء !


 

ألقي بعدها نظرة سريعة على وجوه الموظفين أنفسهم ..

يا للعجب .. الكآبة والغباء تمتزج معاً في تجانس فريد لتصنع لوحة واقعية لما سأواجهه عند التعامل مع هؤلاء البشر الغير اعتياديين بالمرة !

لو دققت النظر إليهم لوجدت رتوش مبهمة لختم النسر واضح الجناحين على جباههم ، ولكن من يريد التدقيق في وجوه هؤلاء؟

فلأنهي غايتي هنا ، ثم أنسف المكان نسفاً من ذاكرتي دون ندم !

من يريد الاحتفاظ بمشهد لـ (معبد البيروقراطية) هذا ؟


 

نظرة سريعة على أول الطابور ..

لا توجد مبررات متفائلة على قدوم دوري أنا في خلال النصف ساعة القادمة !

نظرة سريعة إلى عقارب ساعتي والتي بدأت في الشك في إصابتها بالعرج المباغت ! فهي – أي العقارب – تدور حول نفسها في بطء عجيب وكأن العدوى قد أصابتها من أطياف هذا المكان !

ترحمت في سري على روح الفقيد والعبقري (ألبرت أينشتاين) صاحب النظرية النسبية ، هنا أنسب مكان لإثبات نظريته المثيرة للجدل .. هنا الوقت يمر كأنه ألف سيف على ظهر المواطنين الأعزاء ! هنا الزمن يأخذ (قيلولة إجبارية) بجوار أحد الجدران العتيقة حتى تنتهي إجراءاتك بمعجزة ما ، ثم يسارع بالهرولة إليك ليعاود نهش ما تبقى من عمرك في صبر مجيد يليق بالزمن !!

لازال الطابور طويل ..

على الرغم من ذلك مازال لدي طاقة رهيبة من الصبر ، وقد حان وقت استخدامها !


 

* * * * *


 

الغضب ..

يجوز وصف الغضب عند أي إنسان بأنه مثل المارد الحبيس داخل قمقم سهل العثور عليه في أي مكان !

طالما وجدت العوامل الكافية لإثارة هذا القمقم فسيخرج المارد منه بكل يسر ..

الغضب هو مارد قبيح الشكل ، ولا توجد هيئة معينة تعبر عنه ! فهو يخرج في هيئة مختلفة في كل مرة يغادر قمقمه !

لكن على عكس الأساطير ، لا يحقق هذا المارد أمنية ما ، بل يسعى دائماً للكارثة محققة بأي شكل وبكل وسيلة أوتيت له ..

هناك بشر يضعفون ويرضخون لرغبات هذا المارد الأرعن وينساقون وراء أوامره بمنتهى السهولة والانقياد .. وهناك نوع أخر يحاربونه بكل بسالة ومثابرة ..

النوع الثاني قل وجودهم تدريجاً في هذا العالم بطريقة مثيرة للتساؤل ! على أي حال هؤلاء البشر هم من نطلق عليهم في ثقة : (أبطال) ، فهم أفلحوا في محاربة هذا المارد والانتصار عليه في معارك حامية الوطيس .

ولكن ..

إلى أي درجة يمكن لهؤلاء الأبطال الصمود أمام هذا المارد ؟

سؤال يطرح نفسه في قوة ، وفي انتظار تجارب الحياة لتجيب عليه ..

فهل ستجيب عليه يا ترى؟؟!


 

* * * * *


 

ثلاثة أشخاص – فقط – انهوا باقة من ألعن الإجراءات سخافة ، وها هم يغادرون الشباك والمبنى كله في سعادة غامرة وبادية على وجوهم ، ثمة نظرات حسد ملحوظة تلاحقهم من الواقفين في أخر الطابور !

وأنا صامد على حالي ، ولازلت أملك الرصيد الكافي من الصبر المتراكم لدي .

أحاول محاربة جيوش الملل التي تبغي اجتياحي بالنظر إلى أركان المبنى ، كأني أحاول – عبثاً – العثور على الزمن التائه مني في مكان ما في الأرجاء .. بعد محاولات شتى عرفت أنه لا فائدة من البحث ، فلأعاود النظر إلى الشباك راجياً أن تعمل الخلايا الرمادية للموظفين بهمة ونشاط ليوم واحد حتى .


 

دون إرادة مني تابعت عيني هذا المتسلل والذي يزحف بخفة ثعبان يافع ورشيق ليقف أمامي في الطابور !

ابتسمت لهذا المشهد العجيب .. فحال هذا الطابور شبيه بقطار طويل يسير بطريقة ما ، ومحاولته هذه أشبه من يحاول إضافة عربة أخرى في منتصف القطار أثناء سريانه ! محاولة توصف بالعبثية وإهدار للوقت المهدور أساساً.

لمحته وهو يقف في ثبات مثير للريبة أمامي أنا بالذات .. وقد ظن أنه أنتصر في احتلال مكانه بوضع "القدم" .

في موقف أخر لكنت صفقت بكلتا يداي إعجاباً بقدراته (الأستعباطية) ، لكن لسوء الحظ أنه يقف أمامي أنا .


 

رتبت على كتفه بحركة خفيفة استدار هو إلي على أثرها ..

من مجرد رؤيتي لنظرات عينه المتسائلة والمفاجئة ذاد إعجابي بقدراته اللامتناهية في (الاستعباط) ، ولو أن عيناه لا تخفي قدراً عظيماً من البلادة واللزاجة في آن واحد !! ولكن من أنا لأحكم عليه من خلال نظرة عين واحدة ؟ ومن هو لأضيع وقتي – الضائع أساساً – في محاولات للحكم عليه ؟!

قلت له وابتسامة خفيفة على وجهي :

  • حضرتك واقف في مكاني .

أصيب هو بحالة ذهول عميقة من جملتي !! لعله يحاول التفكير في كيفية وقوفه في مكاني في حال أنني أقف في مكاني أساساً في الطابور !! وقد عزز فكرتي هذه عندما قال في عفوية :

  • مكانك أزاي يا (باشا) .. ما أنت واقف أهو ؟!
  • أنا فعلاً واقف في الطابور ، بس أنت أخدت مكاني في الدور لو تاخد بالك .

لعله لم يتوقع ردي على سؤاله ،. ولم يحاول التفكير في مبرر مفحم لفعلته هذه ، فجاء رده ملفوفاً برداء يستعمله المصريين في كل لحظة بلا كلل :

  • معلش يا (باشا) .. أصلي مستعجل .

رغماً عني ذادت ابتسامتي أكثر من رده الثاني ، فقد كانت إجابته متوقعة بطريقة لم أتوقعها .. لذلك رددت بسرعة :

  • أولاً : أنا مش (باشا) .. ثانياً : كلنا هنا مستعجلين زيك .. بس النظام نظام !
  • نظام أيه بس يا (باشا) .. أنت واقف عند الحكومة .. صلي على النبي في قلبك .
  • طب معلش ، أنا مش حقدر أخليك تقف قدامي .. أنا صحيح واقف عند الحكومة ، بس ححاول أطبق النظام قدامي على الأقل .
  • عافية يعني ؟

باغتني أسلوبه في الحوار .. الحديث معه يتخذ منحنى غير مألوف لدي على الإطلاق !! ربما لهذا السبب تضرع عظيمنا (سقراط) لآلهته في أن تمنحه عقلان ، واحد يفكر به لنفسه ، والأخر يتعامل به مع الناس !

ابتسمت ببرود وأن أرد عليه قائلاً :

  • الموضوع مش مستاهل عافية ولا حاجة ، بعدين لو حنتكلم عن العافية ، أنت بنفسك عايز مكاني عافية .. تفتكر أنا حسمح لك ؟

عندما نطقت أخر عبارة في الجملة السابقة تعمدت أن أركز عيني في عينه بعمق .. وفوجئت بعيناه تحاول الهروب من حصار عيني .. وكان رد فعله أنه خرج من الصف وهو يتأفف ويغمغم بكلمات مبهمة سمعت منها :

  • يا فتاح يا عليم ، أيه اليوم اللي مش عايز يعدي ده ؟!

لم ألق بالاً بهذا الشخص بعدها ، فقد تركز انتباهي على أول الصف ومن ثم محاولة استنباط الوقت المتبقي لأصل إلى الشباك بعد رحلة من الواضح أنها شاقة وعسيرة !


 

* * * * *

الغضب مثل البحر ..

له مد وجذر !

وأمواج هادئة وأخرى هادرة !

هناك من يستطيع الإبحار في أعاتي الأمواج ولا يتأثر بالموج المجنون !

وهناك من يغرق بسهولة من أقل اهتزاز ..


 

الغضب مثل البحر ..

له بداية شاطئية رملية ..

ونهايته مجهولة مهماً بلغت حدة البصر !

يقال أن العقلاء دائماً ما يلتزمون بالشاطئ نائين بأنفسهم عن الخوض فيما لا يعرفونه !!

أما المتسرعين فيتوغلون في أعماق (بحر الغضب) دون التأكد من توافر سترات نجاه تقيهم من الغرق في بطن المجهول !


 

الغضب مثل البحر ..

فمن يستطيع أن يتخذ له صديق غادر؟!


 

* * * * *


 

  • يا أخي الشعب المصري ده عليه حاجات تغيظ .. شعب متخلف بعيد عنك !!

من دون جهد عقلي يذكر أدركت أن صاحب العبارة السابقة هو أخينا المتحذلق إياه .. وقد لاحظت أنه يقف على جانب الطابور الممل وليس في أخره ، واضح أنه مصمم على موقفه في (التناحة) .

أخينا بدأ – كالعادة – في الولولة بصوت مسموع لكي يكسب تعاطف وتأييد الواقفين من حوله .. كان عليه التأكد بأن أحداً لن يتحمس ويتأثر بقضيته ويعطيه مكانه في الدور ! لذلك بدأت حدة نبرته في التصاعد رويداً بدون أي تعاطف من الحضور ..

لدينا هنا في مصر سمة غريبة بعض الشيء !! كلما مر أحدنا بموقف مستفز فأنه يبادر بالهجوم على عادات الشعب بأكمله !! وكأن المتحدث من قارة أخرى ..

المربك في الموضوع أنني – نفسي – بدأت أحذو درب هذا المتحذلق في أهجو عاداتنا السخيفة ..

فلأنسى الموقف برمته .. فلا شيء يهم على أي حال !

كم تبقى لي يا ترى في هذا السجن الروتيني ؟؟!


 


* * * * *


 

الغضب ..

والحب ..

على الرغم من غرابة المقارنة بينهما .. إلا أنهما يشتركان في صفة واحدة مشتركة :

العمى ..

فالغضب أعمى ..

والحب أيضاً أعمى ..

إلا أن (عمى الحب) لشيء مقبول نوعاً ما في سلوكنا الإنساني المتلاطم!

و(عمى الغضب) مكروه العواقب دائماً ..


 

أحياناً يرحب بعضنا بالحب الأعمى ، ويستسلم كلياً لغزوه الحثيث علينا ..

جائز أن تكون نهايته سعادة .. وجائز أن تكون تعاسة مجردة ..


 

إنما .. الغضب ؟؟!

(تهور ورعونة وطيش وحماقة وسفه) ..

صفات تجتمع معاً لتحقق المعنى الكامل لنهاية مؤسفة دائماً ..

يقال أن (الغضب والحب) تجسداً في هيئة بشرية ، فألتف الناس نحو (الحب) يرحبون به ويهللون لوجوده ، و(الغضب) يقف وحيداً ويحتويه شعوراً عميقاً بالازدراء من الناس قاطبة ! فتحور إلى وحش كاسر وأتخذ من كيان (الحب) عدواً ، فذهب إليه ليبلغه بموعد للقتال حتى الموت ، فقال له (الحب) :

  • لكني لا أملك ما أحاربك به ، فكل أسلحتي عبارة عن : (سهاد وتنهدات وعواطف صادقة وأحاسيس جياشة) .. وأنت عبارة عن : (الحقد والكره والغل).. فكيف نتلاقى ؟!

فثار (الغضب) من كلام (الحب) فضربه في عينه فأضاع نورهما إلى الأبد ..

وهاج الناس وماجوا من فعلة (الغضب) ، فتكاتفوا عليه وفقأوا عينيه مثلما فعل هو (بالحب) ..

إلا أن (الغضب) همس في سعادة إلى (الحب) :

  • أرأيت ؟؟! لقد انتصرت أنا في النهاية .. لقد رسخت عقيدة (الغضب) من هذه اللحظة في عقول الناس إلى الأبد .. لقد أتممت رسالتي على الوجه الأكمل .. لقد ذهب بصري إلى الأبد ، وفي المقابل ضاعت بصيرة كل الناس بعدما تشبعوا بكل صفاتي ..


 

رد عليه (الحب) في هدوء :

  • قد يضيع بصيرة بعض الناس ، إلا أنني على ثقة بأن الناس سيأتون إلي أنا طلباً للمشاعر السامية .. سأكون ثالث العاشقين دوماً .. أنا أعمى .. ولكن المخلصين سيمسكون بيدي إلى نهاية الطريق، بينما سيهرول إليك كل الطائشين ويجرونك إلى طرق تتخللها حماقة وبؤس ودمار ! لست بحاجة لإعلان الفوز الآن !
  • نعم .. دعهم هم من يقررون .. دعهم يختارون بيني وبينك !

قد يكون (الغضب) وساوس هادرة تكتنفك ..

وقد يكون (الحب) همسات ناعمة تحيط بك ..

لكنك أنت من تختار حليفك .. وأيضاً عدوك .


 

* * * * *


 

  • وبعدين في اليوم اللي مش فايت ده ؟؟!

نعم .. لازال هو على موقفه .. سخيفاً ولزجاً كذباب الصيف . مزعجاً وأجش كصرصور الغيط !

أنهمك في إشعال (سيجارة) ، ثم سحب منها نفساً عميقاً وبصق على الأرض بعدها وقال :

  • عطلة على الفاضي وعلى المليان ، ناس مش فاهمة شغلها وبيتحكموا في الخلق كأننا أحنا اللي شغالين عن اللي خلفوهم !

هنا يتدخل أحد (المطيباتية) لتهدئة الرجل المعتوة بعدما تحول إلى صداع حقيقي في آذان الواقفين بلا استثناء .. ربما كان دوره في البداية مجرد استعراض مجاني يتابعه الحضور كنوع من كسر الملل والتسلية.. لكن مع الوقت تحول إلى اسطوانة سخيفة وباهتة تكرر نفس الكلمات بلا أي تجديد ..

  • بعدين هم جايبين (نسوان) يشتغلوا ليه ؟! هه؟؟ من قلة الرجالة في البلد دي؟! ليه مش قاعدين في بيوتهم ويريحونا منهم ؟؟ هي البلد دي ماشية بـ (*****) في كل حاجة كدة ؟!

النجوم ما بين القوسين هي بديل عامي فظ لكلمة (مؤخرتها أو ردفها) ..

هنا استدرت له وقد علا صوتي قائلاً :

  • ما تحترم ألفاظك يا (جدع) انت ، في ناس محترمة واقفة معاك هنا .. عيب الكلام اللي بتقوله ده ! عمال تجعجع من الصبح وأحنا ساكتين لك .. أحترم نفسك شوية ! بعدين ممنوع التدخين في الأماكن اللي زي دي .

بعدما نطقت أخر كلمة في جملتي السابقة ، أدركت أن هناك منحنى أخر للحوار سيحدث بعد قليل ..

ما الذي سيحدث يا ترى ؟


 

* * * * *


 

الغضب ..

والمنطق ..

حزمة واحدة متكاملة سريعة المفعول ..

لنقل أنها معادلة متساوية الأطراف ومتكافئة دوماً ..

المنطق هو مسكن قوي لأعراض (الغضب) المفاجئة .. وهو كفيل بإزالة أي جلطات تسببها أي نوبة (غضب) ..

أنزع (المنطق) من الواقع .. ستجد لديك (غضب) خام وعوامل كثيرة محفزة لانطلاقه بكل شراسة !!

كثيراً من الخلافات الشخصية في حياتنا يكون سببها (أنيميا في المنطق) .. وكثيراً ما تنتهي هذه الخلافات بعد تبادل قوي للمنطق ..

التفسير العقلاني هو وحده الذي يودي بالغضب المتراكم داخل كل فرد فينا ..

إلا أن المنطق سلاح ذو حدين ..

وكثيراً ما يستخدمه السفهاء نأنهأنلتبرير (الغضب) اللامعقول ..

هناك إذن (منطق موجب) وأخر (منطق سالب) ..

  • الأول شبيه بسحابة سخية جاهزة للإمطار على شعلة نار طفيفة وضعيفة ..
  • والثاني أشبه بالبنزين اللاهف على الانتشار بكثافة على نفس الشعلة ..


 

باستخدامك للمنطق المتوازن .. ما هي النتيجة في الحالة الأولى ؟؟!

وما هو الفرق بين ما سيحدث في الحالة الثانية ؟؟!


 

* * * * *


 

  • وأنا كنت بقول عليك (باشا) وطلعت أنت راجل مش محترم خالص ..
  • حقول لك تاني : أحترم ألفاظك أحسن لك .
  • مش بقولك ، واخد الدنيا عافية على الفاضي .. بعدين حتعمل أيه يعني ؟! شكلك (فرفور) وبتاع (بابا وماما) .. يعني أخرك حتنادي بتوع (السيكورتي) وتعيط لهم شوية وخلص الفيلم على كدة .. يا عم خليك في حالك أحسن لك بدل ما أعرفك شغلك كويس ..

قالها ودفعني في كتفي بغلظة أرتج على أثرها جسدي النحيل وتراجعت إلى الوراء مرغماً بسبب حركته الفجائية !

واستطعت أن ألمح نظرات شماتة غير مبررة من الواقفين حولي ، لكني لم أعيرها اهتماماً بالمرة .. لقد تركزت حواسي كلها على هذا الكيان المعتدي الماثل أمامي ..

اقتربت منه في هدوء ، وعلى وجهي ابتسامة وديعة وبريئة تماماً لا تناسب الموقف !!!.


 

* * * * *


 

الغضب ..

والخوف ..

يتشابهان كثيراً في بعض الأعراض الفسيولوجية ..

تسارع دقات القلب ، العرق البارد ، ضخ الأدرينالين في الدم ، بطء في الهضم ، خلل بسيط في الأعصاب ينتج عنه رعشة واضحة للعيان ..


 

الخوف يكون ناتج عن عدم تفسير المخ لمشهد مبهم أو موقف مرعب أو وسواس لا تفسير له !


 

أما الغضب فيكون المخ فيه مستثار لعوامل خارجية تسيطر على كافة وظائف المخ وتؤهله لاتخاذ قرارات عصبية غير محسوبة النتائج .

دائماً ينصح علماء النفس بتمارين بسيطة لدرء الغضب في حالات الشدة ، والغرض من هذه التمارين هي تشتيت انتباه المخ عن عوامل الإثارة هذه وتطلب منه التراخي لعودته لحالاته العقلانية لمعالجة هذه المدخلات الجديدة ، أي أنها تعيد المخ إلى كرسي عرشه في الدماغ من أجل استمرار عمله ووظيفته ..

مثل العد من 10 إلى 1 بطريقة هادئة ومصاحبة كل رقم بشهيق عميق وإخراجه من الأنف ببطء ..

أو مثلاً تخيل مشهد طبيعي خلاب في خيالك مع التركيز في أدق التفاصيل فيه !

أنها مجرد محاولات شرعية لقتل الغضب في بداياته قبل أن يتضخم ويستولى على كافة الإشارات الحسية المنبعثة من المخ . أي قبل أن تزداد الأمور تعقيداً .

السؤال الأخير هنا :

هل بإمكان كل فرد فينا على السيطرة على نفسه فعلياً على الرغم ما قالته كل الكتب النفسية الحالمة ؟؟!


 

* * * * *


 

صرت الآن أمامه حتى كاد وجهي يلامس وجهه ..

نظرات التحدي تنبعث من عينه بكل جلاء ..

وجهي لا يزال هادئ كما هو ..

وفجأة ..

انطلقت ركبتي اليمنى قاصدة ما بين فخذيه كأن ركبتي تعرف طريقها بعناية ودقة .. ولكي أكون صريحاً : لقد شعرت بخصيتيه وهي تلامس ركبتي قبل أن ترتطم بعظام حوضه ..

أعترف أنه شعور مؤلم يدركه كل رجل على هذا الكوكب ..

لم أتوقف كثيراً لأتأمل انحناءته للأمام كردة فعل عكسية تلقائية .. بل عاجلته بلكمة أخرى عمودية لأعلى على ذقنه .. عمودية وليست جانبية لأنه وقع على أثرها على ظهره .. وبالصدفة استقرت رأسه على (بصاقه) القذر المنظر ..

وبطرف حذائي ركلته بقوة في رأسه بغيظ ، تحديداً في أذنه ، لم أفكر في شناعة وبشاعة وألم هذه الركلة .. لكني فعلتها غير أسفاً عليها ..


 

تكاتف علي بعض من الواقفين وأمسكوني بقوة ليبعدوني عن الجسد الطريح والذي بدأ في النزف ، ثمة عبارات مألوفة سمعتها على الرغم من نوبتي هذه على غرار :

  • (خلاص يا باشا أنت الكبير) ، (هدي نفسك مش كدة) ، (عيل وغلط ، حقك عليا أنا) ..


 


 

في داخلي أنا كان يحدث تكاتف من نوع أخر ..

لقد حوصرت من شلالات (المنطق والواقعية والعقلانية) التي تؤنبني بعنف وبشدة ..

لقد كنت أنظر إلى الرجل الذي بدأ في تحسس مناطق آلامه على أنه هو المنتصر لا أنا !!

نعم .. لقد أنتصر هو علي للأسف وخسرت أنا معركتي أمام الغضب ..

ما أقسى أن تحكم على نفسك بالفشل عند مواجهة بسيطة مع الواقع ..

أزحت أيدي الناس من على صدري بهدوء ، وتراجعت للوراء قاصداً باب المبنى أبغي الرحيل بانكسار .. ورأيت بعين الخيال (جسد الغضب الأعمى) وهو يقوم برقصات النصر من حولي وهو يطلق صيحات الفوز ..

شعور حارق بالهزيمة يعتريني ..

أحاول الهروب من ظلي الذي يشدو بترانيم اللوم إلي ..

لقد فشلت ..

ويا لهول ما فشلت فيه ..


 

* * * * *

الغضب ..

الكثير قيل عنه ..

والأكثرهو ما لم يقال عنه بعد .

19‏/6‏/2009

ذات (البتاع) الأسود !!

؟ ؟ ؟ :

في مكان ما ..

يتجسد الكون كله أمامي ..

يتشكل – ببطء – على هيئة راقصة بالية ..

أرمقه شذراً وهو يحاول الرقص بليونة ..

فتأتي حركاته مملة وسخيفة وعبثية ..

مع أنني – أنا – المتفرج الأوحد هنا ..

لكن القنوط يصيبني ..

فأقطع عن الكون رقصه ..

وبنظرة غاضبة مني أحوله كله إلى كتلة ورقية عديمة الملامح ..

وأمُد قبضتي إليه ..

ثم أقوم – في سأم – بكرمشته بين أصابعي ..

وببرود ألقيه بعيداً ..

يا لك من كون فاشل ..

ألا تجيد حتى الرقص من أجل تسليتي ؟!


لنحاول البدء من جديد :


« الجو حر النهادرة .. ».


تحت الأرض ..

داخل إحدى عربات مترو الأنفاق !!

واقفاً بهدوء أحاول تجاهل سخافة الحوارات التي تدور من حولي من بعض الأشخاص الذين أعطوا لنفسهم الحق في إذاعة مشاكلهم الخاصة على جيرانهم العشوائيين في عربة المترو بمجرد شرائهم تذكرة المترو !!

نظرات عيني اللامبالية تصد كل المحاولات المثابرة لفتح أي جبهة حوار معي!

هناك متحذلق أفتى بأن الجو حار منذ دقيقتين.. ألا أنني أحرجته عامداً بنظرات عيني التي تقول له – وللجميع – بكل جلاء:

« عفواً أيها السادة !!

مهما بلغت درجة أهمية حواركم فلن يلقي أي قيمة بالنسبة لي أنا !!

فلتحتفظوا بهمومكم الخاصة لأنفسكم وتخرسوا تماماً طوال ارتيادكم المترو .. ».


ثمة فكرة مستحيلة وردت على ذهني أثناء شرودي المتعمد !

كم تمنيت أن أغلق أذني – مثل الوردة – أمام كل حديث تافه يدور أمامي كنوع من الإحراج السلمي !

لكنني – للأسف – لا أستطيع التحكم بصوان أذني ..


بداية ثانية تجريدية نوعاً ما :

أراقب في كياسة المترو وهو يقف عند كل محطة ويفتح فمه ويتقيأ بشراً بكل غوغائية ..

وفي نفس الوقت (يظلط) بشراً بكل شراهة غوغائية أيضاً !!

بدا لي المترو لحظتها بمن يتجشأ ويتثاءب في نفس الوقت !!

على الرغم من همجية المشهد إلا أني أتابعه بفضول ثابت لا يتغير في كل مرة !

أنه نوع من (كوميديا التخلف الحضاري) المصاب به بلدي (مصر) .. ولا يبدو أنه سيشفى منه إلى الأبد !

من هو السريالي الأحمق مؤلف أغنية (عظيمة يا مصر) ؟!


المترو يزداد زحمة !!

الباب المفتوح يستمر في ابتلاع الناس بلا حساب ..

لحظتها أحسست أنني (حبة أرز) يكبسها الأصبع الأوسط المكتظ والسمين لسيدة مصرية تقوم بعمل (محشي باذنجان) بكل حماس ..

هنا .. في المترو تقوم (الهمجية) بلعب دور "الإصبع الأوسط" بكل كفاءة !


* * * * *


الموضوع نفسه :

أنقطع حبل شرودي فجأة !!

وشعرت بشوشرة غريبة على أثير أفكاري التي راحت تتقافز هنا وهناك في فوضى ورعب وهلع !

شيء ما أقتحم عزلة أفكاري الشاردة ويتحرش بها في صفاقة ..

..

بدأت أعود إلى الواقع شيئاً فشيئاً .. ووجدت نفسي محاطاً باللون الأسود في معظم الجهات ..

كأنني شبة جزيرة محاطة بالسواد عوضاً عن البحر !!

هل هبط علي الظلام فجأة من أعلى مستخدماً وسيلة أشبه بـ (ماسورة المطافئ ) الشهيرة ؟؟

« ما الذي يحدث؟ ».

لم تطل تساؤلاتي كثيراً وهبطت أفكاري العزيزة إلى مراكزها عندما عادت (الجاذبية المنطقية) إلى خلاياً مخي ..

فأمامي كان يقف طوطم أحادي الجبلة ..

أو ما يطلق عليه باللغة الفصحى :

« امرأة منتقبة » !

أو طلباً للبساطة التعبيرية سأقول :

« لمحت أمامي امرأة تلبس النقاب » ..!!


* * * * *


لا إرادياً قام عقلي بإصدار أوامره العصبية إلى مراكز الشم لديه بعدم استقبال أي روائح من المحيط الخارجي ، والتدبر في استقبال الهواء من الفم وليس الأنف .. إجراء وقائي حتى أجتاز هذه المحنة اللعينة !!

اعتاد عقلي على خلط ومزج مشهد الكيان الأسود هذا بألعن الروائح العضوية المعروفة وغير المعروفة .. نفس الشعور اللاإرادي الذي يراودك عندما ترى الدم فتشعر فجأة بالألم أو بالقشعريرة!!


أتنفس الهواء حثيثاً وبمنتهى البخل من بين شفتاي .. وعيني ترمقان ذلك الكيان الأسود القابع أمامي بكل فتور ومقت واضحان!

هنا أنعقد حاجباي لأقصى درجة وأنا أتأمل في ذلك الطوطم عديم الملامح ..

هذا هو الجيل السادس من أنواع النقاب العديدة والمنتشرة بكثافة – ويا للعجب – في القرن الحادي والعشرين .. وأين ؟؟ في مصر !!


هذا النوع لا يحتوي على أي من فتحات الأعين ؟!

كاد حاجباي أن يحتضنان بعضهما من فرض الدهشة ..

واقتربت برأسي إلى ما افترضت أنه مكان رأس مرتدية النقاب ..

وبدأت أبحث عن دلائل تؤكد لي أنني أنظر إلى وجهها وليس مؤخرة رأسها !! لكني فشلت بسبب الزحام .. إلا أنني تأكدت فعلاُ من أني أنظر إلى وجهها بعد ملاحظتي لبروز صدرها والذي كان في مواجهة صدري أنا !!

لم أكن أصدق أبداً أن هناك ما يسمى (محشي امرأة) ..

لكنه هنا .. وتقف أمامي !!


يقولون في الأمثال :

  • تحت العمة شيخ .
  • تحت القبة قرد .

وبسبب ما أراه الآن فأني أضيف :

  • تحت النقاب (أنثى).

!!!

عاودت النظر إلى ذلك الطوطم مرة أخرى في هدوء !!

حاولت أن اخترق ذلك السواد حتى أصل إلى ما تحته .. ليس لغرض غريزي شهواني مني !! إنما لأتأكد أنه توجد حياة عاقلة أسفل هذا السواد العظيم !! لكني فشلت في العثور على أي مؤشرات حيوية !! نفس الشعور الذي يراودني عندما أقف بجوار دولاب ملابس أسود اللون !


نظرت ملياً إلى هذا الطوطم !!

ثم أشحت بعدها بنظري بعيداً ..

إلى طوطم أخر يقف عند أقصى يمين عربة المترو !!

هذا الطوطم مختلف نوعاً ما عن الذي يقف أمامي ..

فقد كان الأخر مكشوف العين !!

نعم ..

هذا (الموديل) له فتحة تكشف العين بكل جلاء ..

يا للعبث ..!

أنني أتعرض لعوامل الإثارة الفجة ..

كادت أن تتفجر مني البراكين المنوية العاتية تأثراً لكم الإثارة التي أتعرض لها في هذه اللحظة !

فأناً أرى عينان مكشوفتان .. ومباشرة !!

اللعنة !!

لقد أثر في ذلك الطوطم المصمت لدرجة أن رؤيتي لعين أنثوية هو كفيل بإثارة الغرائز الجنسية عندي إلى هذه الدرجة ؟

هل قتلت كتلة السواد هذه جميع حواس المنطق لدي إلى درجة إصابتي بالهلع الجنسي لمجرد التنفيس ؟

هل أصبت بالكبت جراء لحظات قليلة لا تتعدى العشر دقائق وقوفاً أمام ذلك الثقب الأسود ؟

أخشى أن تتحول كل المتحجبات المكشوفات الوجه هنا في العربة إلى عوامل إثارة قد لا تحتملها قدراتي !

أخشى أن تتبدل باقي عربة المترو في نظري إلى (شاطئ للعراة) !

أخشى بعد أن تعمقت في الظلام لفترة وجيزة أن يتحول ضوء شمعة باهت إلى شمس عملاقة في نظري !!


* * * * *


من المألوف أن ترى المهرج في السيرك !

ومألوف لديك أيضاً أن ترى ملابسة العجيبة والأصباغ الشاذة على وجهه !

ولن يعتريك الدهشة أبداً عندما ترى ذلك المهرج في مكانه: السيرك !


ولكن ما هو شعورك عندما ترى ذلك المهرج بكامل عدته وملابسه وأصباغه وهو يقف بجوارك في طابور العيش في فرن بلدي ؟؟

هل هذا مألوف لديك ؟؟! (دع الإجابة في سرك !) ..


هناك أنواع مقدسة من المهرجين لا يعرفون أنهم مهرجين ثقيلي الدم والظل معاً ، هم يمشون بيننا بكل حرية وتبجح دون أن يعترض أحد منا !!

أنهم رجال الدين !

وجميع رجال الدين – بلا استثناء – لديهم (يونيفورم) خاص ومستقل بذاته ومعترف به مهما بدا غرابته :

  1. هناك نوع مشهور بارتدائه لطربوش أحمر غامق فوق رأسه كان منتشراً إبان العهد البائد (أوائل القرن العشرين) .. لكن في حالتنا هذه يكون الطربوش بدون (زر) عادة ..

    ويتم الاستعانة بقماش شبيه بـ (الشاش الطبي) ويغطي به جوانب هذا الطربوش ويترك السطح مشكوفاً (؟؟!).

    أما الملابس نفسها لا تخرج عن الجلباب أو القفطان ! وطلباً للفخامة والأناقة يتم لف الوسط بقماش أحمر مقارب للون الطربوش !

    ناهيك عن سخافة هذا اللباس في العصر الرقمي الحالي ، فإن هؤلاء القوم يمتازون دائما بتحجر العقول وتعنت الآراء وبلادة في الفهم وهمجية الطباع !

    هؤلاء يسمون بـ (الشيوخ) !

    وهي جمع كلمة (شيخ) ..

    ومعنى (شيخ) هو : الرجل الطاعن في السن !!

    أي أنها كلمة ليس لها أي دلالة دينية في أصول اللغة !

    إلا أننا اعتدنا أن نصف بها – بمنتهى التبجح – طالب أزهري مراهق أخضر الشارب كدليل على المكانة العلمية الرفيعة !!

    أيضاً يستخدمها أهل الخليج كلقب ملازم لأثرياء النفط الأسود ! فمن الشائع هناك أن تسمع : فخامة سماحة معالي سمو الشيخ فلان بن ترتان بن آل مش عارف أيه !!


    تعددت المعاني والكلمة واحدة !


    بالطبع لا يمكن أن ننسى الجزء الأهم والمميز للشيوخ قاطبة:

    اللحية !

    فلا يهم أن يكون شكل اللحية مشابه للحية جدي (زرايبي) هرم .. المهم أن يكون هناك لحية !

    ليس مهم الشكل العام للملتحي !! المهم أن يكون هناك لحية !

    ليس مهم وجود سبب أساسي لوجود اللحية !! المهم أن يكون هناك لحية !!

    طالما أن الملتحي يقنع بوجود جزاء وثواب على إنتاج بصيلات غدد خده وذقنه .. فهذا شأنه الخاص .. وليس مهمتي مناقشته فيما يعتقد !!


    كان هذا نبذة عن مهرج من نوع خاص ..


    وخالص اعتذاري للأخوة المسلمين لو جرح كلامي مشاعرهم !


  2. هناك نوع أخر من المهرجين يمتاز بالملابس السوداء والقبعات الغريبة ! وهذه الملابس تختلف حسب درجة ورتبة الشخص نفسه .. وتختلف من طائفة إلى طائفة أخرى !!

    معظم الملابس هنا سوداء اللون ومطعمة بالذهب (عدا الشماسة باللون الأبيض)!

    أما عن المسميات فهي غريبة المعنى عن الأذن المصرية والعربية قاطبة !

    فأشهر كلمة تصفهم عامة هي (قسيس) !

    وهناك كلمة أخرى شهيرة هي (البابا) ..

    وفي مصر معتاد أن يقول الجميع (مسلمين ومسيحيين) :

    أبونا فلان ..

    وهناك الأسقف و البطريرك والكاردينال وغيرها من الألقاب العديدة ذات الأصول اليونانية القديمة !

    السمة العامة لجميع القساوسة جميعاً هي : اللحية !!

    فمن النادر للغاية أن ترى قسيساً حليق الوجه!!

    كأن رؤية الناس العوام لخد قداسته ينقص ويقلل من شأنه (الباباوي)!

    للمرة الثانية أجد علاقة ثلاثية وطيدة ما بين : ( رجال الدين – الدين – شعر اللحية) !! شيء مريب حقاً !!


    وخالص اعتذاري للأخوة المسيحيين لو جرح كلامي مشاعرهم !


  3. الرداء الأسود مرة أخرى ! لكنه يختلف عن الفئتين السابقتين !! هنا الرداء شبيه ببذلة أنيقة (!!) وقبعة ذات طابع خاص أشبه بتلك القبعة المميزة لرعاة البقر في أمريكا القديمة !!

    أنهم (الحاخامات) أو (الراباي) .. المهرجين اليهود !

    وهم ذو طابع منغلق يشابه كثيراً طباع شيوخ المسلمين في نواحي العصبية والأفق الضيق والغباء المفرط !!

    لذلك من الطبيعي أن ينمو العداء أكثر وأكثر بين هؤلاء الفئتين تحديداً !

    يميز الحاخام – بجانب لباسه – بالسوالف المضفرة على جانبي وجهه ! لكنه يتفق مع المهرجين الآخرين في الشكل العام للحية ، ويتنافس معهم في طولها !

    اللحية ؟!

    مرة أخرى ؟

    أعتقد أنه لو أتيح للناس رؤية ثلاثة من المهرجين السابقين مجتمعين معاً وعرايا من ملابسهم ، فلن تتمكن كل فئة من معرفة المهرج الخاص بها .. حتى مع وجود اللامؤخذة (الذقن) !!


    وخالص اعتذاري للأخوة اليهود لو جرح كلامي مشاعرهم !



هناك آلاف من الأديان الأخرى التي يلتزم متبعيها بطقوس معينة في الملابس والتي تميزهم عن غيرهم ..

لكني تعمدت ذكر الديانات الثلاثة هنا لأنهم أكثر الديانات إثارة للبغض والكراهية فيما بينهم ! وهذه هي مسئولية المهرجين سابقي الذكر !

هم الرعاة الرسميين للغباء طالما أن كل ما ينطق عنهم واجب التنفيذ بلا تفكير أو مناقشة من العوام !

خذ أوربا مثالاً :

في فترة ما كان البابا هو الحاكم الفعلي للبلاد وقادة الجيوش .. إلا أن الجيل الحالي يسمي تلك الفترة باسم (عصر الظلمات) إشارة إلى كم العته التفكيري الملازم لأولئك الحكام .. فأي نظرية علمية جديدة هي هرطقة صريحة ومنافية تعاليم الكتاب المقدس (الأرض ليست مركز الكون ، وأن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس مثالاً على ذلك) .. لذلك انتشرت محاكم التفتيش الظالمة وقتها وكانت تحكم بالإعدام التعسفي لأي مفكر أو عالم بتهمة (السحر) !!

ترى لو استمرت تلك الحقبة حتى الآن .. كيف سيكون شكل الحضارة البشرية ؟


دعوني أعود إلى لب الموضوع ..

النقاب ..!


* * * * *


إذا توغل الفرد منا في أصول النقاب وأخواته ، سيجد أنه (مجرد) عادة ملازمة لسكان الجزيرة العربية الأوائل ! فهو يناسب طبيعة الصحراء القاسية هناك ويحافظ على البشرة من قيظ الشمس (لم يكن الـ Sun Cream معروفاً وقتها) ..!

هناك سبب أخر وهو :

في زمن السادة والعبيد كان من العار أن تداري آمة أو عبدة شعرها .. بل يجب أن يظل شعرها مكشوفاً ليعرف الجميع أنها (آمة) .. بينما السيدات الأحرار (أو الحرائر) فلها أن تغطي شعرها تمييزاً عن الكائنات القذرة والحقيرة والأدنى درجة منهن (العبيد) !!.

هناك لمحة من التمييز العنصري القذر تطل من تاريخ أغطية الرأس والوجه !!!


انتقلت تلك العادات إلى مصر مع دخول السافل وسيء الذكر (عمرو العاص) هو وجيشه ، فانتقلت طبائع الصحراء الجدباء إلى مصر المحروسة منذ تلك الفترة وحتى الآن !

تخيل معي لو أن (عمر العاص) كان اسكتلندي الجنسية ، فهل يعني ذلك أن أذهب إلى عملي بالـ (الجيب الأحمر) المميز للشعب الاسكتلندي الشقيق؟!

وبما أن العادات المستحدثة لا تدوم في أغلب الأحيان ، فإن مدها كان ينحسر رويداً في بعض الأزمنة ..

ففي بدايات القرن العشرين كان من قواعد الانتماء أن يرتدي الرجل (الطربوش الأحمر) كنوع من الوجاهة والأناقة الوطنية .. وكان من مظاهر العار أن يمشي رجلاً ورأسه عاري من هذا الطربوش !! في تلك الحقبة أنتشر الشقيق الأكبر للنقاب والذي يدعى (اليشمك) .. وهو أبسط قليلاً من النقاب في أيدلوجيتيه ، كما كان مألوفاً للنساء اليهود والمسيحيات ارتداءه (أي أنه مجرد لباس وطني وليس طائفي!) ولا تحضرني أي معلومات حالياً عن الروائح الناتجة عنه !

وأنحسر مد (اليشمك) بلا رجعة عن مصر المحروسة .. وتدلت شعور النساء على الكتفين بلا أي مشاكل صريحة وقتها .. ولك أن تستحضر ذاكرتك أثناء مشاهدتك للأفلام المصرية القديمة :

  • هل تتذكر عدد النسوة اللاتي كن يرتدن الحجاب أو النقاب وقتها ؟

أممم .. أعتقد أن النسبة المئوية كانت – بلا مبالغة – 0% !

فلماذا عاد المد القبيح مرة أخرى وبقوة في الزمن الحاضر ؟!

هل هو بسبب تطور جينات الرجل الوراثية والتي جعلته أكثر شراسة وحيوانية ؟

أم بسبب أن فتنة المرأة أصحبت – فجأة – لا تحتمل وزيادة عن الحد المطلوب ؟

الإجابة هي : (؟؟؟) !


* * * * *


يناسب (النقاب) طباع المرأة الصحراوية .. فهو يقيها من الرمال المثارة من العواصف الرهيبة والقاسية في الصحراء في معظم الأوقات.. والجدير بالذكر أن الرجل كان يشاركها في لباس شبيه بالنقاب .. فمعروف عن رجل البادية أن (يلفح) رأسه بعمامة في أغلب الأحيان ، وكان لها طرف متدلِ على كتفه .. وكان يغطي به وجهه أثناء هبوب العواصف الرملية !

اللون الأسود للنقاب هو أقسى ما في الموضوع .. حيث من المعروف أن اللون الأسود له خاصية امتصاص الضوء كعادة الألوان الغامقة عامة !

للأسف لم يملك صانعي الملابس من ألفين عام الرفاهية المطلوبة لصنع النقاب من مواد فضفاضة لتعكس لهيب الشمس الحارق ! ربما تفاخر عرب الجزيرة الآن بأن لهم الفضل الأول في اكتشاف الفكرة الأولية للسترات المستخدمة في ارتياد الفضاء !!

ومن الثابت أيضاً أن المرأة العربية العصور القديمة لم يكن لها حرية مثل الرجل (ما أشبه الليلة بالبارحة!) .. فكانت تلازم (الخيمة) ليلاً ونهاراً ولا تخرج منها إلا لقضاء الحاجة (أحم!) ..

أما عن لوازم البيت .. عفواً ! أقصد الخيمة فكان يقوم بها العبد أو الأمة بكل حماس !

وإلى الآن ..

لايزال (النقاب) يسيطر على سكان الجزيرة العربية !

وحتى الآن يستمر التمييز الواضح بين الرجل والمرأة .. وليس من العيب أن أقول أن المرأة هناك عبارة عن كائن يأتي في الدرجة الثانية بعد الرجل !

في السعودية (نسبة إلى آل سعود !!!!!) يصعب على المرأة الخروج بشعرها في الشوارع العامة ,, وممنوع عليها قيادة السيارات .. وممنوع عليها شغل المناصب الحكومية أو القضائية .. وقائمة الممنوعات عليهن طويلة .. وليس هناك وقت عندي لحصرها كلها !!

الأدهى أن هناك منظمة عشوائية (الأمر بالغباء .. والنهي عن التحضر) مهمتها هي محاربة الفتن العصرية والمتسبب فيه دائماً كائن يسمى المرأة .. كائن ناقص العقل .. والدين !!!

كائن يقارن بالحمار والكلب في أحيان محددة !!

كائن لا هم له إلا تدبير المصائب والمكائد !!

كائن لا يتقى شره إلا بتكفينه وهو على قيد الحياة !!

كائن أنقذته الحضارة من الوأد في الرمال وهو رضيعاً.. وتم وأده في (الرداء الأسود البشع) حالماً أتم البلوغ !!


المفجع ..

أنه في منتصف عام 2009 .. ينتشر النقاب .. في مصر ..

حيث تغيرت طبيعة الطرق الرملية بالأسفلت ..

وأختلف المناخ الحار الصحراوي الجاف والقاسي بالمناخ المعتدل صيفاً وشتاءاً!

وتحجرت العقول في زمن يتطلب ليونة في الأمخاخ .. ولا محدودية في التفكير !


النقاب مجرد بداية ..

والمهزلة لا تزال مستمرة !!




* * * * *


أمممم .,

لندع الموضوع يستمر بأسلوب أخر ..

دعوه هو يكمل باقي الموضوع !

بطريقته ..

بأسلوبه الساخر ..

ولسانه السليط لأقصى درجة !!

Zolo

هو الصريح إلى درجة البجاحة ..

وبجح إلى درجة الصراحة ..

هو من كتب الموضوع السابق هنا في (عرين الغضب) ، والذي جلب لي متاعب جمة ..

تكلم عن (الجن) بأسلوبه الساخر .. فظن الكثيرين أني دجال أفهم في أمورهم السخيفة والمضيعة للوقت .. مع أن الموضوع كان يسخر من ترسخ الاعتقاد بالجن إلى درجة مطلقة ..

فهناك من سأل عن تحضير الجن لاستجلاب المال !

وهناك من طلب الجن على سبيل (المؤانسة الجنسية)!!

وهناك من أراد الاستعانة بالجن ليتأكد من خيانة زوجته له !!

وهناك من أراده كنوع من الفضول البحت !!


أكثر ما أحزنني في الأمر هو :

بعد الناس عن التفكير المنطقي المنهجي .. وإهدار الوقت سعياً وراء خرافات حمقاء لا تنفع ولا تضر ..

حقاً أننا أمة ضحكت من جهلها الأمم !


وداعاً مؤقتاً ..

وأترككم في ضيافة العزيز : Zolo


* * * * *


وكأن مواضيع الكون قد نفذت !! فيشغل وقته ووقتي بهذا (البتاع) المسمى النقاب ؟!

غريب أمر (وائل عمر) هذا !!

ما علينا ..

دعوني أكمل الموضوع ..

بعد خبرة لا بأس بها – آيا أعزائي – في الأمور الحياتية .. دعوني أنقل لكم خبراتي العلمية والعملية الخاصة بموضوع اليوم :

النقاب !!

سأتلو عليكم فتات خبراتي في أصول النقاب وأصله وفنونه ..

سأذكر لكم أكثر عشرة أسئلة متداولة عن النقاب ..

وسأجيب عليها بطريقة مختصرة حفاظاً على الوقت الثمين .. (وقتي أنا طبعاً وليس وقتكم أنتم!!) ..

دعوني أبدأ بلا مقاطعة منكم ..

من يريد إكمال الموضوع فليتفضل .. ومن أصابه القرف المعوي والحساسية المفرطة والغباء المدلهم .. فبإمكانه إغلاق الصفحة وإراحة نفسه وإراحتي أنا شخصياً ..

من فضلك أترك غباءك بالخارج !


* * * * *


س1 : ما الذي يحدث عند رؤيتي لمنتقبة ؟

ج1 : عند مصادفتك لمنتقبة في أي مكان ، يرجى مراعاة أشد درجات الحيطة والحذر .. فأنت تتعامل مع كيان مجهول النوع!!

عموماً لو كانت المنتقبة من الفصيلة (المكشوفة العينين) .. فعليك الابتعاد عنها بمسافة لا تقل عن 7م2 مع مراقبة مستمرة ومداومة للأعين ، القلق الحقيقي يبدأ عندما تتركز هاتان العينان عليك أنت بالذات , وعليك بالاستعداد للانبطاح أرضاً في أي وقت إذا ما أتت المنتقبة بحركة فجائية (ينصح بوضع يدك على مؤخرة رأسك وتغطية وجهك بمرفقيك!) .

أما إذا كانت المنتقبة من فصيلة (المستورة العينين) .. فيمكنك رفع درجات التأهب في ردود فعلك إلى الدرجة القصوى .. فلدي معلومات مؤكدة بان هذه الفصيلة يمكنها الرؤية عن طريق الحركة (وفي بعض الأحيان تملك الرؤية بالحرارة المنبعثة من الجسم) ..

لا تحاول – أبداً – القيام بأي حركات فجائية ..

ويفضل الارتماء على الأرض واستخدام مهاراتك التمثيلية والقيام بدور جثة (ميت يعني) .. وحاول ألا تحرك عينك على الطوطم إذا اقترب منك والتأكد من تحولك إلى جيفة أم لا ..

نصيحة هامة إلى معدومي موهبة التمثيل : يمكنك إغلاق عينك أثناء ارتماءك على الأرض طالماً أن الذعر سيملأ معالم وجهك عند اقتراب ذلك الطوطم منك ..

صدقني أنت لا تعلم العواقب إذا ما اكتشف الطوطم محاولة خداعك .. ويا لهول ما لا تعلمه !


* * * * *


س2: هل هناك فوائد أخلاقية معينة تحدث للمرأة أثناء ارتداءها (للنقاب) ؟

ج2: للأسف .. موضوع الفوائد الأخلاقية هذا من المفاهيم الخاطئة والشائعة مؤخراً .. فقد قدمت وكالة (ناسا) تقريراً يعد خلاصة أبحاث مضنية في أمر النقاب ، وليأذنوا لي في استعارة بعض الفقرات الهامة التي وردت في ورقة البحث العلمي :

استناداً إلى الاعتقاد السائد بأن القماش المصنوع منه النقاب يندمج مع خلاياً الجسم الحسية , ويتحد مع الإشارات المخية لمرتديات النقاب .. وكان من المعتقد أيضاً أن القماش يقوم بإصدار صعقات كهربائية إذا ما أنحرف تفكير أو خيال المنتقبة إلى بعض الأمور اللا أخلاقية الفاسدة !!

إلا أن أبحاثنا أكدت أنه قماش عادي جداً في تركيبته النسيجية .. ولا يختلف أبداً عن تركيب منديل ورقي معتدل الجودة !

أيضاً لوحظ بأن بإمكان أي أنثى ارتداءه مهما بلغت درجة عفتها !!

وأحياناً كثيرة تم استخدام النقاب في أغراض التخفي بحكم المهنة (الكاموفلاج) .. فقد تم العثور على بعض النسوة المنحرفات يستخدمن النقاب ستاراً لأعمالهن الغير شريفة ، ومن ثم يمكنهن التحرك بسهولة تامة تحت مظلة هذا الرداء في المجتمعات العربية!

أيضاً تم استخدام النقاب في الأعمال الحربية (كمحاولة لتقليد الطائرة الشبح) .. فأمكن لبعض الرجال التنكر باستخدام النقاب والتستر به أثناء وغي المعارك الحربية (أستخدم بكثرة في أفغانستان عن طريق رجال جماعة " طالبان" الكوميدية في الهروب من الكمائن المخصصة لهم من قبل القوات المتحالفة)!

وكان من أشد المعارضين لهذه الورقة العلمية الدكتور المصري (بتاع كله) المعروف : زعلول الحداد (إسقاط واضح جداً للعالم النابلسي الجنسية "زغلول النجار") ..

حيث هدد الدكتور / زعلول بالاستقالة من العمل في وكاله (ناسا) وحرمان العلم والعالم من أبحاثه وقريحته العلمية الفذة !

اضطرت (ناسا) إلى إخفاء ورقة البحث العلمي حفاظاً على العلم والعالم من غياب الدكتور/ زعلول الذي سيؤثر سلباً على التقدم العلمي لكوكب الأرض !


* * * * *

س3: أعذرني على فجاجة هذا السؤال .. لكن .. ما الذي قد يحدث لي عند رؤية وجه امرأة مكشوف أمامي ؟؟ أيضاً ما لو رأيت – مصادفة – شعر امرأة منسدلاً أمامي بحرية ؟ أعذرني مرة أخرى !

ج3 : عزيزي الحائر ..

قبل أن تسأل أسئلة من هذه النوعية .. عليك بالإكثار من شرب عصير (الكيوي) المثلج ..

عموماً رأفة بك وبحالك .. سأجيب عن سؤالك :

يعتقد البعض بأن مجرد رؤيته لوجه المرأة أو شعرها بأن سيصاب بالفتنة العاتية التي لا راد لمفعولها ..

لا أنكر أن الغالبية العظمى من الرجال يقعون تحت تأثير الشهوة بحكم الغريزة .. إلا أن وجه المرأة أو صوتها أو حتى شعرها لا يمكن أن يحرك الغريزة داخل الرجل من دون سابق إنذار..

لابد من الرجل للتأهب الجنسي قبل دخوله إلى مرحلة (الهياج الحرج) الحيوانية ..

ولو كان الرجل مستعداً لهذه المرحلة مباشرة في أي وقت يرى شعر أو وجه امرأة .. فأسمح لي بأن أصنفه في رتبة حقيرة وأدنى من الحيوانات نفسها ..

الرجل العاقل والمتحضر يعامل الأنثى على أنها عاقلة ومتحضرة .. لا أن يفكر فيها ككيان ناعم وبض الملمس ..

الحل هو أن يقاوم الرجل غريزته ويتحكم في نفسه .. وليس الحل في أن يغطي الرجل المرأة كلها لكي لا ينتصب عضوه كلما رآها !!

بخصوص السؤال ..

بدلاً من نبرات الحيرة والتوجس الواضحة في سؤالك .. حاول أن تذهب إلى شواطئ العراة .. وأخبرني عندما ترى الشعور والوجوه والأيدي المكشوفة في كل مكان .. ويزيد عليها النهود العارية والأجساد الجلية ..

هل ستصاب بالشهوة الجامحة وقتها ؟

بالتأكيد لا ..

والسبب لا يكمن في برودك الجنسي أو ما شابه !!

إنما السبب هو فطرة الإنسان لكشف المجهول ..

أي مجهول ..

حتى ولو كانت مجرد أعضاء بشرية مستورة !

ولو كتب على الإنسان أن يعيش عارياً طوال عمره .. لما كتب على البشرية الإعمار والاستمرار ..

فالغريزة الجنسية أساسها مراوغة العري والستر في نفس الوقت .. والدمج بين الخفاء والعلن معاً ..

لهذا السبب وجد (اللانجيري والبيبي دول) كعامل محفز وقوي لا يمكن إنكاره قبل الجنس ..

فالجنس بعري تام هو ملل حقيقي ..

والجنس بالملابس الرسمية درباً من الخبال اللوذعي !


يحق للمرأة في أن تعتقد أن فتنة رؤية وجهها وشعرها توازي فتنة رؤية نهديها وساقيها !!


ويحق للرجل أن يطلق صيحات النصر كلما رأى وجه امرأة منتقبة .. ولا حرج عليه في أن يطمع في رؤية المزيد من جسدها المستتر !!


ويحق لي – شخصياً – في ضم النقاب إلى الملابس الداخلية طالما أن المرأة تعتبر وجها فتنة مثل مؤخرتها.. من حقي في أن أعتبر النقاب مثل السوتيان (BRA) ذو تكوير واحد ترديه المرأة على وجها !


(بالنسبة لعصير الكيوي المثلج.. هذا كان مزحة لا أكثر .. هدفها إثارة البلبلة الفكرية لديك كنوع من إثارة الفضول عندك نحو الفوائد الجمة لعصارة الكيوي .. اعتبره شيء مبهم مثل فوائد النقاب !!)


* * * * *


س4: ما هو الفرق بين النقاب .. والسيفن أب ؟

ج4: أحنا حنهرج ؟؟


* * * * *


س5: لماذا يصاحب رؤية النقاب بعض الروائح الغريبة ؟

ج5: سأعطيك مثال يقرب عليك سبب ومصدر هذه الرائحة :

حاول الاستحمام بأرقى وأغلى وأفخم مستحضرات النظافة المتوافرة في بلدك .. ثم بعدها تعطر بأثمن العطور لديك ..

بعد ذلك احضر (شوالاً) من الخيش وأملأه بالشعر الآدمي (يمكن جلبه بكل سهولة من أي حلاق في منطقتك مجاناً) ..

والآن ..

أرقد عارياً في الشوال ووزع حولك الشعر الآدمي بطريقة متساوية بداية من كعبك وحتى رأسك .. ثم احكمه عليك جيداً..

ارقد في الشمس لمدة تقارب ساعة واحد فقط لا غير ..

أخرج من الشوال .. وتشمم نفسك ..

وأكتب لي ردك ورأيك !


* * * * *


س6: هل تتوقع استمرار هوجة النقاب المنتشرة حالياً ؟

ج6: في الواقع أنا أتوقع انتشاره .. وبصورة مبالغ فيها .. سننعم جميعاً بمستقبل أسود من فرط وجود النقاب ..

مجرد انتشار النقاب في مصر هو نوع من الخيال العلمي الصارخ.. لكنه انتشر بأي حال.. ولكن من يدري .. ربما بعد مائة عام سيجدون أن بعض النسوة لا يؤثر فيهن النقاب لجمالهن الأخاذ .. فيضطرون لقطع رأس صاحبته بالسيف الليزري عقاباً لها على جمالها ..

مع وجود (الوهابية*) وغزوها الحثيث لمصر .. فأنا أتوقع الكثير من الغباء والفكاهة في نفس الوقت ..

* (الوهابية لا علاقة لها بالموسيقار الراحل المبدع محمد عبد الوهاب).


* * * * *


س7: هل هناك محاولات سابقة شبيهة بالنقاب ؟

ج7 : تاريخياً نعم .. هناك محاولات عديدة عبر التاريخ لذبح أنوثة المرأة ..

نساء (الأمازون) مثلاً كن مشهورات بنقاب قاسي بعض الشيء .. فهن نساء محاربات يفضلن استخدام القوس والرمح في المعارك .. فكان نهدها يعيقها عن شد القوس أو التصويب بالرمح .. فكن يقطعن نهودهن من أجل الدفاع عن أنفسهن .. وهذا هو معنى كلمة (أمازون) .. بلا نهد ..

وأنا أتقدم بالنصيحة إلى النساء بعدم إجراء هذه التجربة في المنازل كنوع من (التقشف التعففي) ..


* * * * *

س8: هل يمكن لحرم رئيس جمهورية مصر العربية أن ترتدي النقاب؟

ج8: نعم .. يمكنها ذلك ..

عند أم منص !

وبلاش أقول كلام خادش !


* * * * *



مشهد رومانسي ساحر لامرأه متنقبة تطالع السماء الصافية في ليلة غاب فيها القمر!


* * * * *


س9 : هل للنقاب فوائد صحية ؟

ج9: بالطبع هناك فوائد صحية عديدة للنقاب !

فهو يقدم خدمة جليلة لمثانة المرأة ، ويريحها صيفاً وشتاءاً من ضغط البول عليها ! ويقوم طواعية بتحويل البول إلى عرق ومن ثم طرده من الجسم عن طريق المسام العرقية المنتشرة على الجلد ..

ومع الانتعاش الواضح الذي يلازم المنتقبة في جميع الأوقات ، فأنه – يوجد – للأسف أحد الأعراض الجانبية البسيطة لهذه الفائدة : (رائحة الليمون المتخمر) الذي يصاحب وجود المنتقبة في أي مكان .. عموماً (حاسة التكيف) كفيلة بدرء أي إحساس بهذه الرائحة إلى (نخاشيش) المنتقبة بعد التعود عليها! المشكلة تكمن في غير المنتقبات والمنتقبين !! فعليهم تقع كامل المسئولية في عدم التلفح بالسواد الأعظم ! وتستمر المشكلة حتى يحين وقت تحولهم الأيوني بنجاح إلى كهف الظلام المتحرك والمسمى (النقاب) !!


شيء أخر لا يمكن التغاضي عنه في ذكر الفوائد الصحية:

النقاب يساعد على الحصول على جسد رشيق ومثالي ، ليس بسبب (الساونا القماشية) بالطبع ، إنما لأنه يحكم العادة الغذائية الشرهة في كل وقت .. منطقة الفم بالنسبة للمنتقبة هي أكثر مكان محاصر بستائر النقاب .. ولا نبالغ إن قلنا أنها تتوسط نقاب الرأس تماماً من أعلى ومن أسفل ومن اليمين والشمال! لذلك فإن مجرد محاولة الأكل أو الشرب أثناء ارتداء النقاب هي شبيهة تماماً لمحاولة رجل بالغ للتبول داخل بنطاله دون أن يصيب الرذاذ ملابسه الداخلية أو جلد ساقيه!

وإن تجرأت المنتقبة وحاولت الأكل في أحد المطاعم العامة .. سينظر لها الناس على كونها تلعب مباراة كرة سلة ! وكلما زاد عدد الأهداف ، كلما أحست المنتقبة بالشبع !


* * * * *


س 10: ألا توافقني الرأي في أنك تعديت – بتهكمك الواضح – الخطوط الحمراء التي لا يجب التحدث فيها أبداً ؟ في الواقع أنت بعدت تماماً الخطوط الحمراء لدرجة أنها بدت نقط حمراء مبهمة وراءك !! ألا تخشى أن تثير حفيظة المجتمع الذي تعيش فيه ؟ ألا تخشى ردود أفعال البعض ؟

ج10: بالطبع أنا لا أوافقك الرأي في أني تعديت أي حدود ! أنا أفكر وأكتب كما أشاء أنا .. وليس كما يشاء غيري !

ليس هناك حدود حمراء للتفكير أبداً .. بالعكس ! التفكير لا متناهي مثل الكون !

بالنسبة لحفيظة المجتمع: مجتمعنا تعود على أسلوب (الجعجعة بلا طحن) الشهير .. أعطيه موضوع ما يغضبهم .. ثم أتركهم بعض الوقت ليغضبوا ويثورا بهمجية ، ثم أعطهم وقتاً أخر لينسوا الموضوع برمته!

أنا لا أخشى غضب المجتمع ! بل أكثر ما أخشاه هو جهله وهمجيته المفرطة !!

مجتمعنا تعود ألا يستخدم عقله في الأمور الجلية .. وأصبح يعتمد على المهرجين السابقين الذكر في أول الموضوع !

مجتمعنا بجميع طوائفه أصبح مدمن الفتاوي لكي يعيش :

فهو يأكل بفتوى .

ويجوع بفتوى .

ويعمل بفتوى .

ويلبس بفتوى .

ويحب بفتوى .

ويضاجع بفتوى .

ويتعامل مالياً بفتوى .

ويناقش شئون سياسته بفتوى .

ويطيع آولي الأمر بفتوى .

فكيف أخشى مجتمع ارتضى بإرجاء عقله جانباً ، والاستعداد لتنفيذ ما يقوله أصحاب اللحى تحت اسم (فتوى) ؟؟

كيف تطلب مني أن أقبل بأن أحترم المرأة – مثلاً – وهناك فتاوى تحذر منها ومن أخطارها المهلكة طالما أنها كائن من كوكب الزهرة كل غايته هو تدبير المكائد والمصائب؟؟

كيف تطلب مني أن أثق في نفسي كلما اجتمعت – صدفة – مع امرأة في مصعد مثلاً ؟ فهناك فتاوى تؤكد بأني والمرأة حيوانات لا نتحكم في أنفسنا .. ويكون وسواس الجنس ثالثنا في حالات الانفراد ؟

النقاب ما هو إلا هروب فرضه الرجل الغير واثق من قدرته على التحمل في غريزته .. وأنا رجل أثق كثيراً في نفسي إلى حد التعظيم !

محاولات فرض النقاب على مجتمع يبغي التقدم والتحضر هي محاولة فاشلة لا محالة .. شبيهة بمحاولة إعادة (الغائط الحديث الإنتاج) إلى الشرج!


هذا هو النقاب ..

وهذا هو رأيي أنا ..

سواء كان تهكمياً أو واقعياً ..


* * * * *


س11 : في رأيك : متى ينصلح حال المجتمع المصري؟

ج11 : بالطبع عندما يغير فكرته السخيفة عن (المرأة) ويعاملها مثلما يعامل الرجل !

فالمرأة المذعورة والمقهورة تربي أبنائها وبناتها على الخوف والسلبية والجبن ! فالأم مدرسة .. إن أعدتها .. أعدت شعباً طيب الأعراق .

كما قال أمير الشعراء وبعيد النظر (أحمد شوقي) ..

إن أعدتها ..

وليس إن أعدمت حقوقها !

لاحظ أن الخوف يورث من جيل إلى جيل !

فكر معي في نتيجة تربية امرأة متنقبة لبنتها مثلاً ، هل ستتعامل هذه البنت مع المجتمع على أنه مجتمع سوي ؟ أم يراودها الحيطة والحذر كلما رأت رجلاً أمامها ؟

هل هذا نموذج للتعاون ما بين الرجل والمرأة في عصر لا يرحم المتكاسلين والنائمين والأغبياء؟


عندما يأتي الزمن الذي تبصق فيه (مصر) العادات والتقاليد الغريبة عليها .. ستحدث الثورة .. ويتبدد القهر والغباء والفساد الذي يغرقها ويطمرها ..

الموضوع مجرد (مسألة اختيار) ما بين النظر للوراء .. أم للأمام !

هل نحن كبشر غير جديرين ببشريتنا ؟

أم نحتاج لدفن رؤوسنا في الرمال كطريقة لحل المشاكل؟

هل يستطيع الرجال النظر للمرأة على أنها كائن مثله ؟ أم عليه تغليفها بالنقاب لكي يحل مشكلة ؟


* * * * *


كان معكم : Zolo .

وأحد عشر سؤالاً (ألم يكن من المفروض أن يكونوا عشرة فقط؟) ..

انتهت مهمتي ..

وأعود بكم إلى العزيز : وائل عمر !


وائل ..

وائل ؟

...

اللعنة ..

أنه مشغول الآن ..

الأدق أنه شارد .. فهذا ما يدل عليه انعقاد حاجبيه الشديد ونظرته الغاضبة إلى أعلى ركن عينه الأيسر ..

لا أكذب عليكم إن قلت أني أشعر بالفضول لمعرفة فيما يفكر فيه الآن !!


* * * * *


أجلس أمام الكون المنكمش مرة أخرى !!

يبدو مذعوراً مني بعدما عاقبته ..

نظراته لي تؤكد لي هذا ..

أطرقع أصبعي في هدوء ..

فيتحول الكون إلى فراشة صغيرة بروح قطة مشاغبة ..

يمرح بصدق بالقرب مني ..

والسواد السرمدي يلفنا ..

فأمد يدي وأكشط السواد من حولنا ..

وأكشف من تحته أروع الألوان العدمية البراقة ..

وأتابع في صمت شقاوة الكون ومداعباته ورفرفاته الفراشية !

جانب فمي الأيمن ينضح بابتسامة صغيرة ..

سرعان ما أخذت في الاتساع ..

حقا .. لكم هو مسلي هذا الكون .