25‏/1‏/2014

.. وماليش نفس أكتب !

 

ساورني شعوراً مفعماً بالحنين بعدما انتهيت من كتابة اسم المستخدم وكلمة السر الخاصين بموقع مدونتي العزيزة: (عرين الغضب) ..

أكثر من عاماً قد مضى وقد أهملتها وتركتها بفتور .. وحيدة مهملة وسط الكون الرقمي الذي يدعى (انترنت) !! تذكرت كيف كان ينبض هذا المكان من قلب أفكاري، ويسري بسلاسة في أوردة مواضيعي المختلفة ..

نعم .. كانت هنا صولات عديدة متواضعة إلى حد ما ، لكنها خرجت مني بمنتهى الفخر !!

فهذا أنا .. في كل حالاتي !

فجأة .. راودتني ذكريات بداية دخولي لعالم التدوين في أول عام 2008 .. كنت سعيداً بالتنفيس عن مكنوني في وحدة وخصوصية رضيت بها .. لم اهتم كثيراً بالشكل العام للمدونة على قدر سعادتي بولادتها (قديماً كانت الخلفية صفراء اللون وحروف الكتابة باللون الأزرق وخط يرهق العين) ..

كانت البداية باللغة العامية .. لغتي الأم (افكر وأحلم وأتخيل بها) .. لذلك كنت أكتب كما أنطق ، إلا أنني وجدتني مقيداً بحكم تعقيدات اللغة العربية السخيفة ! فأنا مصري الجنسية ، لكنني عربي اللغة !! وهناك تعارض فادح ما بين ما أنطقه في حواراتي العامية وبين ما أكتب واقرأ .. لذلك وجدت صعوبة في تحويل صيغة مستساغة في الكتابة متمردة على قواعد الفصحى ، وتشمل نكهة لغتي المصرية !

وقد بدأ الأمر بالتدريج ، ومع الوقت تملكت أسلوبي الحر في الكتابة كما ارتضيه أنا .. واللعنة على كان واخواتها ولتحترق أن ونصبها ومجرورها ومبتدأها وخبرها في ثلوج القطب الشمالي !

كنت أكتب وأكتب كما أنه ليس لدي شيء أخر في الحياة .. كنت أشعر بالعظمة في أحوال كثيرة مرضياً بالشكل النهائي لفكرتي ، وهذا ما لن يمكنني انكاره ! هذا هو شعوري الحقيقي ولا زيف فيه.

ومع الوقت بدأت عزلتي تنحسر عني ، بدأت العيون الفضولية تزورني بتواضع أول الأمر ، ثم بصفة مستمرة واعتيادية بعد ذلك .

لعله أمراً أربكني كثيراً ، فأنا عابد متبتل للعزلة ! لا أهنأ إلا وقد تكور على يميني الهدوء ، وعلى يساري تجسدت الوحدة .. هذا هو كوني الخاص الذي ارتضيه ولا شيء سواه !

صداقات كثيرة مع الغير قد انهمرت علي من خلال هذا العرين .. إلا أن معظمها قد اندثر وتلاشى بسبب تعقيدات اجتماعية تشوبني أنا وترفض رفضاً باتاً الاحتكاك مع الغير لفترة طويلة ..

وقد انفض السامر مؤخراً .. فقد تخليت عن كل شيء ، وتخلى عني كل شيء .

ليس لدي إلا أن أعيد تكوين ذاتي من جديد !

لدي ما يكفي من الوقت للتعبد في محراب عقلي محاولاً كسر جمود أغلال وقيود تكبلت بها أفكاري ، ربما تساقطت أمطار الروتينية المجتمعية خارج جمجمتي ، لكن – حتماً – لا مجال لها بالداخل مطلقاً ..

سيخرج مرة أخرى الغضب من عرينه .

سأكتب ..

وأكتب .. وأكتب .

سأتشبث بكل ما أوتيت من طاقة لكسر لافتة معلقة داخل تلافيف عقلي مكتوب عليها :

"وماليش نفس أكتب "