20‏/7‏/2014

منها .. وإليها ..!

على سبيل الواجب الأبوي ، تموضع إبن جوليوس سيزر (يوليوس قيصر) على حِجر أبيه أثناء أحد الاجتماعات مع قادة جيشه!

النقاش يحتدم بين رجال الحرب الأشداء بطبيعة الحال ، فأصدر الرضيع أمراً عبثياً بريئاً لمثانته الوردية الصغيرة كي تفك أسرها قليلاً اعتراضاً على الصوت الذكوري الخشن والحاد الذي تلتقطه أذناه من حوله .

فوجئ (جوليوس) بالبلل الساخن على فخذه ، فنظر إلى صغيره في حنان احتوائي صادق . بينما انزعج القادة من حوله ، وسارعوا في مناداة الخدم لكي يأخذوا الصغير لكي يعامل معاملة الصحون المليئة بالدهون الدسمة !

بحزم نظر (جوليوس) إلى قادته وقال بابتسامة (غُرفت) من منبع الصدق ذاته :

-        « ما أنا إلا مجرد رجل يحكم العالم كله ، وأمه تعرف كيف تحكمني جيداَ .. وهذا الصغير يحكم أمه ، فاتركوه يفعل كما يشاء! »

(رواية تاريخية بتصرف!)

 

* * * * *

 

في إحدى لقائتنا المختلسة ، كنت ممسكها يدها بكفاي معاً .. أحكي لها القصة السابقة بهيام حقيقي والكلمات تصارع بعضها لكي تخرج من شفتاي لتنتحر عند أذنيها.. وعند أطراف أناملها – الرقيقة – كان قلبها المرهف يدق بجنون ويستغيث في يدي : (توقف قبل أن أتوقف من الخجل!).

لحظتها بدت – هي – أشبه بالعنصر الخام المجهول والذي صنع منه أجمل الملائكة طراً!

بينما كانت ملامحي أنا الحادة والعصبية أشبه بجبل يحاول الطيران ، الجمود والصلافة غشائي خارجياً ، بينما قلبي يصارع رئتاي ليأخذ مكاناً أكبر في صدري لكي يدق .. ويدق !

لن أقول أننا بدونا أشبه بمعالجة ثلاثية الأبعاد ونابضة ومحسوسة لقصة ديزني الشهيرة (الجميلة والوحش) .. هي أجمل جميلة حقاً .. لكنها صنعت مني أجمل وحش!

 من دون أفكر في لومها يوماً ، اقربت شفاي على ظهر يدها لتطبع قُبلة حانية اختلجت فيها أنفاس حبيبتي ، وعقلي الأرعن يصرخ من نيران الغيرة : (كيف لظهر يدها بأن يكون أكثر نعومة من شفتاي؟!).

 

* * * * *

 

عن مناسبة القصة السابقة ؟!

حسناً .. كنا في نقاش جدلي هام – لا يهم أحداً سوانا – تهامسنا .. وكنت متشبثاً برأيي بضراوة أسد جبلي ولد سفاحاً من أنثى قرش  رمادي مع نمر نيبالي مرقط!!

وبهدوء منها أشبه بقدوم الليل انسال رأيها القانع .. فاقتنعت وامتثلت .. ثم خجلت !

وحاولت – هي – أن تدحر خجلي بحكم كوني ذكراً في مجتمع شرقي شمولي .. وفندت الأقاويل بأن قد يكون رأيها – الاجتهادي – مجرد رأي منها ! بينما قلبي يشق صدري لكي يهرع إلى حضنها الأنيق ، كان عقلي يرتدي تاج وجودها جواري على جسد عاري ، رغم ذلك شعرت بالدفء !

فلم يتذكر سوى القصة السالفة الذكر !

وكم يقتلني أنه لا يمكنني بأن أكرم عريني بحروف أسمها . بحكم عورة أسماء الإناث الشرقية ، وأنه لا يليق بأحد أن يعرف أسم زوجتي سوى المأذون وموظفي السجل المدني والشهر العقاري .

على أية حال لا يهمني أي شيء طالما أنا بجوارها وهي كل ما حولي .

هذه فعلاً هي أنعم نعمة أنعمت علي.

 

* * * * *

 

استكمالاً للقصة المذكورة في بداية الموضوع ، قامت (ريهام) بسرد القصة لصديقتها الصدوق أمامي بشغف طفولي مليء بالفخر .. لذا خرجت منها القصة مشوشة مضعضعة بينما صديقتها تنظر إليها باعتباط مستسلم كأنها تسمع عن مباراة نهائي كأس (باليه مائي) تدور أحداثه في صحراء (نجد) الرملية!

 الصديقة المذعورة كانت تنظر إلى (ريهام) زوجتي بنظرات الحسرة على ماضيها وحاضرها ومستقبلها المحصور بين براثن مجنون أخرق مزعوم مثلي .. بينما أنا أجاهد صدقاً لكي لا ألعق عقلها بلساني كي أمسح هذا الانطباع عني ، جاءتني فكرة هذا الموضوع لأكتبه وأنشر الجزء المفقود من القصة – كاملاً – لأبرئ ساحة حبيبتي ومليكتي وأميرتي ومجنونتي (ريهام) ..

ربما هو نوع من رد الجميل لأجمل جميلة أجملت جمال جمالي أنا .. فكم عانت – هي – لكي تصنع مني سحابة قطنية صيفية جميلة ، وكنت أرد عليها بصواعق جنوني وقسوتي وحماقاتي ..

ريهام .. قد أكون بجوارك (ذكراً) كثيف الشعر خشن الصوت سابحاً بين قواميس الهمجية الشرقية .. لكنك بجواري ملكة تحكمينني جيداً .. وطفلة صغيرة تحكم تحكمك علي ..

وهذا يا حبيبتي شرفاً لي .. وتاجاً على رأس رأسي أفخر به.

أعذريني على صغائري وأشواكي الشرقية .. واقطفي مني – كل ما تجدينه – من أشواقي الشرفية ..

وأما عن صديقتك .. فلها أن تقتنع بالجزء المفقود من القصة ! أو تضمنا إلى سابع المستحيلات أو ثامن العجائب .. فلا يهمني شيء سوى: رضائك أنت عني .

بمناسبة الجزء المفقود و(جوليوس سيزر) .. هناك قصة أخرى أردفتها مباشرة بعد القصة الأولى في أذنيها ، ولكن حبيبتي سهت أن تحكيها إلى صديقتها الفضولية لعدة أسباب ليس من شأنكم أيضاً ، لذلك قررت بأن يكون (جوليوس سيزر) هو خاتم الأوفياء هنا:

 

* * * * *

 

كان العظيم (جوليوس سيزر) مع حبيبته في خيمته في نهار صيف قائظ الحر ، كان يهمس في أذنيها بما يليق بأعظم رجل على (ظهر) الأرض – وقتها – لمن تستحق عشق أعظم رجل على (وجه) الأرض .. في اعتراف منه عظمته هو بعظمتها هي ..

وبينما هو يدغدغ أنوثتها بصدق شعوره وأحاسيسه تجاهها بلهيب العشق الجارف لا الحارق ، تذمرت هي بنعومة أنثوية موروثة ومدروسة قائلة:

-        « حبيبي (جوليوس) .. أطلب منك بأن تغلق فتحة الخيمة من وراء ظهرك .. فأنا لا أراك من نور الشمس الحارق .. لا تجعل الشمس بأن تمنعني من رؤية حبيبي »

انتفض (جوليوس) وهب واقفاً بذكورة عاشق غيور من نور الشمس وقال في عظمة حانية:

-        « حبيبتي .. أنت الآن في حضن (جوليوس سيرز) الذي يحبك .. فلا تطلبي منه بأن يسد – مجرد – فتحة في خيمة .. أطلبي منه بكل كبرياء بأن يطفئ – من أجلك – الشمس ذاتها .»

(رواية تاريخية بتصرف!)

 

6‏/7‏/2014

خليفة .. عبث .. ولعنات!

10409631_797035750315007_2117327008222098049_n

الكويئن (تصغير كائن) اللي في صورة ده المفروض أنه يكون الخليفة بتاعي (بحكم أني اتولدت مسلم وكدة!!) .. كان بيخطب الجمعة في جامع بمدينة الموصل في المخروبة اللي أسمها (العراق).. 

طبعاً واضح جداً في الصورة السماحة اللي طالعة من وش دين أمه !! بس مش دي قضيتي .. 

اللي بحاول أفهمه هو:

 

·         هل بحكم أني أتولدت مسلم (بالوراثة) يبقى أتحمل وجوه مثل وجه دين أم فضيلة الشيخ (أبو بكر البغدادي) وعادي كدة؟!

·         - المفروض أبرر لغيري ، وأسمع تبريرات غيري عن القتل العبثي واللا إنساني اللي بتقوم بيه جماعة وسخة زي أوساخ (داعش) واللي كرهوني بمعنى الكلمة في كلمة (الله أكبر) ومش حتكسف أني أقول أني بجد مش عايز أسمع الكلمة دي تاني واللي يحصل يحصل !!

·         هل ممكن يجي يوم وأشوف أبن أخويا يتضرب بالرصاص وعلى راسه كيس زبالة أسود ، أو أشوف حد قريب مني بيتدبح مش عشان حاجة هو عملها ، لأ .. عشان هو ورث شوية معتقدات (من ضمنها دينه خصوصاً لو كان شيعي أو مالوش فيه أساساً )؟!

·         هل ألغى فضيلة دين أم الشيخ اللي في الصورة ده كل صلاحيات واجد الكون والإله الأوحد ، وقرر هو يعاقب البشر عوضاً عن الإله؟!

·         هل يشرفني أنا - بصفتي أنا الإنسان - أن تكون خانة ديانتي في بطاقتي الشخصية نفس ديانة دين أم فضيلته؟!

·         هل يجرؤ أي عاقل أن يتبع تعاليم دين أم سماحته باقتناع دون أن يخاف من طلقات رصاص دين أم أتباعه في رأسه أو يتخيل خرشفة سكين حاد يمر على قصبته الهوائية ، أم يلجاً للخوف والصمت والانقياد والانضمام للقطيع في صمت مغلف بالجبن ومحشو بغريزة بقاء جديرة بفئران ارتضت بالعيش في بالوعة مجاري في العشوائيات؟!

 

عايز أقول كلام كتير وتساؤلات أكتر .. بس اللي بيسبق كل ده هو شوية لعنات حقولها على السريع لفضيلة دين أم مولانا خليفة المسلمين (أبو بكر البغدادي) :

دين أمك على دين أبوك .. على دين أبو أمك على دين أم أبوك ..

على دين أبو دينك .. على دين أم جماعتك وخلافتك .. على أبو دين أم خطبة الجمعة بتاعتك .. على أم دين أبو جاهد نكاحك ..

وائل عمر.

 

28‏/6‏/2014

ببغائيات..!

عن (العرق والقيظ والعطش) المنتظر طوال ثلاثين يوم قادم !

عن الزمن الصريع والانتظار المريع والصبر الفظيع وأهمهم : الانقياد وراء القطيع !

عن (رمضان) أتحدث ..

ذاك الشهر – القمري – المدلل والذي يحظى ثلاثين يومه بالدلال في الشرق الأوسط البائس، ولا ينافسه أي شهر أخر على هذا الكوكب من حيث كم الاستعدادات الروحانية والدينية والاجتماعية والمادية و .. و .. الخ.

وإذا مارست هنا عادتي المجنونة والدؤوبة في الخروج من الدائرة ، سأتكلم عن (رمضان) بطريقة لن تعجب الكثيرين وقد يبدو كلامي استفزازياً لأقصى درجة ، وربما بالغ البعض وتحمس وتشدق باتهامات معلبة بالهرطقة والعربدة والتجديف (والتي تعودت عليها لدرجة السأم!) .. لكن قلمي المشاكس العنيد سينطلق من كبته ، وينز حبراً يحوي أفكاري المكبوتة :

س1 : هل ستصوم (رمضان) هذا العام؟!

ج1 : السؤال في حد ذاته هو مجرد عادة فضولية غير جادة ، ليس من المناسب أن أجيبك بـ (لا) مهماً بلغت درجة وقاحتي ، أنت تسأل وتتوقع (إن شاء الله)! ولا مناص من أي إجابة حقيقية من جانبي ، حديث سخيف وممل يمكن تصور حدوثه بين (جوارب النايلون) لو تمادينا في التخيل لدرجة اللانهائية ! أعتذر عن إجابتي لسؤالك ! ولو أنني أدرك أن اعتذاري ذاته غير متوقع لك بالمرة ، وربما نهشت عقلك الأفكار التحريضية والتكفيرية !! ( أعمل لك أيه طيب؟)

س2 : ماذا يمثل لك رمضان هذا العام ؟

ج2 : لو كان هذا السؤال موجه إلي بحكم مولدي في بلد عربي تشرب في طفولته بالكثير من العادات السيئة والجيدة ، والهمجية والمتحضرة ، فإجابتي ستتشابه مع إجابة أي سجين في جدار زنزانته الباردة والمقفرة ، قبل أن تسألني عن شهر قمري ، أسمح لي قبلاً أن أسألك عن أحدى عشر اخريات في ذات السنة : ماذا يمثلون لك؟ ثلاثون يوماً من ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً ! أما إذا كان السؤال موجه إلي بحكم أنني إنسان ، ستفاجئك قمة التواضع عندي لأنني سأعطيك أرقام تليفونات عدة أصدقاء لي في كندا وأستراليا واليابان وفنزويلا وأمريكا ، يمكنك محادثتهم بمعرفتك وتوجيه ذات السؤال لهم .. بعدها يمكنك العودة إلي وسأحاول ألا أتهرب من سؤالك بطريقة ماكرة كعادتي الخبيثة (شخشخ جيبك في المكالمات الدولي ، وخلي بالك أن الناس دي مش بتعرف تتكلم غير لغتهم الأصلية.. وأساساً أساساً هما معظمهم ملاحدة !!)

س3 : ناوي تعمل أيه في رمضان السنة دي ؟!

ج 3 : بغض النظر عن الهروب من الإحساس بالحر والعطش بالوسائل العصرية الحديثة (النوم في التكييف أغلب ساعات النهار) ، ومصادقة ريموت التلفاز ليلاً ، أو الخروج للولائم والعزائم عند الأهل والأقارب ، أو مؤانسة أصدقائي الأوغاد والتندر بأي المسلسلات التليفزيونية أفضل وأي البرامج لها أولوية المشاهدة ! ونهاية اليوم حتى السحور في خيمة رمضانية .. فلا شيء جديد يضاف لهذا الرمضان عن سابقه .

س4 : هل هناك أي بادرة دينية منك خلال هذا الشهر ؟!

ج 4 : تحدثني عن الدين ؟! إليك الحقيقة : أنت لا تعرف أي دين من الأساس ! نعم .. كراهيتك للأديان الأخرى ومتبعيها وتسخيف تعاليم الآخر ، ثم تتشدق بما أتاك ولا فضل لنفسك عليه به ، ثم تسألني أنا عن بوادر دينية خلال شهر ما يقاس بـ (دبشة) عملاقة في الفضاء تسير راضخة خاضعة لجاذبية الأرض ، لا عزيزي .. لا توجد لدي أي نوايا ولا بادرة دينية هذا العام على الأقل .. لأنني تحررت من عبوديتي لعبوديتي ، وأدرك تماماً بأنني سأصل إلى الحقيقة ذات يوم . حتى ولو اقتربت من المماس الرقيق لأبواب الحقيقة ! بينما أنت قابع في مكانك ، ولا نية منك لإدراك أن ربك لا يحتاج بوادرك الدينية المؤقتة ولا تنكرك العقائدي في ثلاثين يوماً .. بالمناسبة : من أعطاك الحق لتسألني كل ما سبق ؟! هل هي سخافات مجتمعك الهمجي ؟! أم هي مجرد أشياء تنقاد إليها بلا عقل مثل أمور حياتية كثيرة تقوم بها بلا عقل أو وعي جاد منك (حاول أن توسع دائرة مغزى كلامي أكثر وأكثر .. هناك الكثير بين السطور في كل ما سبق)!.

- ماشي يا سيدي ، مفيش أسئلة تاني ! بس بجد ربنا يهديك من اللي أنت فيه .. و رمضان كريم .

- أمممم .. متشكر !!

1‏/2‏/2014

صحوة ..

 

-         «وماذا بعد ؟!»

قالتها هي بصوتها الطفولي الناعم ، وأنا أنظر إلى السقف – كعادتي – وحاجبي الأيمن يعلو كثيراً عن شقيقه الأيسر .. !

-         «نعم .. ماذا بعد ؟!»

قلتها وأنا أخرج عارياً من بحر شرودي ، وأحاول أن أتدثر قليلاً برمال شواطئ الواقع !!

وماذا بعد يا عزيزتي ..

جلست أمامي ترمقني بعدما أهدت إلي حيرتي علامة استفهام بكل بساطة .. وتتوقع أن أرد عليها بطريقتي الساخرة المعهودة ..

فأنا مجنون وأعترف بهذا ..

وهي همست مراراً في أذني بأنها – هي الأخرى – مجنونة ..

يا لها من مجنونة حقاً !!

شتان ما بين جنونك وجنوني يا عزيزتي الحمقاء ..

أنتِ ؟!

أنتِ فراشة جميلة حائرة ، وتملكين فضول قطة مشاكسة ..

عيناك الحالمة تنظر للحياة على أنها (حديقة ورود لا منتهية ، تستحق أن تشم – باسترخاء – كل وردة فيها ) ..

بينما أنا كئيب (السحنة) ، غاضب وثائر دوماً بلا سبب ، وأتمتع بدعابة ثقب أسود منسي في الفضاء السرمدي ..

ونظرتي للحياة على أنها صحراء كئيبة تحيط بها صحراء أكبر .. وأنا فيها مجرد جبل وحيد !!

ربما ردد هذا الجبل – فيما بعد – كلمتك المأثورة ..

نعم .. وماذا بعد ؟!

تلومني عيناك أكثر ، وتصرخ بكل نعومة (فراشية) :

-         « أحمق .. أنت مجرد أحمق أخر مثلهم ..  يا عزيزي عهدتك – دوماً –  جبلاً شامخاً تهوى مضاجعة السماء بعليائك ، فهل اكتفيت بصراخك مثل الأطفال من مضايقات السحب اللزجة على هامتك ؟! هل صار (أمير الجنون) مجرد متسول للشفقة ؟! ألم تكن هوايتك مداعبة السحب حتى تتفتت أمطاراً عبثية تتناثر هنا وهناك ؟! ألم تعترف لي أنك كثيراً ما تستسغ الرقص تحت المطر ؟! أين ذهب أميري بداخلك ؟! ما صرت أرى إلا أحمق ضعيف . »

أتلقى اتهام عينك بابتسامة ملؤها الانكسار ، وأقاوم ملياً لكي لا أنام بوضع جنيني متكور أمامك ..

أحمق؟!

حتى أنتِ تصفيني بالأحمق ؟!

وجدتني – رغماً عني – ابتسم مرة أخرى بسخرية لا تليق بالموقف ، وجذبتها عنوة من يديها .. عيناها المذعورة بدأت في الصراخ الصامت !!

شهقت هي بلهجة (قطة متحفزة) .. ونظرت إلى عيني بترقب جلي !!

(وماذا بعد ؟!) ..

هذه المرة تساءلت هي بصمت صارخ ..

وانتظرت ردة فعلي كإجابة على ملخص تساؤلات الكون بالنسبة لها في هذه اللحظة ..

وفوجئت بشفتاي تجيب عن كل علامة استفهام تدور ما بين أذنيها ..

قبلة عميقة تقابلت فيها شفتان خائفتان بأخرى ثائرتان !!

إنها اللحظة الذي يتفاجئ فيها نجم حائر ببراثن بثقب أسود قابع في الفضاء الأزلي منذ ولادة العدم ذاته ..

أو لحظة لقاء صامتة دارت على سطح وردة غنت طرباً لاستقبال حُبيبة لقاح طال وصولها ..

ربما نفس شعور سمكة صغيرة منكفئة على جانبها وسط بحيرة أوشكت على الجفاف ، بينما يرتطم على جلدها الجاف نقط متواضعة تبشرها عن هطول سيل عرمرم في القريب العاجل ..

 

ترتعش عيناك من نشوة القبلة التي ولدت فجأة بلا أسباب ، ثم قررت أن تتحدى الموت المباغت لأي نشوة ساخنة تدور على سطح شفتيك الملساء  !

وأنا ؟!

أصابني الخدر وأنا أرتشف عبير أنفاسك الدافئ كغريق متعثر وجد مصادفة الينابيع المجهولة للنسيم في بحر أهوج متلاطم الأمواج ..

وأزيح بقدمي جثمان الزمن الذي خر صريعاً تحتنا .. فصارت اللحظة دهراً أبدياً تدوم حتى ما بعد الأبد .

وقرر المكان أن يتنازل لنا عن مكانته ، فصار هو مجرد تابع ورائنا يسير ما بين طرقات العدم الهادئة إلى زحام اللامكان ..

وحدنا نحن من نحدد متى نفض الالتحام ..

ومتى نقرأ شروط معاهدات الاستسلام ..

عندها – يا أميرتي – أضع سبابتي على شفتيكِ لكي أضع حداً لأنفاسك اللاهفة والمتلاحقة ..

وأهمس بأذنك التي تحولت إلى وردة ربيعية حمراء :

-         « لا تقولي – أبداً – على أميرك أنه أحمق وضعيف .. »

وإن همست عيناك مرة أخرى نفس السؤال الأبدي :

« وماذا بعد ؟!»

فأني رسمت على شفتيك لوحة من ألوان جنوني إجابة بسيطة عن (ما هو قبل) ..

في القريب العاجل سيأتي ما هو أكثر ..

ثقي تماماً من نظرتي هذه ..

لأنك ستعرفين حتماً ما هو الـ (ماذا بعد ..) !!

 

 

25‏/1‏/2014

.. وماليش نفس أكتب !

 

ساورني شعوراً مفعماً بالحنين بعدما انتهيت من كتابة اسم المستخدم وكلمة السر الخاصين بموقع مدونتي العزيزة: (عرين الغضب) ..

أكثر من عاماً قد مضى وقد أهملتها وتركتها بفتور .. وحيدة مهملة وسط الكون الرقمي الذي يدعى (انترنت) !! تذكرت كيف كان ينبض هذا المكان من قلب أفكاري، ويسري بسلاسة في أوردة مواضيعي المختلفة ..

نعم .. كانت هنا صولات عديدة متواضعة إلى حد ما ، لكنها خرجت مني بمنتهى الفخر !!

فهذا أنا .. في كل حالاتي !

فجأة .. راودتني ذكريات بداية دخولي لعالم التدوين في أول عام 2008 .. كنت سعيداً بالتنفيس عن مكنوني في وحدة وخصوصية رضيت بها .. لم اهتم كثيراً بالشكل العام للمدونة على قدر سعادتي بولادتها (قديماً كانت الخلفية صفراء اللون وحروف الكتابة باللون الأزرق وخط يرهق العين) ..

كانت البداية باللغة العامية .. لغتي الأم (افكر وأحلم وأتخيل بها) .. لذلك كنت أكتب كما أنطق ، إلا أنني وجدتني مقيداً بحكم تعقيدات اللغة العربية السخيفة ! فأنا مصري الجنسية ، لكنني عربي اللغة !! وهناك تعارض فادح ما بين ما أنطقه في حواراتي العامية وبين ما أكتب واقرأ .. لذلك وجدت صعوبة في تحويل صيغة مستساغة في الكتابة متمردة على قواعد الفصحى ، وتشمل نكهة لغتي المصرية !

وقد بدأ الأمر بالتدريج ، ومع الوقت تملكت أسلوبي الحر في الكتابة كما ارتضيه أنا .. واللعنة على كان واخواتها ولتحترق أن ونصبها ومجرورها ومبتدأها وخبرها في ثلوج القطب الشمالي !

كنت أكتب وأكتب كما أنه ليس لدي شيء أخر في الحياة .. كنت أشعر بالعظمة في أحوال كثيرة مرضياً بالشكل النهائي لفكرتي ، وهذا ما لن يمكنني انكاره ! هذا هو شعوري الحقيقي ولا زيف فيه.

ومع الوقت بدأت عزلتي تنحسر عني ، بدأت العيون الفضولية تزورني بتواضع أول الأمر ، ثم بصفة مستمرة واعتيادية بعد ذلك .

لعله أمراً أربكني كثيراً ، فأنا عابد متبتل للعزلة ! لا أهنأ إلا وقد تكور على يميني الهدوء ، وعلى يساري تجسدت الوحدة .. هذا هو كوني الخاص الذي ارتضيه ولا شيء سواه !

صداقات كثيرة مع الغير قد انهمرت علي من خلال هذا العرين .. إلا أن معظمها قد اندثر وتلاشى بسبب تعقيدات اجتماعية تشوبني أنا وترفض رفضاً باتاً الاحتكاك مع الغير لفترة طويلة ..

وقد انفض السامر مؤخراً .. فقد تخليت عن كل شيء ، وتخلى عني كل شيء .

ليس لدي إلا أن أعيد تكوين ذاتي من جديد !

لدي ما يكفي من الوقت للتعبد في محراب عقلي محاولاً كسر جمود أغلال وقيود تكبلت بها أفكاري ، ربما تساقطت أمطار الروتينية المجتمعية خارج جمجمتي ، لكن – حتماً – لا مجال لها بالداخل مطلقاً ..

سيخرج مرة أخرى الغضب من عرينه .

سأكتب ..

وأكتب .. وأكتب .

سأتشبث بكل ما أوتيت من طاقة لكسر لافتة معلقة داخل تلافيف عقلي مكتوب عليها :

"وماليش نفس أكتب "