12‏/11‏/2010

من مذكرات عاشق إرهابي .


حبيبتي سابقاً ..
عادة ما يبدؤون رسائلهم بكلمة (أما بعد..) ..
لكنني سأبدأ رسالتي بجملة :
أما بعد الفراق ..!

أكتب إليك خطابي هذا ، بينما ترقد جثة (الحب) تحت قدمي ، لقد مات فجأة وبدون سابق إنذار ..
حاولت عبثاً أن أتذكره كياناً ينبض بالحياة .. وكيف كان شريكنا طوال ثلاثة سنوات ..
لقد كان موجوداً عندما تأملت – خلسة – لون عيناك العسليتان ..
وقد كان ثالثنا عندما اختلسنا سوياً أول قبلة قوية كفيلة بإحراق كونين وثلاثة سماوات من لهيبها ..

حبيبتي سابقاً ..
ليس ذنبك – أبداً – أن يكون هناك آخر جاء بصفة "رسمية" ، يزيحني برفق من على صدرك .. ثم يدخل هو مكاني ..
وليس ذنبي أن أتقبل محتل وغازي لوطن شرفت دوماً بالانتساب إليه !! وأقام من حولك الأسوار لكي لا أطل عليكِ ما بين الحين والحين .
ولكي أنصرك أنتِ .. كان علي أن أعلن الهزيمة أمامه ..
وألملم ما تبقى من أشلائي ، لأرحل بعيداً .. وفي صمت ..
فقد تصيبك أي من شظايا معاركنا معاً ..
ولكم أكره – أيا عزيزتي – أي سوء ينالك .. فلست أملك أخلاق الهوجاء ..
سأعلن الانسحاب من دون شرف ..
وإن كفاني شرف سلامتك ..

حبيبتي سابقاً..
ربما ستنسين ..
مع الفستان الأبيض والموسيقى الصاخبة ..
أو حتى ما بعد الفستان الأبيض ..
ربما ستنسين بعد أول حضن من طفلك الذي يحمل اسمه !!
لكنني لا أملك ترف النسيان ..
فأنا – يا عزيزتي السابقة – أحمل جحيمي ما بين أذناي .. أحترق ببطء كل لحظة كلما فكرت بنا .. وتشتعل براكيني كلما تذكرتك .. وتفور الحمم كلما تذكرته هو !

حبيبتي سابقاً ..
سألتك عنه : هل هو وغداً ؟!
فقلت : بل شهماً وسيماً بريئاً كالأطفال ..
فلم أجد ما أقوله ..
وكان هذا أخر ما قلته ..!!

 حبيبتي سابقاً ..
لولا ضعفي ما كان هناك آخر ..
كنت سأبقى أنا في كل مكان ..
ولكنهم يقولون أن ما حدث كان بسبب القدر ..
وكم ودت أن أضاجع القدر حتى يموت ، أو حتى يذوق ما أذاقني ..
لكنه أجبن من أن يواجهني ..
لكنني سأنتظره حتماً في غرفتي.. وفي اشتياق للقائه ..
سأرى إن هو الضعيف .. أم أنا ..
على صدري حزام ناسف لي ولقدري ..
وتحت أقدامي ترقد جثة الحب الرطبة ..
وسيظفر الموت مني بابتسامة ساخرة ..


حبيبتي السابقة ..
بدون ضغائن أو كراهية أشكرك ..
وحظ موفق مع .. الآخر .

5‏/11‏/2010

الخروج من الشرنقة.. (4)


إبان الحملة الفرنسية على مصر ، ذهب شيخ أزهري إلى قائد الحملة (نابليون بونابرت) وأخذ يتلو عليه من الإنجيل ما يخص بالسلام والرحمة على الآخرين ..
لم يبد (بونابرت) أي تأثر بما يسمع ، وقرر أن يصمت تماماً حتى ينتهي هذا الشيخ الذي يبدو عليه أنه درس الديانة المسيحية !
 لانت ملامح الشيخ عندما انتهى من مهمته ، ثم نظر إلى وجه (الصاري عسكر) متوقعاً رد فعل إيجابي لما فعله للتو ..
هنا تكلم (نابليون) بدهاء ومكر شديدين قائلاً :
-         « هل أتيت لي لتعدل من إسلامك إلى المسيحية ؟! »
انتاب الشيخ الهلع والذعر ، وأخذ ينتفض وهو يصد التهمة عن نفسه قائلاً :
-         « أنا ؟! أعوذ بالله من الكفر ؟! أعوذ بالله »
نظر إليه (نابليون) ملياً .. ثم قال في بطء :
-         « إذن كيف جئت تقنعني بما لا تقتنع به أنت ؟! »

* * * * *

في هذه الأيام صعدت كلمتي (مسلم ، ومسيحي) على سطح الأحداث المشتعلة في مصر ، صارت البلد كساقي فتاة تأخذ في التباعد عن بعضهما !! لدينا ساق مسلم ، وساق مسيحي ..
الساقين كرها بعضهما ، فظهرت عورة مصر أمام غيرها من الدول الشامتة حولنا !
هنا يجب أن نطرح السؤال المحتوم في هذه الحالة :
هل تهتم لديانتك أكثر ؟!
أم لبلدك ؟!
هل يعنيك أن تظهر صورتك أمام الآخرين كمصري فحسب ؟!
أم يهمك أكثر أن تبدو مسيحياً أو مسلماً ؟!

* * * * *

لو نظرنا إلى الديانة المسيحية والديانة الإسلامية ، لوجدنا الكثير من التعارض الفادح ، يعارض يستحيل أن يصدر من نفس الإله هنا وهنا ..
فـ (الله) في الإنجيل ، ليس هو (الله) في الإسلام !!
الطريقة الوحيدة لنفي هذا التعارض هو أن يصرح المسيحي بأن القرآن مكتوب اجتهادياً وتملأه الأخطاء .
ومن الناحية الأخرى يصرح المسلم بأن الإنجيل محرف بطريقة لا شك فيها ..
المصيبة أن الطرفان لم يختارا طريقهما منذ البداية !! فكل منهما ورثا الدين عن أهليهما منذ الطفولة ، وتشربا العادات والطقوس كما تعلما اللغة والتقاليد .. كما أن هناك موانع صارمة في أن يفكر أي منهما في دينه .. فالدين يأتي سائغ ومهضوم دون الحاجة لهضمه فكرياً .. لذلك يصعب على أي من أحدهما أن يأتي أخر من ديانة أخرى يتحدث معه في الدين ويبدي نوعاً من التفكير المنطقي ..
لأنه ببساطة لا منطق في الدين !!
الدين هو حزمة واحدة لا يمكن فصلها ..
حتى ولو بلغ كم المبالغات الغير معقولة فيه ، فهو مقبول لكل طرف !
ربما هذا ما حدث في القصة التي بدأ بها هذا الموضوع ..
العدو المحتل هنا هو مسيحي .. والطرف الضعيف هو مسلم ..
لذلك حاول المسلم استدرار العطف الديني للمسيحي ، لكنه – أي المسلم – لا يعترف به مطلقاً .. إنما ظن إنها ورقة قد تكون رابحة ومخلصة من ذل وهوان الاحتلال !!
وهذا ما نفعله نحن في حياتنا كل يوم في مصر ..
نخدع بعضنا البعض دون أن نشعر بذرة خجل واحدة !!
نسي المسيحي إنه مصري .. كما نسي المسلم أنه مصري ..
وصرنا دولاً أشتاتاً تحت دولة واحدة ممزقة اسمها (مصر) ..

* * * * *

في الآونة الأخيرة تسارعت التطورات التكنولوجية ، وضاق أكثر مفهوم اتساع العالم .. فالعالم أضحى أصغر من قرية صغيرة كما يقال  في السابق .. بل العالم مساحته نفس مساحة لوحة مفاتيح في أي حاسوب .. يمكنك من خلاله أن تجوب جميع الأنحاء بضغطة زر .. وفي نفس مكانك !!
هنا انتشرت المواقع الدينية من الطرفين ،  وصار كل طرف يعرض سلعته على الملأ بحرية وليس على استحياء كما كان يحدث في الماضي ..
بعدها ظهرت المقارنات بين الطرفين ..
-         إلهي أكثر تسامحاً من إلهك ..
-         رسولي أكثر وسامة من رسولك ..
-         ديني أكثر بساطة من دينك ..
-         الجنة عندنا أكثر جمالاً من الجنة عندكم ..
-         أصدقاء رسولي أكثر شجاعة من أصدقاء رسولك ..
هنا دخل المصري المسيحي في معترك دائم مع المصري المسلم ..
مناقشات واحتدام وجدل لا ينتهي ..
صارت العقول الإنسانية مثل عقول الببغاوات ، تردد ما لا تعي .. ولا تعي ما تقول ..
ويستمر التطاول من الطرفين لأجل غير معروف !!
وينتقل هذا التطاول إلى الحياة العملية ..
حتى أودى الأمر إلى تساقط قتلى بين الطرفين ..
حياة الإنسان أصبحت هينة وسهلة ومعدومة أمام واجب ديني واهي !!
هنا لابد من الإرغام على وضع الدين تحت ميكروسكوب فكري ، ويعاد التأمل فيه ..
ونفكر في جدية :
ما الذي نريده حقاً من الدين ؟!
هل هو النزعة الطائفية السائدة الآن ؟!
 أم نريد السلام فحسب ؟!
هل سيصبح الإنسان أقوى من معتقدات قد تكون صواب أو خطأ ؟!
أم سيستمر في التوغل في ذلك الجانب المظلم من هذه الأديان ؟!
القرار لنا ..
نحن وحدنا .