29‏/7‏/2008

تعبير حر ؟!

ساد الصمت بغتة على فصل (1/3) بعد ولوج أبلة (مسرات) مدرسة القراءة فيه ! وهدأت الفوضى العارمة التي أثارها زملائي منذ قليل تماماً ، الكل التزم الصمت خوفاً من أبلة (مسرات) !!

حتى (محسن) أكثر تلميذ مشاغب في فصلي والذي يجيد تقليد المدرسين بطريقة مضحكة – خصوصاً أستاذ / رياض مدرس الحساب – قد عاد إلى مقعده ولبس ثوب البراءة الطفولي بخبث وشيطنة .

الكل هنا يخشى أبلة (مسرات) للغاية ، والسبب هو قسوتها في إيقاع العقاب المؤلم لنا .. لذلك لا يجرؤ أحداً هنا في مجرد التنفس بصوت عالِ أثناء شرحها بطريقتها العصبية لنا .

بناءاً على (جدول الحصص) .. اليوم لدينا حصتان تعبير !

معظم زملائي يرتعبوا من حصص التعبير أو حصص تسميع (المحفوظات) ، لذلك يمكنني – وسط هذا الهدوء الرهيب – سماع (كركبة مصارين) بعض زملائي بوضوح !!

سنمر منذ الآن بساعة ونصف من القلق والترقب والخوف !

في بعض الأحيان تعاقب أبلة (مسرات) زملائي بعصبية مبالغ فيها إذا ما اقترفوا بعض الأخطاء الكتابية في موضوع التعبير بالذات ، لذلك تصرخ بصوتها (المسرسع) موجهه كلامها للفصل كله :

«أنتوا شوية بقر .. بهايم .. يا خسارة تعبي في الحصص معاكم .. أنتوا فاكرين نفسكم حتفلحوا يا حيوانات أنتم ؟؟ جاتكم القرف كلكم على بعض ! وأبقوا قابلوني لو فلحتوا » !!

من مكاني في وسط الصف الأول أرمق أبلة (مسرات) بنظرات تأملية باسمة ، كأني أنتشي من عصبيتها هذه ! لعلي أضيف سبباً أخر لاستمرار احتقاري وكرهي لها ..

كأنها تركت بيتها وعالمها الخاص وجاءت متبرعة بوقتها وتشرح لنا مجاناً !! بالطبع هي تأتي إلى هنا طمعاً في مرتبها فقط !


* * * * *

بعد أن فرغت أبلة (مسرات) من كتابة اسم المادة على (السبورة) الكالحة ، استدارت لنا وقالت :

« النهاردة يا (موكوسين) عندكم حصة (تعبير حر) .. أصل أنا زهقت منكم !! اللي عايز يكتب أي حاجة يتنيل على عين أهله ويكتبها !! ربنا يعدي الحصتين دول على خير .. جاتكوا القرف يا بعدا » !!


نسيت أن أذكر مدى سفالة تعبيرات أبلة (مسرات) !! فهي امرأة ذات لسان (زالف) كثيراً ما يتماطر ويتراشق بالسباب لأتفه الأسباب !

«أنت مستني عزومة أنت وهي ؟؟ ما تتنيلوا على عينكم وطلعوا الكراريس واكتبوا الهباب الموضوع ! عجايب والله » !


بحكم قرب مقعدي منها ، اضطررت لدفن نظراتي بين ذراعي كراستي المفتوحة ، لكني رأيتها بطرف عيني وهي تخرج محمولها من حقيبة يدها ، ثم طلبت رقماً ووضعت المحمول على أذنها ، وأبهامها على زر الغلق ! أنها تقوم بما يسمى (ميسد كول) لشخص ما !!

من هو يا ترى ؟؟

* * * * *

بعد خمس دقائق دخلت أبلة (صفاء) مدرسة الرسم .. واستنتجت أن (مسرات) قد أعطت إشارة لـ (صفاء) تعلن فيها أنها متفرغة الآن !!

(صفاء) مدرسة رسم ، لكنها لا تقوم بالتدريس لنا .. بل لفصل (2/3) المجاور .. هي شابة مليحة وجميلة بعض الشيء !! وقد عادت لتوها من إجازة (شهر العسل) .. هي عروسة حديثة بالمعنى المعروف ..


قامت (مسرات) لاستقبال (صفاء) بكل لهفة ، وطبعت على خدها الناعم أربع قبلات بالتمام والكمال ، ثم جلسن في مواجهة مقعدي لبدء حوار سيطول مدته لحوالي الساعة ونصف !

لكن .. هل تركت (صفاء) فصلها وحصتها وجاءت تجلس وتحكي مع (مسرات) ؟؟

لا أعلم !!

وكيف يمكنني أن أعلم ؟؟

* * * * *

(طااااااااااااااااخ)..

دوت الصفعة عالياً على خدي الأيسر ..

أفقت من شرودي هذا لأجد يد (مسرات) اليمنى في الهواء بجوار خدى المصفوع ، كأنها تهدد بضربي قلم أخر إن لزم الأمر !!

هللت (مسرات) في غيظ واضح :

« أنت مابتكتبش ليه يا حيوان أنت ؟؟ أنت قاعد بتتصنت علينا ؟؟ » !


رفعت عيني لها في غل واضح ، وعدلت وضع نظارتي بعدما انعوجت بفعل ضربتها المفاجئة .. وقلت في تأني غاضب بعض الشيء :

« أنا مش بتصنت عليكي يا أبلة (مسرات) ، أنا بس بفكر في موضوع لكتابته .. عشان النهاردة – زي ما حضرتك عارفة – حصة تعبير حر ! يعني مفيش حاجة محددة عشان أكتبها ! » ..

مصمصت شفتيها في حركة قميئة وقالت :

« أحمد يا عمر .. الواد فاكر نفسه (نجيب محفوظ) واللا (يوسف السباعي) .. يا خويا أكتب أي نيلة ، خلاص يعني ؟؟ حتكتب اللي ما اتكتبش ؟؟ جاتك القرف ! » ..


استمرت نظراتي لها بنفس الثبات ، إلى أن تجاهلتني تماماً وعادت إلى حديثها مع (صفاء) !

هي طلبت مني أن أكتب ..

حسناً .. ها هو قلمي الأزرق في يدي ..

ها هي صفحتي البيضاء تنتظر جروحاً زرقاء عليها !!

ها هو الغل الذي أولد غضباً لا حد له ‍‍!!

سأكتب بناءاً على رغبة مُدرستي الغير رقيقة بالمرة !

فهل تدري – هي – ماذا سأكتب ؟؟


* * * * *


كراسة التعبير العزيزة ..

أكتب فيكي الآن في خضم حوار أبلة (مسرات) مع صديقتها أبلة (صفاء) ..

بعيداً عن (اللولب النحاسي) الذي تنصح به أبلة (مسرات) صديقتها – بشدة – في هذه اللحظة ، وبعيداً عن نصائح الأولى التي تؤكد للثانية بعدم تكرار خطأها بعد الزواج بعدما أهملت تركيب (اللولب النحاسي) ، فكان النتيجة بأن رزقت أبلة (مسرات) بطفل وهي في شهر زواجها العاشر !

بعيداً عن كلام الكبار والقليل الأدب الذي تتبادله مدرستنا الآن مع صديقتها عديمة (اللولب النحاسي) !!

أنا بالفعل لا أعرف ماذا أكتب هنا ؟؟

(تعبير حر) ..

هذا نوع الموضوع ..

فهل يعرف طفل في التاسعة معنى كلمة (حر) هذه ؟؟

كيف لطفل أن يكتب موضوع حر وهو لا يملك حتى إفراغ مثانته إلا بعد تذلل ملّح إلى مدرسه السادي المتوحش كي يشعر بالراحة ؟؟

فكيف يكتب من لا يملك حرية التبول في أي وقت يشاء لأن يكتب "موضوع حر " ؟؟

(نقطة ، ومن أول السطر !) ..

سمعت من قبل عن اعتقال طالبة في مرحلة الثانوية العامة لأنها قامت بالتعبير عن رأيها في التعبير ضمن امتحان اللغة العربية في أخر العام ، فأبدت رأيها في السياسة وأحوال البلد الراهنة ، وأيضاً رأيها في رئيس مصر نفسه ! فقامت الدنيا من حولها ولم تقعد !! فكيف لهذه (الماجنة) الصغيرة لأن تبدي رأيها التافه في رئيس جمهوريتها المعظم ؟؟

وقد سمعت بأن صفعات مخبري وضباط الشرطة عندنا أشرس من صفعات أبلة (مسرات) !!

فكيف إذن أكتب (موضوع حر) طالما صاحب الموضوع نفسه ليس حر أبداً ؟؟

هه ؟؟

كيف ؟؟!


* * * * *


كراستي العزيزة ..

مطلوب مني بأن أملأك طوال الساعة ونصف بلغو لا معنى له ، فقط إرضاء لأبلة (مسرات) ومنهج اللغة العربية الغبي ..

حسناً .. دعيني أحشوك بما يدور في حديثهما الآن .. ثم أعود لأكتب فيك بما يدور في رأسي بعدها ..

م – أوعي يا صفاء تدلعي الراجل من أولها .. أتقلي عليه أوي .. أوعي تناوليه غرضه بسهولة !

ص – مش عارفة والله يا مسرات .. الراجل مش عاتقني ، حتى مش مدّيني فرصة أحط مكياج حتى .. على طول (متصربع) .. وبعد كدة (يا حبة عيني) ينام زي القتيل !

م – ما تستغربيش يا حبيبتي ، هم كدة في الأول !! بعد كدة أحنا حنتحايل عليهم ! قطيعة تقطعهم كلهم .. تصوري الراجل بتاعي (الخيبان) بقاله فترة (مش ولابد) ؟؟ بس وحياتك مش حتنازل عن حقي منه ! أنا وصيت الجزار على حتتين كوارع يرمّوا عضمه وعضم اللي خلفوه كمان .. على الله ربنا ينفخ في صورته ياختي ! ده أنا زهقت !

ص – الحمد لله .. لسة ماوصلناش لمرحلة الكوارع (هاها) ..

م – ماتخفيش ياختي ، بكرة توصلوا !! مش عارفة ياختي أيه اللي حصل للرجالة الزمن ده .. قطيعة تقطعهم كلهم مرة واحدة ..

ص – حرام عليكي ، ماتقوليش على (سومة) كدة !

م – (سومة) ؟؟ هو بقى اسمه (سومة) ؟؟ طيب ياختى ..


كراستي العزيزة ..

بغض النظر عن استيعابي لهذا الحوار الغريب أم لا ..

إلا أني كتبته استناداً إلى ما يسمى (تعبير حر) ..

ربما كان تساؤلي هنا عن نقطة واحدة :

هل سيحدث لي هذا الشيء الغامض المبهم الذي يحدث لرجال هذا الزمن أم لا ؟؟


* * * * *

ثلاجتنا بدأت تصدر أصوات واهتزازات عجيبة هذه الأيام .. لم أفضل ارتداء (كاب) أبداً مهماً كان أناقته .. لماذا يظن أبي أني أحب أفلام ذلك المعتوه المسمى (إسماعيل يس)؟؟ بالعكس ، أنا أكره حركاته المستفزة جداً .. أتمنى أن يصبح (محسن) صديقي في يوم من الأيام .. هل هناك أدوية تعالج التلاميذ ذوي الخط السيئ ؟؟ .. أحب أكل الموز والمانجو ، وبدأت أكره البطيخ الماسخ .. ماذا يشجع من لم يقتنع بمستوى فريق الأهلي والزمالك هذا الموسم ؟؟ .. كيف يفهم (الأسانسير) ؟؟ .. هل تتكلم الكلاب والقطط مثلنا ؟؟ هل الشيخ (مجدي) العبيط هو رجل مبروك كما يقول أبي؟؟ .. كيف تكون النار ساخنة دائما ؟؟ هل هناك نار باردة يا ترى ؟؟ .. أتمنى أن أرى جارنا أبونا (بطرس) معنا في صلاة الجمعة القادمة ، لقد طلبت منه مرة أن يأتي معي ، ولكنه رفض ! فهل سيذهب إلى النار يا ترى ؟؟ .. أتمنى أن أشرب سجاير مثل (عمو سمير) جارنا .. كيف تعلم حمار ميت العوم على سطح النيل في حين أني لا أستطيع السباحة ؟؟ .. لماذا يهتز صدر أبلة (صفاء) في حين لا يهتز صدر أبلة (مسرات) أبداً ؟؟ .. هل تشرب (أمنا الغولة) عصير قصب مثلنا ؟؟ هل ستغضب أمي لو عرفت أنني بلعت أحدى حبوب دوائها ؟؟ .. هل الشيخ الشعراوي في الجنة الآن ؟؟ .. هل هناك شجر ليمون في الشمس ؟؟ ..


كراستي العزيزة ..

أتمنى أن يندرج ما سبق تحت اسم (موضوع حر) ..

فهل تعرفي أنتِ إن كان هو فعلاً (موضوع حر) أم لا ؟؟


* * * * *

كراستي العزيزة ..

هل تهتم أبلة (مسرات) ومثيلاتها بما يكتبه تلميذ في التاسعة من العمر مثلي أم لا ؟؟

وهل سيعامل أبنها مثلي في المدرسة ؟؟

أم سيصفعه مدرس على خده مثلما حدث لي منذ قليل ؟؟

هل سيكتب أبنها (موضوع حر) أفضل مني أم لا ؟؟

هل ينام على سريره ليلاً وهو يحمل هم صبيحة اليوم التالي ؟؟ هل يقّدر كم عصا سيأخذها على يده ؟؟ وكم على ظهر يده ؟؟ وكم على مؤخرته ؟؟ وكم على خده ؟؟


هل يعلم أبن أبلة (مسرات) أن مصير وجوده في الدنيا توقف على عدم تركيب أمه لـ (لولب نحاسي) ؟؟


* * * * *


كراستي العزيزة ..

من قال أني نسيت ضربة أبلة (مسرات) على خدي ؟؟

أنا لم أنس أبداً .. ولن أسامحها أبداً على هذه الفعلة ..

سأردها لها بطريقتي .. ليس مهماً أن يكون الألم محسوساً على خدها أو حتى جسدها .. بل سيكون ألماً نفسياً على طريقتي أنا ..

لقد أثارت ضربتها هذه حقداً بداخلي يكفي حرارته قتلها ألف مرة ..

سأنتقم منها ..

وعلى طريقتي الخاصة ..

ولن تكفي (حتتين) كوارع لرمّ (عضمها) هي أو حتى (عضم اللي خلفوها) ..

كراستي العزيزة ..

أنا أكره أبلة (مسرات) .. وكل ما تقوله أبلة (مسرات) ..

فهل ستشي – آيا كراستي العزيزة – لها بذلك ؟؟


* * * * *


كراستي العزيزة ..

انتهت الحصتين ..

وانتهى وقتك معي الآن ..

بعدها ستكونين معها ..

أبلة (مسرات) ..

ربما ستطالعك كلك ..

ربما ستقرأ الموضوع كله وبحذافيره ..

ربما ستهملك أيضاً ..

هذا شأنها هي ..

لقد أنهيت ذلك المدعو (موضوع حر) ..

ولا يهمني رأيها بعدها ..

لقد مات بداخلي الخوف منها ودفنته هنا بداخلك ..


كراستي العزيزة ..

شكراً ..

* * * * *


بعد انتهاء زمن الحصتين ، قام كل تلميذ من مكانه لتسليم كراسته إلى أبلة (مسرات) .. بعضهم يرتجف في وجل ويرتعب من العقاب المنتظر في حصة التعبير التالية .. وبعضهم لا يبالي بالمرة ..


إلا أني متأكد من عمق نظرتي الساخرة إلى عين أبلة (مسرات) وأنا أسلمها كراستي العزيزة ..

وأعطيتها ظهري عائداً مقعدي في وسط الصف الأول ، متجاهلاً بكل صفاقة نظرات عيناها الذاهلة والمتسائلة !

وعقلي الصغير يدور ويدور .. وبداخله أفكار شريرة وماكرة تتوالد في لهفة وغل .. ربما انعكست بضع أفكاري هذه على عيني بطريقة أو بأخرى ..

فهل ستعرف يا ترى سر نظراتي هذه ؟؟


21‏/7‏/2008

وطن أسمه (مصر) !! (الجزء الثاني).

عدت اليوم لتكملة باقي حواري عن مصر ..


أولاً دعوني أعرفكم على هذه الفتاة التي تقف بجواري !!

هل ترونها ؟؟

لا ؟؟

دعوني إذن أصفها لكم :

هي سمراء اللون ، لكنه سمار خام وخاص بها وحدها .. سمار يصعب أن تجده في غيرها .. سمار يميزها هي فقط .

عيناها واسعتان نجلاويتان .. عينان تتسمان بلمحة تأمل واضحة .. لكنهما تشعان انكسار واضح وكسيف !

ثغرها ؟؟ لعله أغرب ثغر رأيته في حياتي !! شفتها السفلى ترسم ابتسامة جاهزة في أي وقت ، ولأي شخص !! لكن .. شفتها العليا محفور عليها حزن جارف وكئيب !! كيف يجتمع هذين الشفتين يوماً على الرغم من تضادهما الرهيب ؟؟ هذا سر خاص بها وحدها !!

شعرها الطويل الذي هو بلون الأحلام ورشاقة النسيم ، والذي يجري على طول جسدها الأهيف الممشوق الطويل في خفة ويسر !! لكنه يشوبه بعض القذارة الواضحة للعيان !

ملامحها العمرية تؤكد أنها متقدمة في السن !! بل هي أكبر من عرفت حياتي سناً !! ولكن كيف يبدو على وجهها نضارة الشباب الأبدي ؟؟ كيف أشعر عندما أراها أنها طفلة وشابة وعجوز في ذات الوقت ؟؟ لا أدري !!

ملابسها محتشمة طوال الوقت !! لا تبدي خلاعة واضحة في ذوقها الملبسي !! ربما هي لا تختار ما ترتديه من ملابس .. من قبل رأيتها تلبس رداءاً أخضر اللون .. أما الآن فهي تلبس رداءاً مكوناً من ثلاثة ألوان ( أسود ، أبيض ، أحمر) ..


أعزائي ..

يشرفني بأن أقدم لكم :

مصر ..

مصر ذاتها تقف معي الآن .. وتقف أمامكم أنتم أيضاً !!

فهل بينكم ما يفسر لي التضاد الواضح في معالمها ؟؟

لماذا هي جميلة وقبيحة ؟؟

لماذا هي نظيفة وقذرة ؟؟

لماذا هي شابة وحيزبون ؟؟

لماذا هي سعيدة وبائسة ؟؟

لماذا هي شامخة ومنكسرة ؟؟


لا أحد يعرف ؟؟

إذن دعونا نحاول لأن نعرف ..

اسمحوا لي بأن أطفئ سيجارتي استعداد لقيامي بعمل عنيف نوعاً ما بكلتا يداي !!

ها أنا أمسك (مصر) من شعرها بحزم وقوة بيد ، وبيدي الأخرى أنزع عنها ملابسها بقسوة وأمزقها تمزيقاً ..

نعم ..

أنا أعرّي (مصر) أيها السادة ..

أنه ليس نوعاً من أنواع (الأستريبتيز) لوطن بقدر ما هو محاولة لاستكشاف ما يداريه عنا ذلك الوطن الحزين والخائب !

والآن ..

أنظروا إلى جسد وطننا العاري ..

لماذا تطرقون بنظركم إلى الأرض هكذا ؟؟

لماذا يغمض البعض عينه ؟؟

لماذا أصاب الحياء غالبيتكم ؟؟


آيا أعزائي ..

هذا الوطن ليس لديه أي نوع من (العورات) الحسية مثلنا .. هذا ليس جسد آدمي بالمرة !! أننا في مهمة استكشافية من نوع خاص لبحث أسباب الخلل في هذا الجسد !

أرفعوا رؤوسكم أيها السادة .. وافتحوا أعينكم جيداً ، وأيضاً آذانكم !

أنظروا إلى جسد (مصر) .. عارياً تماماً ..

ولكن ..

أحذركم من النظر في عين (مصر) الآن .. فهي في أشد حالات الانكسار منذ أن جاءت إلى الحياة .. هي الآن تنظر إلى الأرض .. دامعة العين .. يصدر منها نحيب صامت وغامض ..

فدعونا ننهي مهمتنا سريعاً هنا ..

فمهماً كانت نيتي وغرضي فلن احتمل رؤيتها هكذا أبداً ..

دعونا نبدأ إذن :


* * * * *

هل ترون هذه الجروح الصغيرة على جسدها ؟؟

أنها بقايا من حروب وغزوات تورطت فيها رغماً عنها ..

فقد طمع الغزاة والأعادي في جسدها العامر والشهي بالنسبة لهم ..

الكل طمع في مضاجعة هذا الوطن بلا شفة !!

ولم يهتموا مرة لصرخاتها المتوسلة أبدأ ..

كل همهم هو المتعة فقط !!

أعدادهم لا تحصى ولا تعد ..

على الرغم من اختلاف جنسياتهم ولغاتهم وثقافتهم .. إلا أنهم اشتركوا في نفس المأرب ..

مصر .. وخيرات مصر ..

كلهم رغبوا في أن تكون (مصر) عاهرته الخاصة ..

الأسكندر الأكبر ..

جنكيز خان وحفيده هولاكو خان ..

الصاري عسكر نابليون بونابرطه ..

العبيد المباعين في الأسواق الحرة والأوكازيونات المسمين اعتباطاً بالممالبك ..

ملكات المملكة البريطانية ..

محمد علي الكبير وأبنائه وأحفاده وأبناء أحفاده وأحفاد أبنائه ..

حتى جيش الدولة الوليدة المسماة (إسرائيل) احتلتنا بعد هزيمة مخجلة ..


هذا الجسد يا أعزاء قد مر عليه معظم جيوش شعوب الأرض ذهاباً وأياباً دون مراعاة لحرمته !

وعندما أتساءل عن السبب الرئيسي لتلك المشكلة المسببة لاغتصاب وطن بأكمله عدة مرات من عدة شعوب .. واستناداً للقواعد المنطقية والقواعد الرئيسية ، سنجد أن القاسم المشترك الأكبر في تلك الحالات هو :

شعب مصر ..

كأن الدأب الدائم لهذا الشعب المحير هو الارتضاء بالذل في أي وقت وفي كل مكان ومجاناً بلا مصروفات إضافية ..

ربما سمعنا عن بعض المظاهرات والثورات البطولية في تاريخ مصر .. لكنها قياساً بتاريخه الطويل سنجدها غير كافية بالمرة ..

فمثلاً الاحتلال البريطاني لمصر قد قارب المائة عام ، وعندما خرج الجيش البريطاني عن مصر في عهد الرئيس (جمال عبد الناصر) بعد معاهدات واتفاقيات مثيرة للشفقة .. تم الخروج من مصر تحت اسم : الجلاء البريطاني عن مصر !

كأن مصر تحولت إلى خرقة قذرة وبالية امتلأت بالأوساخ ، فألقوا مصر إلينا تحت اسم مهين هو (الجلاء) .. وحتى الآن نحتفل في يوم 18 يونيو من كل عام بهذا العيد المذري المسمى بـ (عيد الجلاء) ..

ولو كنا تحمسنا قليلاً في تحديد يوماً معيناً في السنة للاحتفال بخروج غازي من مصر ، لامتلأ تقويمنا السنوي بـ 365 يوم أعياد قومية !

تخيل معي وطن له أعياد استقلال ونصر وتحرير وثورة ومقاومة بعدد أيام السنة !

أنه حتماً وطن في أجازة طوال التاريخ !!!


* * * * *

عودة إلى جسد (مصر) مرة أخرى ..

في بداية هذا الموضوع وصفت لونها بالأسمر !!

ربما لأني رأيت لون وجهها ورقبتها وذراعيها وقدميها ..

إلا أنني بعدما عريتها ..

وجدت لونها أصفر تماماً ..

أشبه بالسحالي الهزيلة ..

هل تعرفون ما هو اللون الأصفر الذي يغزو – هو الأخر – ملامح مصر ؟؟

أنه لون الصحراء ..

صحراء أيها السادة ..

معروف جغرافياً وجيولوجياً وطبوجرافياً بأن المساحة التي يشغلها السكان في مصر تشكل 4% من مساحتها الإجمالية ..

دعوني أكرر مرة أخرى :

« تشكل 4% من مساحتها الإجمالية » ..

فقط وقدره أربعة في المائة !

Only Four Percent.


رجوعاً مرة أخرى إلى قواعد المنطق والرياضة ، دعوني أسأل :

كيف يعيش شعب يبلغ تعداده 72 مليون نسمة في مساحة قدرها 4% من إجمالي مساحة وطنه ؟؟

ولماذا تشغل 96% من مساحته الإجمالية مجرد صحاري ؟؟

السبب في هذا هو (حابي) ..

أو النيل العظيم ..

فهو يشق مصر طولياً من جنوبها إلى شمالها ، ونحن نستقر على ضفتيه فقط..

هذا هو شعر مصر والذي تكلمت عنه في بداية الموضوع أيضاً ..

يا ترى ما هو مصيرنا نحن المصريين دون هذا النهر ؟؟

كيف ستكون حضارتنا ؟؟

لماذا يبدو وطني قبيحاً على الخارطة ؟؟ هل هناك طرق أخرى بديلة لمحو هذا الكم المخزي من الصفار ؟؟

4% ؟؟

96% ؟؟

هل علم الهندسة المدنية يهتم فقط بإنشاء كباري ومباني ؟؟

هل توجد وسيلة لمد مياة النيل إلى الأراضي الأخرى المحرومة منه منذ ميلاد التاريخ ؟؟

هل هناك محاولة أخرى صادقة بدلاً من المشروع الهرائي المسمى (توشكى) يسعى إلى توصيل جوانب حية إلى باقي جسد مصر الميت ؟؟

لا أظن أن هناك أقسى من جسد وطن ميت !!



* * * * *


فلنهلل جميعاً لكاتب السطور السابقة !!

أشكرك للغاية يا عزيزي .. ولو أني تأثرت من أسلوبك الواقعي والسوداوي .. وإن كان يحوي بعضاً من الكآبة الواضحة !

شكراً لك مرة أخرى وأتمنى رؤيتك قريباً ..


دعونا نكمل الموضوع بأسلوب أخر ..

أسلوب خالي من التاريخ والجغرافيا ..

أسلوب يركز على البساطة في الحوار !

أسلوب قد يحوي ثمة مجاملة لهذا الوطن .


* * * * *


«المواطن المصري » !!

مصطلح يصف حاملي الجنسية المصرية ! وبالرغم من قذارة معنى كلمة (مواطن أو مواطنين) .. إلا أننا اتفقنا بأن الشخصية المصرية متميزة بالطيبة والشهامة و(الجدعنة) والأخلاق الحميدة ، كما أنه يعشق الضحك ومرح بطبعه وذواق للنكتة .. و .. !

تقريباً المصريين هم ملائكة ، لكنهم بدون أجنحة!

كلام جميل ومؤثر ..

لكنه جدير بأن تقرأه في جريدة (أم منص) أو تسمعه في برنامج تثقيفي على القناة الأولى الأرضية المصرية ..

إذا نظرنا حولنا في وجوه بعضنا البعض .. سنجد لمحة حزن وكأبة واضحة لكل ذي عينين ! معالم الغم تفترش الوجوه المصرية في سخاء واضح .. أنظر إلى أي شخص يمشي في الشارع أو في حافلة مواصلات أو في طابور .. أنظر إلى زميلك في العمل أو الفصل أو المدرج الجامعي ، أو في أي مكان تختاره أنت .. ستجد – حتماً – معالم البؤس الجلية !

إذن فنحن المصريين غارقون في الهموم غرقاً ..

المصيبة أن كل منا يعتقد أن مشكلته جديرة بأن تتوقف الأرض عن دورانها تقديراً لصعوبة ما يمر به من ظروف قاهرة ! لذلك جل ما يفعله المصري هو الشكوى ، والشكوى فقط دون أن يحاول أن يجد حلاً لما يعاني منه ..

وإذا وضعنا شخصية المصري تحت (ميكروسكوب) لا يعرف المجاملة أو المنافقة سنجد أنه :

  1. ذو طباع همجية بعض الشيء .
  2. عكر المزاج في أحيان كثيرة .
  3. يفكر بيده لا بعقله .
  4. يعشق الفهلوة والأساليب العجيبة الملتوية .
  5. تعلم أن يكبت آرائه الخاصة ويكتفي بآراء الأغلبية حتى ولو كانت خطأ .
  6. أدمن الانقياد من الآخرين .. ويبحث دائما عمن يقوده !
  7. سلبي إلى أقصى درجة ..
  8. يعشق الكلام .. يعشقه للغاية .
  9. من أعظم هوايته تتبع الشائعات والفضائح (حبذا لو كانت فنية أو سياسية) ، ثم يرددها بعد ذلك بصيغة العالم بخفايا الأمور .
  10. يكره الاعتراف بأخطائه أو جهله في أمر معين .. بل يتمادى أكثر وأكثر .
  11. مستعد للقيام بمشاجرة أو بمعركة كلامية في أي وقت ومع أي شخص لأتفه الأسباب .
  12. يعتبر الذوق أو احترام الآخرين خيارات فرعية يمكن التغاضي عنها في أي وقت يشاء.
  13. لا يحترم الوقت أو المواعيد إطلاقاً .
  14. يعاني كثيراً من الروتين المفروض عليه من حوله (خصوصاً في المصالح الحكومية) ، إلا أنه يمارس – بكفاءة – أنواع أخرى من الروتين التعسفي على نفسه ، وعلى غيره أيضاً .
  15. مستعد لتصديق أي خرافة دينية سخيفة مهما بلغت لا معقوليتها .
  16. يعتقد أن فرشاة الأسنان ومزيل العرق هي أدوات كمالية وليست ضرورية بالمرة .
  17. جبان .. وأكثر ما يخشاه هو الحكومة ورجالها .
  18. مستعد لنشر القذارة في أي مكان عام يرتاده.
  19. فضولي جداً .. إلا أنه فضول ممزوج ببرود ولزوجة و(تناحة) غير طبيعية .
  20. على الرغم من أنه يخشى الحسد كثيراً جداً ، إلا أنه مستعد لدفع (دم قلبه) ليبدو بمظهر القوم الأثرياء ويجلب الأنظار إليه .
  21. نسبة كبيرة منهم لا تفكر بالسفر خارج مصر إلا لأسباب دينية (القيام بالعمرة أو بالحج).
  22. قد يلاحظ أن الآخرين يسببون الإزعاج بصوتهم المرتفع ، إلا أنه لا يلاحظ مدى علو صوته هو (خصوصاً اثناء التحدث في المحمول في مكان عام!).
  23. لا يتقبل أن يتحاور أحد معه بغرض التعبير عن الرأي ، بل عليك أن تقول ما يقتنع هو به .
  24. متوسطي الحال منهم يعتقد بأن الأثرياء كلهم (حرامية) وأن أموالهم حرام.
  25. الأثرياء منهم يعتقدوا بأن متوسطي الحال عبارة عن حاقدين وحاسدين وجاهزين في أي وقت للفتك بهم إذا لزم الأمر .
  26. لا يتذوق الفن إطلاقاً ، وكل معلوماته عن الفن هو (ما تقدمه السينمات أو القنوات الفضائية من الأفلام) .
  27. مهمل في صحته أثناء شبابه ، ويبدأ معاناته مع المرض في سن الخمسين .
  28. لا يعرف شيئاً عن الرياضة سوى (كرة القدم) .
  29. أحياناً يتحمس كثيراً لأي فكرة جديدة عليه ، ثم بعدها يخفت حماسه شيئاً فشيئاً ليعود كما كان في السابق .
  30. على الرغم من كل ما سبق ، إلا أنه يعتقد دائماً بأنه يعرف كل شيء وأنه – ببساطة – أبو العريف .


لا مستقبل لمصر ..

ستخمد الحضارات الأخرى ، وتبدأ حضارات أخرى .. ونحن على حالنا المزري ..

سنظل كما نحن بفكرنا المتخلف الرافض للتجديد بكافة صوره ، ستظل مصر (مزبلة) متوالدة ومستمرة إلى الأبد دون أن يأتي (زبال) كفؤ قادر على التحكم في (زبالتها) والسيطرة على (المستزبلين) ..

سأترك لكم مصر عارية هكذا ، إلى أن تبدءوا في سترها بمجهودكم .

سأتركها غنيمة لبرد الشتاء وأشاهدها وهي ترتجف أمامي في صمت كئيب ..

سأمنحها لذباب الصيف اللزج لكي يعبث بها كيفما شاء ، ودون أن أمنحها أقل فرصة للتذمر .

ها أنا أحضر مقعداً وثيراً وأجلس أمامها في تلذذ ..

أضع قدمي على ملابسها الممزقة ..

أنشر الظلام حولي وحولها ..

أنظر لها بنظرة قرف مملوء بحنان صادق ..

أشعل سيجارتي في هدوء ..

وأسحب منها نفساً عميقاً وأنا أتأمل جسدها الأصفر الكئيب ..

أدندن بصوت خافت وأنا أقاوم دموعي :

عظيمة يا مصر .. يا أرض النعم

يا مهد الحضارة .. يا بحر الكرم

نيلك ده سكر .. جوك معطر

فجرك منور .. بين الأمم

عظيمة يا مصر .. يا أرض النعم

...

..

.

(نهاية الجزء الثاني ! هناك جزء ثالث .. لكنه سيأتي لاحقاً ، حتماً سيأتي).


10‏/7‏/2008

وطن اسمه (مصر) !!

ر ، ص ، م

ثلاثة أحرف اجتمعوا معاً ليشكلوا أسم وطن ..

مصر ..

وهذا الوطن يحوي في طياته ملايين من البشر .. وملايين من العادات .. وملايين من الطقوس التي تمارس يومياً من خلال البشر طبقاً للعادات الموروثة منذ القدم!

حينما تجتاح مشاعرنا موجة رومانسية من الوطنية ، فأننا نغنى مع (عفاف راضي ، محمد ثروت ، محمد العزبي ، صفاء أبو السعود ، شعبان عبد الرحيم) بضع من الأغاني الوطنية الحماسية .. بالذات في مناسبات الاحتفالات القومية ! ربما تحتوي على مشاعر وطنية مبالغ فيها غالباً .. لكنها في النهاية مجرد أغاني نغني بها على بعض ! واتفقنا على أن نتغاضى ونتعامى عن كم (الاستعباط الوطني) في تلك الأغاني .. ربما لأننا نوهم بعضنا بأن ما تعبر عنه هذه الأغاني هي فعلاً مصر !

لكن ..

في الحياة اليومية ، وفي الأيام العادية يحدث شيء أخر ..

وشتان ما بين رومانسية تلك الأغاني وواقعية مصر الآن ..

كأننا اتفقنا أن نغني على بعض في مناسبات خاصة ومحددة فقط ! ولا يحق لنا بأن نتغنى في حب مصر في الأيام العادية !!

فمثلاً إذا وقفت في عربة مترو أنفاق مزدحمة بالركاب ، ورائحة عرق الواقفين جواري تغزو (نخاشيش) أنفي المسكين بلا رحمة ، وأحاول جاهداً لتخليص قدمي من كعب الشخص السمين الواقف أمامي ، وأسعى جاهداً بعدم حك كوعي بصدر الفتاة الجميلة التي تقف على يساري ، وأحرص على ألا يسرق محفظتي الشخص الواقف على يميني و الذي يبدو على وجهه ملامح إجرامية واضحة ، وأحاول أن لا أسترق السمع في الحوار الجدّي الذي يدور بين العجوز الحيزبون وبين التي تجلس بجوارها عن غلو الأسعار هذه الأيام ..

في وسط تلك الظروف الجبرية المحيطة ، ما الذي سيحدث إذا ارتفعت عقيرتي بالغناء فجأة بأغنية :

مصر هي امي ..نيلها هو دمي

شمسها في سماري .. شكلها في ملامحي

حتى لوني قمحي .. لون خيرك يا مصر..
مصر مصر .. مصر مصر..
ما تلاقيش مثالها .. ست كل عصر
ضلة جنب نيلها .. تسوى ألف قصر
و لا وردة بلدي .. فيها عطر مصر
و لا جو مصر .. و لا سحر مصر..
مصر .. مصر ..


يا ترى كيف سيكون رد فعل الواقفين من حولي ؟؟

مع أني أشدو بأغنية وطنية ، مثلي مثل أي شخص (يدندن) بأغنية عاطفية أو أغنية شعبية في أي مكان ..

لماذا يختلف رد الفعل هنا ؟؟

لماذا سأواجه نظرات قاتلة من كل من حولي قاطبة ؟؟

لماذا سأسمع كلمات توحي بأني شخص هارب من (السرايا الصفرا) ؟؟

لماذا ستصيب سهام السباب كرامتي بكلمات مثل : (بس يا أبن 60 × 70) ؟؟

لماذا سأتحول إلى أعجوبة المترو الوحيدة في ذلك الوقت ؟؟

لماذا ..

ولماذا ؟؟


أنها ليست محاكمة بالمعنى المعروف ، لكنها رؤية خاصة عن بلد احترت كثيراً في إيجاد وصف مختصر له في هذا الموضوع ..

مصر ..

التي قال عنها السابقون الكثير والكثير ..

منهم (هيرودوت) الذي قال يوماً : "مصر هبة النيل "..

وأيضاً قال عنها (المتنبي) أيضاً : "و كم ذا بمصر من المضحكات و لكنه ضحك كالبكاء " ..

لكن ..


ماذا سأقول أنا عن مصر هنا ؟


******************************


أنت جبان ..

نعم ..

أني أخاطبك أنت أيها القارئ ..

ودعني أكررها :

أنت جبان ..

لو كنت مصري الجنسية ، فدعني أقول عليك أنك جبان .. وأنا أيضاً جبان مثلك !

ودعنا ننحي ظروف قلة أدبي هذه جانباً ، ودعنا نزيح سبابك الرفيع المستوى الموجه لشخصي جانباً أيضاً ..

دعنا نتحدث بهدوء ..

دعنا نكون :

جبان يكتب .. وجبان يقرأ ..

جبان يحاور .. وجبان يتحاور ..


******************************

  • ما هو الوصف الذي يطلق على شعب بأكمله حرُم قصراً من إبداء رأيه في نفسه أو في ما يحيط به ؟؟
  • ما هي الكلمة التي تصف من أساء فهم مصطلح (الحرية الشخصية) واعتبرها مفهوماً يدل – فقط – على أمكانية التدخين في الأماكن العامة أو الجلوس بالملابس الداخلية في المنازل أو حتى اختيار نغمة معينة على هاتفه المحمول ؟؟
  • لماذا لا يندرج بند ( التعبير عن الرأي) تحت مظلة (الحرية الشخصية) ؟؟
  • ما الذي يدعو (جبان) مثلي إلى نشر آرائه الخاصة في موقع أجنبي تحت اسم مستتر الهوية وصورة شخصية مشوشة وغير واضحة المعالم لي ؟؟
  • ما الذي يدعو (جبان) مثلك في استغراب كلامي حتى هذه اللحظة ؟؟


الحرية الشخصية لها مفهوم أوسع من أن يفهمه أمثالنا نحن العرب المساكين الجبناء !! وهناك عدة أنواع من الحرية الشخصية .. وأنظفها على الإطلاق هي أن تعبر رأيك بأسلوب متحضر وواعي !!

وهذا الموضوع هو محاولة بائسة لإبداء رأيي أنا في وطن بأكمله ، بعيداً عن الكلام المنمق والمزين والذي يجب أن يقال في مثل هذه المناسبة بالذات!!


******************************

(العرب أمة لا تقرأ) ..

كلمة مأثورة قالها الراحل (موشى ديان) إبان الاعتداء الإسرائيلي على مصر ..

قد تستفزك الجملة التي قالها هو ..

وقد تستفزك كلمة (الراحل) والتي وصفت بها (ابن الكلب) موشى ديان ! لكنه – رغماً عني وعنك – رحل عن دنيانا في ستين داهية !! لكن دعنا نتأمل في كلمته قليلاً ..

هل نحن فعلاً أمة لا تقرأ ؟؟

؟؟

نعم .. أننا بالفعل أمة لا تقرأ .. أي أن هذا السافل لم يكذب على الإطلاق !

فأكثر المطبوعات انتشاراً في مصر هي :

( الأهرام والأخبار ).. وفوق البيعة نضيف (الجمهورية )..

وكلها جرائد توصف بــ "الحكومية" !! أي أنها لسان الحكومة إلى الشعب .. وتحتوي هذه الجرائد على هراء متغوط المحتوى والمضمون !! فعند اطلاعي – مصادفة – على أحد هذه الجرائد ، يجيئني هاجس بأن (مصر بخير) والحياة حلوة ، والحكومة تبذل أقصى جهدها في إقامة المشروعات الجبارة والقوية والتي ستفيد آلاف الشباب العاطل في إيجاد فرصته للعمل .. كما هناك خطط مستقبلية لتحسين معيشة المواطن المصري ! وأن علاقتنا الخارجية مع باقي الدول أفضل ما يرام في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة للرئيس القائد محمد حسني مبارك !! ثم أجد زاوية ثابتة لمدير تحرير هذه الصحف مثل (ممتاز القط) يمسح الجوخ حرفياً لرئيس الجمهورية بلا حياء فكري على الإطلاق .. فهو يتغزل فيه كما يتغزل العاشق بحبيبته بلا أدنى مراعاة لشعور غيره من الشعب المسكين والجبان أيضاً .. وأخر مرة قرأت مقال لممتاز القط كدت أن أصاب بمرض الفالج (الشلل الدماغي) من كم المبالغات الرهيبة في التعبير عن حب الشعب كله للرئيس القائد ، وأكاد أراه يسجد في مقاله لله شكراً على اصطفاءه لشخص الرئيس دوناً عن غيره لقيادة الحرافيش الغوغاء الذين هم شعب مصر !!! كان ناقص يكتب :

يا ريسنا يا حليوة يا مقطقط ، يا كاسي الشعب ومغذيه ..

لو حد غيرك في مكانك .. كان حيجوع شعبك ويعريه ..

!!


هناك أيضاً صحف تسمى (المعارضة) .. مثل الوفد والدستور والمصري اليوم .. وهي تداعب الحكومة والسلطة وتشاغبها بما تسمح به السلطة نفسها .. أي كلها مقالات مدروسة ومعروف نتائجها مسبقاً .. أحياناً أهرب من قراءتها كلما سمحت لي الظروف !


النوع الثالث والأخير هو (الصحف الصفراء) .. وهي صحف تهتم بمادة الجريمة والفضائح الجنسية فقط .. لذلك تجد عناوينها مكتوبة بالخط العريض (ضبط الممثلة المشهورة وهي عارية في أحضان مدير نادي قاهري مرموق ) أو (جاء إلى القاهرة لينتقم لشرف العائلة ويقتل شقيقته اللعوب ) .. كلام فارغ ببساطة ! إلا أن هذه النوعية من الصحف تلاقى رواجاً لا يمكن إنكاره من الشعب !


هذه هي معظم المنابع والتي يستقي منها المصريين ثقافتهم اليومية !!

ومع أننا نؤمن بأن الجرائد الحكومية مثلاً تواري ثلاث أرباع الحقيقة والواقع ، إلا أننا مازلنا نقبل على شرائها بلهفة كل يوم !!


لكي لا أكون ظالماً .. لا يجب أن أنسى ذكر الكتب ..

وإن كان حالها متردي في مصر .. فمعظم المكتبات تروج لكتب غريبة المحتوى !

أكثرها الكتب الدينية المليئة بالخزعبلات للأسف ..

فهذا كاتب يصف الجنة طولاً وعرضاً وارتفاعاً ، وعن شقاوة ودلع الحور العين اللاهفات لرغباتك الجنسية في أي وقت تشاء !! وأيضاً حلاوة وطلاوة الخمر المعتق الذي يجري في أنهار مشرق ومغرب الجنة !! أيضاً هناك تخيلات ساذجة ورخيصة يحتوي عليها الكتاب لا هدف لها إلا رواج الكتاب نفسه بأي ثمن !!


وأيضاً الكتب التي تتحدث عن عذاب القبر بكل طلاقة كأن كاتبيها قد ماتوا من قبل ثلاثة مرات ومروا بتجربة عذاب القبر .. هذه كتب مصنفة تحت (كتب الرعب الديني) الذي يجعلك تتخيل أن كل ما تفعله في دنياك ما هو إلا خطيئة كبرى تستحق دخول جهنم عقاباً لك على ارتكابها .. حتى أني تصورت إن نومي على جانبي الأيسر هو آثم بليغ سيعاقبني عليه الثعبان الأقرع حسب كلامه !! ولو أني لا أؤمن بتلك الخرافة المسماة (الثعبان الأقرع) ..


ولا ننسى الكتب الجنسية الرخيصة، وكتب الرجيم المشبوهة ، وكتب الطهي الخزعبلي ، وكتب كلمات الأغاني العاطفية القديمة !!

كل ما سبق هو معظم الموجود في المكتبات الثقافية ..


فما هو الدليل على أن أمتنا تقرأ ؟؟

حتى وإن كان فينا من يقرأ ، فكم نسبتهم مقارنة بمن لا يقرؤون ؟

مع أن أول كلمة جاءت من الله على أمتنا هي (أقرأ) ؟؟

وليس هناك أسخف من شعب جاهل لا يفهم أموره ، فلو أن شعبناً يقرأ ما كان هذا حالنا أبداً !

تخيل حال المصريين لو قرأ معظم مثلا كتاب الدستور المصري وأجاد فهمه ، هل يستطيع يوماً أن يرضخ للأكاذيب الدعائية التي تصبها أبواق الدعاية الحكومية في أذنه ؟؟!

هل سيرضخ للمحاولات المهينة لإسكاته وإخراسه في وطنه من خلال أيدي السلطة الغاشمة ؟؟

هل سيقبل بمعيشة أقل مستوى من التي قرأ عنها في الكتب ؟؟

لا أظن !!

فالثقافة هي عدو الدكتاتورية الأول !

لهذا السبب قال النازي القذر (جوبلز) وزير دعاية الوغد النازي (هتلر) :

" كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي " ..


نعم أيها الجبناء المذعورون .. دعونا نتسلح بالثقافة ..

دعونا نعرف حقوقنا كاملة لكي نعيش عيشة تليق بآدميتنا !

ولكي تزول منا تهمة (الجبن) التعبيري ..

ولكي لا يردد أقارب (موشى ديان) وورثته بأننا لانزال أمة لا تقرأ ..


******************************

استمراراً لوصفي لي ولك بالجبان ، سأتكلم في هذا الشق عن معالم أساسية موجودة في حياتنا العادية المصرية .. وأتمنى أن أجد شجاع واحد يوقفني عما أقوله ، ويفند بالبراهين كذب كلامي هنا :

  • أنت لا تستطيع أن تقول رأيك في رئيس مصر ، أو حتى محافظ بلدتك صراحة في وجود أتباع الحكومة أو الشرطة من حولك !! عليك أن تقول ما يرضيهم هم فقط حتى وإن كان هذا ضد رأيك الخاص !! (أيوة ، عشان أحنا جبناء) ..


  • مهما بلغت درجة رقي الحي الذي تسكن فيه ، فلابد من الحين والأخر أن (تطفح) المجاري القذرة منفرة الرائحة الحاملة لكم لا بأس به من الأمراض الحميدة والخبيثة لقاطني المنطقة .. وهنا يهرع أحد سكان المنطقة للاتصال بمصلحة المجاري ، أو كتابة خطاب للمسئولين يتذلل فيه لطلب تعطفهم المتكرم لننظر في حال شوارعهم التي غطتها مياه المجاري الآسنة خوفاً على صحة الأطفال الذين هم رجال الغد !! ويكون دور مصلحة المجاري هو – مجرد – شفط المياه الثائرة دون حتى إصلاح الماسورة المسببة لذلك الطفح !!


  • (وإذ يسألونك عن مصر ، قل أنها مزبلة كبيرة) .. مجرد جردل زبالة كبير ! فإذا كنت تسير في الشارع وتأكل – في شراهة البهائم – طعام أهل جهنم أو التوأم الشنيع المسمى (فول وطعمية) .. لا تشغل بالك بمصير الورق الفائض منك ، ببساطة القي بهم في الشارع ! حتى وإن كان في يدك (كوز) حاجة ساقعة أو ما يطلق عليه (كانز) فليكن مصيره الشارع أيضاً .. حتى ولو كان معك منديل تمخطت فيه بعنفوان ،لا توجد مشكلة ، القي به تحت قدمك يا عزيزي ..

    هل أصابتك حشرجة في صدرك ؟؟ هل فوجئت بوجود (بلغم) في سعالك ؟؟ فقط أنظر للأرض واتكل على الله و(تف) بكل بساطة !!

    توجد أيضاً حركة رشيقة للتخلص من المخاط الموجود بالأنف ، فقط ضع أصبع السبابة والإبهام وأخرج الهواء بسرعة من أنفك ، ثم طوح يدك بعدها على الأرض للتخلص من الضيف اللزج الملتصق بها !!

    (مزنوق وعايز تعمل بيبي ؟؟ عادي يا عم ، أركن جنب أي حيطة ، افتح السوستة ، وعيش حياتك )!!

    فعلاً مزبلة يا (مصر) !


  • هل تستطيع أن تقنع موظف الحكومة في سرعة إنهاء إجراءاتك ، والتخلي عن الإفطار المكون من رغيف بلدي محشو جبنة بيضاء وجرجير (لأنه يؤمن أن الجرجير مهم جداً للصحة الجنسية للرجال!!) مع أنه لا يصح أن يتناول موظف – أياً كان منصبه – إفطاره في وقت العمل أو في مكان العمل ! هل يمكنك إنجاز مصلحتك دون أن تقوم برشوة هذا الموظف تحت مسميات عديدة منها (إكرامية – الشاي بتاعي – قهوتي – السبوبة – الأبيج – المعلوم ... الخ ) ؟؟ هل يمكنك تجاوز كآبة المكان نفسه ؟؟ هل تملك أن لا تلعن – في سرك طبعاً – الروتين المصري ؟؟


  • وأنت تمشي في الشارع ، صف لي شعورك وأنت تخطي فوق روث حمار كي لا يصيب حذائك ، أو تبعد عن جثة كلب ميت فائح الرائحة ، أو حتى (تفافة) حمار آدمي سار قبلك في نفس الشارع .. ماذا سيكون رد فعلك ؟؟ لا شيء ؟؟ (إجابة صحيحة أيها الجبان) !! أنا أيضاً أفعل نفس الشيء بلا نقصان !


  • عجيب أمر المصريين حقاً .. فنحن نمارس الإزعاج ونحن مسرورين أو عند نمر بحالة حزن عاتية ..

    فكل فكرتنا عن حفل العرس مثلاً أنه (زفة) مزعجة بالسيارات تتخللها بعض الحركات الاستعراضية البلهاء ، ناهيك عن صوت كلاكسات السيارات القبيح والمزعج والمنفر ، ثم تكملة باقي الإزعاج بواسطة الـ D.J في قاعة الأفراح ، ثم الخروج مرة أخرى في منتصف الليل لتكملة الجزء الثاني المقدس من زفة السيارات إياها .. دون الاعتبار لوجود نائمين في ذلك الوقت !

    ويتكرر نفس السيناريو عند افتتاح أحد المحلات ، فلابد من وجود D.J أرعن لينشر الضوضاء في المكان ، كأن الضوضاء دخلت ضمن (الفاعلية الإعلانية الحديثة) !!

    أما في حالات الوفيات ، فلابد من ممارسة نوع محبب من (الصوات) والصراخ على الميت ، وحبذا لو اجتمعت بعض النسوة وقاموا بعزف نواح جماعي قبل الدفن ، فهو لحن ذو طعم خاص لدينا .. ولا مانع من بعض اللطم وترديد عبارات جوفاء ومكررة مثل : (يا سبعي يا جملي ، حعمل أيه من غيرك) إذا كان المتوفي رجل ، أيضاً (حروح فين من بعدك يا غالية ؟؟ سبتيني ورحتي فين ؟؟) إذا كان المتوفي امرأة !!

    وكلها عادات سخيفة ومحرمة دينياً ومكروهة اجتماعياً ومقززة ومخجلة على الصعيد الدولي !! فما أعاد الصراخ يوماً من مات .. ليتهم يدركون هذا !!


  • هنا في مصر .. من الصعب تماماً أن أبدي رأيي في ثلاثة مواضيع بصراحة ، وهم على الترتيب (الدين ، الجنس ، السياسة) .. فهم مواضيع مغلقة ولا يستباح فتحها في الأماكن العامة أو حتى الخاصة .. وإذا فعلت سأواجه تهم عديدة أهمها : (زنديق ، فاجر ، جاسوس) !!


  • الماء الذي نشربه في مصر غير الماء الذي درسناه في الكتب .. فمعروف عن الماء أنه بلا لون أو طعم أو رائحة .. لكن ما نشربه هو شيئاً أخر له طعم كيماوي عجيب ، ورائحة مقززة .. ولون أبيض غامق في بعض الحالات أو بني فاتح في حالات أخرى .. العجيب أننا لانزال نشرب في صمت ورضا .. ولو كان البول بلا رائحة وعديم اللون لشربناه أيضاً في صمت طالما أنه ينزل من الصنبور .. فلنشكر الغدد الموجود بالكلى لإضافتها اللون الأصفر المميزة للبول !


  • من الجائز أن تكون أكلت لحم الحمير من قبل ! لكن لا تسألني من فضلك : هل تم ذبح الحمار وفقاً للشريعة الإسلامية (إمالته على جانبه الأيمن في اتجاه القبلة والبسملة على الحمار؟) أم هو مجرد ذبح والسلام؟؟

    أم كان الحمار ميت من البداية ؟؟ وهذه كارثة أخرى .. فالدين الإسلامي يحرم أكل الميتة من الحيوانات (عدا البحرية منها) !

    جائز أن يكون في شطيرتك السريعة أجزاء مفرومة من لحم حمار (مشفّي) ، ربما لأن بائع الوجبات السريعة يثق بأن سعادتك لن تفرق ما بين لحم العجول والجواميس والبقري وبين لحم الحمير !! أو ربما يثق كثيراً في (حموريتك) أنت!!


  • مشهد عادي جداً أن ترى رجلاً ناضجاً وعاقلاً يمد يده بلا حياء ويحك منطقته الخاصة أمام الناس وبلا أدنى شعور بالذنب !! أنه مشهد يعتبر مألوفاً في بلدنا ، في حين أننا لا يمكن تخيل امرأة تفعل هذه الفعلة الشائنة ! فمن أعطى الحق لهذا ؟؟ ومن سلب الحق من هذه ؟؟ ولماذا حتى الآن يتغاضى المجتمع المصري عن أخطاء الرجال مهما بلغت درجاتها ، ويستل سكاكينه ويكشر عن أنيابه ويشمر عن سواعده لمحاكمة أنثى اقترفت خطأ غير مقصود ؟؟ كيف يتحضر مجتمع يوازن الأمور بمكيالين غير عادلين ؟؟ كيف أعتدنا أن يبصق رجل في الشارع بكل قذارة و(حيوانية) فجة ، في حين الأنثى هي أكثر تحضراً منه في عدة أمور أخرى مشابهة !! (أخص عليكي يا رجولة) .


  • دون النظر إلى مؤهلاتنا التعليمية والعلمية ، فكل المصريين يتحولون ببساطة إلى أطباء باطنة ومسالك بولية ونساء وولادة وأمراض صدرية واستشاريين جراحة عامة في ثوان إذا ما صادفوا شخصاً يعاني آلاماً أو يشتكي من مرض ما .. فتنهال فجأة النصائح المجربة لمعالجة كافة الأمراض المعروفة وغير المعروفة للطب البشري الحديث ! ربما لأننا نعتقد أن الأطباء يلهون خلال دراستهم في كليات الطب بأفرعها المختلفة خلال خمس سنوات دراسة شاقة وقاسية ! أو لأننا نعتقد مثلا أن الأطباء يدرسون كتاب (بوجي وطمطم والمصباح السحري) ؟؟

    من يعاني مرضاً ما فليذهب لطبيب وانتهى الأمر ، ولا داعي لاستخدام (الفهلوة) بكافة أنواعها ، فمعظمها ضار جداً في تلك الحالات .

    ولا مانع أيضاً لأن نتحول إلى خبراء سياسيين وعسكريين وحربيين واقتصاديين وإعلاميين وميكانيكيين ونقاد سينمائيين في ثوان معدودة إذا تطلب الأمر فتح نوع عادي من الحوارات العابرة .. وكم كنت أتمنى أن تكون تلك الآراء صادقة وذو خلفية علمية بحتة بدلاً من ذلك الهراء الذي نتبادله ليلاً ونهاراً في آذان بعضنا البعض !


  • الجمال .. ما هو مفهومنا عنه ؟؟

    لا أقصد الجمال الأنثوي والذي وصفه العرب قديماً بأسماء شتى تعبر عن مواصفات المرأة مثل (عطبول ، بوصاء ، عضنك ، عيطاء ، ربلة ، عشنقة ، ضكضاكة ، عنطنطة ، حوثاء ، تلعاء ، بزخاء ، غيداء ، سطعاء ، عنقاء ، هركولة ، عبلة ) .. بل أقصد معنى أشمل وأعم لمفهوم الجمال ..

    الطبيعة من حولنا ..

    ما الذي يضرك في أن ترى الجمال وتتذوقه في كل ما حولك ؟؟ خضرة الأشجار في شارعك ؟ نظافة وهندمة الشوارع ؟ حتى طريقة تأثيثك لبيتك ؟؟

    لماذا ترفض أن تقضي وقتاً في تأمل لوحة جميلة مثلاً ؟؟

    لماذا لا يكون لك رأيك الخاص عن الجمال ؟ ولماذا تصمت عندما يتم تشويه الجمال أمام عينيك ؟؟ لماذا ترضخ لمفهوم الجمال الذي يمليه عليك أصحاب العقول العفنة من حولك ؟؟ قرر أنت معنى خاص للجمال ، معنى يقومه ويدعمه من وجهة نظرك !! طبعاً لا أقصد بأن تمسك مسمارك أو قلمك الألوان وترسم به على الجدران مثل الهمج .. بل حاول أن تسعى لمفهوم الجمال الخاص بك .. وتأكد أنك – مهما كانت اتجاهاتك التخريبية – ستجد داخلك فنان من نوع خاص يتذوق الجمال ، فحاول أن ترضيه !! فقط حدد مفهوماً للجمال حسب شخصيتك .

(كفاية كدة ؟؟ لو عايزين تاني قولوا .. لسة فيه كتير جداً) ..




******************************

لعلك الآن تتساءل :

يعني أنت جاي عند "راس" القرد وتشمها ؟؟

حقولك :

أيوة .. طالما "راس" القرد جزء من جسمه ، وطالما اتفرض عليا أني أحب "القرد" كله ، فأنا عايز "القرد" يكون نضيف ..


وطالماً أني أرى عيوباً شتى في بلدي (مصر) فيجب أن أذكرها كاملة ، بلا أدنى تجميل أو منافقة ..

فبأي حق تريد مني أن أفخر بمصريتي ؟؟

فأنا (جبان) يحاول الهروب من عار الجبن ..

وأنت (جبان) مندهش لوصفي لك بالجبان ..

دعني أعتذر عن ذلك يا عزيزي / عزيزتي .. فأنا لا أريد تدمير مفهوم (الحرية الشخصية) لك ..

(الحرية الشخصية) ببساطة هي أن تفعل ما بدا لك ، لكن دون أن تؤذي مشاعر الآخرين ، أو تشوه جمالاً يحيط بك ..

كن حراً ..

حلق بجناحك في السماء ، وأجعل خيالك خفيفاً على أرض (مصر) ..

كن أنت الحر المعتوق من شيمة الجبن والاستغفال والتضليل بكافة أنواعه !

تخلى عن الهمجية كي يتخلى عن وطنك اسم (أمة الهمج) ..

حاول أن تفتح كتاباً وتعي محتواه ، وإن أعجبك فأعمل بما جاء به !

تحرر ..

كي يتحرر معك وطنك الموحول في أواصر بحور الغفلة والتخلف !

...

..

.

(نهاية الجزء الأول) ..

2‏/7‏/2008

(كان) فعل فاضح !

عندما قرأت موضوع الزميل (أيمن بدر) الخاص باللغة العربية ، قررت إبداء رأيي الخاص في تعليقي عنده لشدة إعجابي بفكرة الموضوع ..

أثناء كتابة تعليقي شردت قليلاً مع نفسي عن اللغة ..

ربما ذكرت هنا من قبل عدة رأيي الخاص عما يحدث الآن من إهمال في اللغة ..

ثم بدأت عدة حقائق واقعية تردد في رأسي مثل :

معظم المصريين – بما فيهم أنا – لا يحسنون كتابة سطرين باللغة العربية بدون أخطاء !

طبعاً الشباب – بما فيهم أنا أيضاً – لهم دور كبير ومخجل في هذه الكارثة .. فنحن من نحمل شعلة اللغة ، ونمررها للجيل الجديد (أطفالنا نحن) .. فبدلاً من أن تكون الشعلة وضاءة ومنيرة ، ستكون – للأسف – خاملة وخامدة ..

هذا واقع صعب تغييره .. وغداً سيكون المستقبل ماسخ بلا معنى ..

(سوداوي صح ؟!)..


 

**************


 

مرة كنت أتحدث مع صديقي في شئون اللغة ، فجاء ذكر (كان) ، فسألته إن كان يتذكر إعراب (كان) !

فرد علي قائلاً بجدية :

  • كان فعل ماضي مبني على الضمة .

ألجمتني إجابته وأصابتني بتيبّس في عقلي وشلل في حنجرتي ، فصرخت بأعلى صوت لي قائلاً :

  • نعم يا حبيب ماما ؟؟ (كان) فعل ؟؟ يا نهار أسود !!

ثم أنهلت عليه بوابل محترم من السباب الغير محترم ، مضمونه الجهل والتلبد الفكري والتعليمي والوطني باعتبار اللغة جزء لا يتجزأ من وطنية المواطن ..

ثم شردت قليلاً وتذكرت شيئاً مهماً ..

(كان فعل ماضي مانسيبه في حاله) ..

جزء من أغنية (أبجد هوز حطى كلمن .. شكل الأستاذ بقى منسجمُ ّ) للمغنية الراحلة (ليلى علوي) ..

ليلى مراد ؟؟

حسناً المغنية الراحلة (ليلى مراد) !

صديقي العزيز يأخذ ثقافته من أغاني الأفلام الأبيض والأسود ..


 

( أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ )

ما معنى هذا الترتيب بالمناسبة ؟؟


 

فنظرت لصديقي وابتسمت .. فسألني هو :

  • يعني أنت فاكر إعراب (كان) أيه ؟؟
  • طبعاً يا أبني .. أنت بتتكلم في أيه ؟
  • طب أيه هو يا عم الفلحوس .
  • كان ليها مبتدأ وخبر يا جاهل .. يعني مش فعل يا حلوف .
  • أه صحيح .. تصدق نسيت الحكاية دي ؟
  • بس يا جاهل ..
  • ماشي يا عم .. بس (كان) دي بتنيل أيه في المبتدأ ، وبتهبب أيه في الخبر ؟
  • آآآآآآ ..

يا نهار أسود ؟؟

كان ؟؟

هل كانت ترفع المبتدأ وتنصب الخبر ؟؟

أم تنصب المبدأ وترفع الخبر ؟؟

كل ما أتذكره أنها عكس (أن) ..

كان ؟؟

كان وأخواتها ..

(كان ، أصبح ، أمسى ، .. )

أين الباقي ؟؟

هم كانوا سبعة !! أين ذهبوا هؤلاء الملاعين ؟ هل تبخروا من رأسي ؟؟

أفقت على ضحكات صديقي الساخرة ومعه حق وبدأ ينهال علي بوابل غير محترم بالسباب الغير محترم !! وإن تخلله بعض الكلمات العجيبة مثل : الجهل والتلبد الفكري والتعليمي !

ثم وضع يده في جيبه وذهب لقضاء شيء ما، وتركني وحيداً أعنف نفسي على تلك الكارثة الرهيبة !


 

**************

مدرس العربي !

بالذات في المرحلة الابتدائية ..

أول متهم في تلك الكارثة ..

ربما يقع عليه عبء كبير في تنشئة الجيل ..

وإن كان في أيامي المدرسين أكثر جدية من الآن !

ففي أيام جيلي كان المدرس والطالب يشمئز من مصطلح (دروس خصوصية) .. حتى وإن كان المدرس (يثورأ لما يشوف ورك فرخة) بسبب حالته المادية القاحلة ، فكان يعتبر الدروس الخصوصية إهانة للعلم والتعليم والمعلم والمتعلم معاً .. فكان يشرح بأقصى جهده في الفصل ، والذي كان الوسيلة الوحيدة لتلقي العلم !

الآن أصبح المدرس يحمل كارت شخصي عليه أرقام (محامليه) ومراكز دروس الخصوصية المشارك بها !!

ظهر أيضاً ملصقات دعاية للمدرسين توزع حسب التوزيع الجغرافي لنطاق لسعادتهم ! كما أن المدرس الخصوصي ينتقي طلابه حسب مزاجه الشخصي وأهوائه الخاصة .. والحساب يتم بالحصة الواحدة !!

المدرس الآن أصبح وظيفته تجمع ما بين (بائع اللبن والكمساري) فهو يبيع العلم للطلبة في أكواب بلاستيكية سريعة الشرب أو باللتر ، ويحاسب على هذا وذاك .. عموماً اللهم زد وبارك ..

في وسط تلك الجلبة ..

لابد أن تتوه اللغة بين طالبي العلم ، خصوصاً دارسي اللغة الأم ..

وأن تتمزق وتحترق وتزوي وتموت في صمت ..

هذا ما يحدث الآن ..

من المسؤل عن هذة الكارسة الفزيعة ؟؟


 

**************


 

منذ أسبوعين ذهبت وحيداً إلى مطعم (هارديز) الشهير للوجبات السريعة ، وقمت بطلب وجبتي ونقدت (الكاشيير) ثمنها ، ثم جلست بلهفة في انتظار وجبتي الموعودة ..


 

(كوردن بلو) ؟؟

اسم (الساندوتش) الذي قمت بطلبه منذ لحظات !!

(كوردن بلو) ؟؟

ماذا يعني أو يعبر هذا الاسم ؟؟

ربما يعني (الكوردن الأزرق)؟؟

أنه مجرد (ساندوتش) فراخ والسلام ..

فرخة عادية قام أحد ما بذبحها وهي تتصايح في هلع !

فرخة عادية قام أحد ما بنتف ريشها وإلقائها في ماء ساخن تمهيداً لتنظيفها (والله أعلم في تلك المسألة!) !

فرخة عادية كانت تأكل ما تأكله أي فرخة عادية في أي حارة ، لا أظن أنها كانت تأكل ذرة مبشور بالكاتشاب والمايونيز !!

فرخة لا تهتم – إطلاقاً – إن كانت ستسكن معدتي الفارغة تحت اسم (كوردن بلو) بمشتملاته !!

فرخة لا تتوقع أبداً أن يباع جزء منها في المدعو (كوردن بلو) بثمن أغلى 4 أضعاف من ثمنها وهي على قيد الحياة !!

دعونا من الفرخة الآن .. فأمرها انتهى معي وتحولت إلى ذرات بداخلي منذ فترة طويلة ..

(أوردر – كوردن بلو – بطاطس فرايس – بيبسي ماكس – أونيون رينجز – أبل باي – أوكي) ..
كلها ألفاظ إنجليزية قمت باستخدامها في حوالي ثلاث دقائق أثناء إملائي رغبتي للكاشير (والذي هو أيضاً لفظ انجليزي أخر) !!

هل من العار أن أقول :

(لو سمحت عايز سندوتش فراخ مع بطاطس محمرة وحلقات بصل بالخلطة ، وفطيرة تفاح وحاجة ساقعة بيبسي ماكس) ؟؟

أم لأني دخلت (كشك) أجنبي مثل هارديز ، فأخلع عني لغتي العربية وألقيها بإهمال عند الباب كي لا يتهمني أحد بأني لا أستحق الدخول لف\مثل هذه الأماكن ؟


 

أعترف لكم أيها السادة بأني ارتكبت جريمة عظمى في هارديز يومها ..

مع أني أتكلم اللغة العربية ، والمتلقي يتحدث اللغة العربية أيضاً .. إلا أننا مارسنا نوعاً تافهاً من الاستعباط المخزي في حق لغتنا ..

فقد تبرأت من لغتي وأهملتها ..

وهي جريمة لم تقترفها حتى (الفرخة) التي أكلتها !! فالفراخ تجتمع على هوية واحدة في كل العالم .. حتى الفراخ الأمريكاني لها صوت ولهجة الفراخ المصرية !! كاك كاك ..

كوردن بلو ؟؟

الله يرحم أجدادي !


 

**************


 

الموسيقى !

هل هناك جاهل أحمق يمكنه أن ينكر الموسيقى ؟؟

الأنغام الساحرة .. الإحساس الصادق العميق ..

من العبث أن أضيع وقتي ووقتكم في وصف الموسيقى !

فكلنا نعرفها ونعشقها ..

وحسب دراسات علم النفس :

الموسيقى هي أول ما يسمعه الجنين وهو في رحم أمه ، تحديداً ضربات قلب الأم ..

لهذا يشعر كل منا بالشرود عند سماعنا الموسيقى الإيقاعية ، وأحياناً نهز رأسنا معها لا إرادياً ..

ويمكننا ملاحظة هذا بجلاء في الموسيقى العربية المعتمدة على الإيقاع الراقص ، أو الإيقاع المنتظم (الطبلة والدرامز) ..

صوت دقات قلب الأم مختزن في عقلنا الباطن ؟؟

هل نلتفت لا إرادياً للإيقاع الشبيه بدقات قلب الأم بالذات دون غيره ؟

نعم .. أنها حقيقة أيها السادة .


 

المهم ..

قررت أخيراً اعتبار الموسيقى هي لغة خاصة ..

ولدي في هذا أسبابي :

  • أنا واثق أنك لا تستطيع التحدث باللغة الصينية فجأة عند استيقاظك من النوم ، بل عليك التعلم بجدية لتتحدث وتتكلم وتكتب بها .. كما أنه ليس بإمكانك العزف على أي آلة موسيقية بدون التدريب الكافي عليها !


     

  • إذا كنت تجيد العزف على أي آله موسيقية ، وتركتها أو أهملتها فترة طويلة .. فمن الصعب عليك أن تكتسب مهاراتك السابقة عند عزفك عليها بعد غياب .. كذلك اللغة !! ليس من السهل عليك أن تسترجع منها ما فاتك بسبب إهمالك لها !! حتماً سيكون هناك بعض الأخطاء !


     

  • ما رأيك لو ذهبت لحفل كبير لعازف بيانو مشهور ، وقام بعزف عدة مقطوعات مشهورة لأغاني معروفة وذائعة الصيت ! إلا أنك لاحظت في عزفه بعض الأخطاء الصغيرة في اللحن ، فهل ستغفر له قطع استمتاعك بعزفه الرائع يا ترى ؟؟ أيضاً الكلمات ما هي إلا مجرد عزف للحن موضوعك أو حوارك مع غيرك.. فأرجوك حافظ على جودة العزف .


     

  • هذة الجمله مملوئة بالاخطاء الاملاءية ، بلااستثناء !! فهل اعجبتك يا ترا ؟


     


 

وعندما نتكلم .. تقوم الحنجرة بولادة الصوت عن طريق الهواء .. ويبدأ العزف باللسان والشفتين .. وتبدأ الكلمات بالخروج بالطريقة التي نرغبها نحن ..

وعندما تحدثني أنت ، فأنك تصدر موسيقى معينة .. وأنا أسمع موسيقاك بأذني وأترجمها في عقلي إلى معاني .. وأفهم منها ما تريد قوله لي !


 

فمن فضلك :

حافظ على نظافة لغتك ..


 

**************


 

أود أن أذكر هنا بعض الإرشادات البسيطة لقواعد الكتابة ..

ليست قواعد نحوية .. إنما قواعد بسيطة للجملة نفسها .. فهذه القواعد تقع عليها عبء كبير في تنظيم الجمل وتسهيلها للقارئ :

  • الفاصلة ( ، ) : مهمتها هي الفصل بين الجمل الطويلة المترابطة ، فتوضع في وسط جملتين كما في هذا السطر .. حاولوا التدرب عليها جيداً ، فهي ممتازة في التعبير عن قصدكم دون شوشرة أو إزعاج لمن يقرأ .. أيضاً هي ما تجعل الجملة تتنفس ! بالضبط هي كالهواء لمن يغطس مدة طويلة في جملك أنت !


     

  • النقطتين ( .. ) أحياناً ينتهي الغرض من جملة معينة ، وتليها جملة أخرى لها علاقة بالمقطع نفسه ! فتأتي هاتين النقطتين للقيام بربط غير شرطي بينهما .. حد فاهم حاجة ؟؟ لو قرأت مرة تانية ممكن تاخد بالك من قصدي .. وياريت الناس تاخد بالها أنهم أتنين بس ، يعني مش تلاتة ولا حاجة !! يعني مش يوم ما تعمل فيها كريم وسخي ، يبقى أخرك نقطة !


     

  • علامة التعجب ( ! ) .. غالباً ما تكون نهاية جملة غير مألوفة أو غريبة بعض الشيء .. أفهمها زي ما هي ، وده اللي عندي .. إذا كان عاجبك !


     

  • القوسين ( ) .. وظيفتهما احتواء لما تريد اختصاصه في جملتك .. بمعنى لو كنت تريد إبراز كلمة ما أو اسم أو عبارة قصيرة وسط الجملة ، فأنصحك صادقاً باستخدام القوسين .. (زي كدة مثلاً!) .


     

  • الجملة الاعتراضية ( ) .. أنا أحب هذه الخاصية للغاية ، ممكن أن تضعها وسط الجملة بطريقة عادية جداً .. ومن الممكن تخطي ما تحويه دون الإخلال بمعنى المقطع كله .. حقولك أزاي : فاكر لما كنت بتكلم مع صاحبي عن كان ؟؟ لما فقت على ضحكة صديقي الساخرة؟؟ مش فاكر؟؟ يا عم أطلع فوق وبص بعد كدة أنزل تاني .. شفت الجملة بتاعة (ومعه حق) ؟؟ جرب اقرأ الجملة من غير الكلمة دي .. حتلاحظ أن ليها نفس المعنى .. خدت بالك ؟؟ طب فهمت ؟؟


     

  • علامة الاستفهام ( ؟ ) .. طبعاً تبقى مصيبة سودة لو مش عارف العلامة دي بتاعة أيه !! عارف واللا مش عارف ؟؟


     

  • النقطة ( . ) .. استخدام وحيد فقط .. في أخر الجملة أو الفقرة كنهاية لها .. أما إذا كانت الجملة مرتبطة بالجملة التالية ، ففي هذه الحالة يتم استخدام النقطتين بدلاً منها .


     

  • علامات التنصيص " " .. حد أتفرج على حلقات (تامر وشوقية ) ؟؟ فاكرين الواد هيثم أو أحمد مكي لما كان بيعمل حركة بصباعين السبابة والوسطى ؟؟ دي بقى علامات التنصيص .. بس ده استخدام انجليزي ليها !! وأحياناً بيكون لغرض السخرية المهذبة .. يعني مثلاً أنا ممكن أقول على الموضوع ده أنه "رسالة دكتوراه" .. وأحياناً تستخدم في الجمل الحوارية أيضاً !


 

أتمنى – صادقاً – أن يتعلم أي من قارئي هذا الموضوع أي شيء هنا , كما أتمنى أن يتحسن أسلوب الزملاء الأعزاء في مواضيعهم الكتابية والتدوينية بعد ذلك ..

أريد القول بأني لست بمتخصص لغوي ، بل أن كل ما سبق هو محاولات اجتهادية لا أكثر .. مجهود بسيط نوعاً ما نقلته أنا من خلال ملاحظاتي الشخصية أثناء قراءة الكتب ! لذلك أرجوكم المعذرة إن سهوت في شيء ما هنا .. وثقوا تماماً بأني أرحب بأي تعديلات منكم على ما ورد .

ربنا معاكم يا شباب .


 

**************


 

في الصف الأول الإعدادي تعرفت على ميس (سحر) ..

مدرسة اللغة الإنجليزية ..

انتابتني وقتها مشاعر غريبة تجاهها ..

فهي جميلة وشابة ، ولها بحة صوت خفية محببة لي وحدي لم يلحظها زملائي في الفصل ..

أحياناً كنت أسرح قليلاً أثناء حصة اللغة الإنجليزية :

ذهبنا أنا وميس (سحر) وباقي الفصل إلى حديقة الحيوانات .. وها نحن نقترب من قفص الأسد المرعب ..

فجأة يفر الأسد من قفصه ويجري على ميس (سحر) حبيبتي ..

ميس (سحر) مذعورة وتصرخ بصوتها ذو البحة اللذيذة ..

ميس (سحر) خائفة جداً ..

الأسد يقترب منها أكثر وأكثر ..

يظهر فجأة البطل الصغير .. ويمسك الأسد من ذيله ويدور به في الهواء .. الأسد يصدر زئير ضعيف أشبه بمواء القط المذعور ..

الأسد يطير في الهواء ويهبط إلى ما وراء جامعة (القاهرة) ..

ميس (سحر) تلتفت إلى البطل الصغير (أنا) وتطبع قبلة رقيقة على خده كنوع من الشكر والعرفان لإنقاذه لحياتها بهذه الشجاعة الرائعة !

البطل الصغير يطير بجناح خفي إلى ما وراء جامعة (حلوان) .. 


 

  • وائل .. أنا كنت بقول أيه ؟؟
  • هه ؟؟ معلش يا ميس (سحر) ، أصلي سرحت شوية ..


 

(أحم .. أيه اللي جاب الكلام ده هنا ؟؟)


 

في الصف الأول الإعدادي كان لدي مشكلة غريبة جداً في اللغة الإنجليزية ..

مشكلة مع حرف واحد وحيد ..

حرف الـ E !

(كان حرف أبن كلب أوي وبروطة) !!

كنت أجده في معظم الكلمات الإنجليزية بكل صفاقة وبجاحة وسماجة وثقل دم غير معتادة!

المشكلة أنه لا ينطق في معظم الأحيان .. لذلك كنت – أحياناً – أعاند معه وأتجاهله تماماً في الكلمات ..

كادت ميس (سحر) أن تجن مني ..

فمثلاً كلمة True .. أكتبها هكذا : Tru .

و كلمة Peace .. أكتبها هكذا : Peac


 

ميس (سحر) فاض بها الكيل مرة وسألتني في حدة :

  • لماذا لا تكتب الكلمة صحيحة ؟؟

فنظرت لها ببرود وقلت :

  • أنا أكتب ما أشعر به ، وهذا الحرف لا أشعر به في الكلمة إطلاقاً .. فلماذا أكتبه ؟؟
  • عشان دي لغة يا وائل .. ماينفعش نغير في اللغة على مزاجنا ..


 

المكتوب بالأحمر أهديه لكل من يهتم بحصيلته في اللغة الإنجليزية ، وكل من يشعر بالخجل من نفسه عند كتابة كلمة إنجليزية بها حرف ناقص أو حرف خطأ ..

أيضاً يا أخواني اللغة العربية هي لغة ، ولا يصح بأن نغير في اللغة حسب أمزجتنا الشخصية !!

الهمزة هي همزة ..

الياء هي ياء ..

الهاء هي هاء ..

التاء المربوطة هي تاء مربوطة ..

ألف المد هي ألف المد ..

لا يصح أبداً أن نضع كل ما سبق في خلاط عملاق ، ثم (نكبه) في ورقنا وصفحاتنا الالكترونية ..


 

الله يمسيكي بالخير يا ميس (سحر) ..


 

**************


 

لو قلت لك :

  • أزيك ؟؟

حترد تقول أيه ؟؟

  • (كويس الحمد لله ) .


 

طب لو سألتك :

  • يعني أيه بقى (أزيك) دي ؟؟

قبل ما تقول أني غاوي هيافة وسفسطة ودماغي فاضية ورايق !

بجد عايز أعرف أن كنت فاهم أنت بتقول أيه واللا لأ !!

أهي مجرد كلمة بسيطة بنقولها كل شوية للناس ، وبتتقال لنا برضة ..

معناها أيه ؟

مش عارف ؟؟

دعنا نحضر (أزميل) ومطرقة (شاكوش) ونكسر معاً هذه الكلمة الغريبة إلى نصفين ..

(انبطح أرضاً من فضلك ، فقد يصيبك حرف طائش من شظايا هذه الكلمة) !

أيش زيك ؟

هذا هو أصل هذه الكلمة المألوفة على آذاننا والغريبة على عقلنا !

(أيش زيك) هي تحية عند عرب الجزيرة والبدو ، مثلها مثل (أيش لونك) !

وتحورت مع الوقت إلى كلمة (أزيك) !!

وصلت ؟

تعالى هنا رايح فين ؟؟

يعني أيه بقى (كويس) اللي هي الرد بتاع (أزيك) ؟؟

رايح فين تاني ؟؟

حتجيب الأزميل والشاكوش ؟؟

لأ مش لازم .. الكلمة دي سهلة جداً .. مش محتاج العدّة !

(كويس) هي تصغير لكلمة (كيّس) ..

ومعنى (كويس) بالفصحى : (أني أشعر بالكياسة) .. أي في حالة مزاجية وسطية وعادية !


 

المجال مفتوح أمامك الآن .. أحضر أزاميلك وشواكيشك وكسّر غموض كل كلمة مبهمة أمامك ..

وثق تماماً أنك تملك الحق في أن تعي ما تقوله .. وأن تقول ما تعي .


 

بس خلاص !


 

**************


 

يا صباح الجماجم وحاجات بتهاجم ..

صباحه بيكاكي من عند كنتاكي ..

أحنا الشباب ..

أشطة وزي الفل ..

روشين طحن ..

شباب كول .. مش سيس وأي كلام ..

خليك عادي يا مان , أنت منفسن كدة ليه ؟؟ هه ؟؟

ماتأفورش المرمة وخلي الموضوع مستكنيص كدة!

يا أخي الباب اللي يجيلك من الريح ، ماتلحسهوش كله ..

أيه يا بوب ؟ مالك ومال الشباب بس ؟؟

مالها اللغة ؟؟ ما الحوار داير وشغال سخن وبارد ..

عايز تحبكها وخلاص ؟

يا مان خليك عادي ومتبقاش خنيق كدة ..

كدة وبتاع ، والفيل أبو دراع .. والشاي بالنعناع ..

أيوة كدة يا واد .. أضحك

(لول) ..

وفي اللا وادي السندسي ، صانعات عنب يا للالي !


 

**************


 

انتهت (خروشاتي) الفكرية هنا ..

وتمنيت أن أقسو على نفسي أكثر وأكثر كعقاب لي على استهانتي في حق اللغة العربية التي تذبح أمامي في صمت كل لحظة .

كل يوم نقدم تنازلات رخيصة من لغتنا تحت اسم (التحضر) .. كأن مضمون التحضر هو التخلي عن مبادئنا اللغوية والتبرؤ والتملص منها !

أنا لا أدافع عن اللغة العربية لأني أتكلم بها وأكتب بها وأقرأ بها وأحلم بها أيضاً .. أقول هذا لأني أدافع عن طريقة التفاهم بيني وبينكم .. وبينكم أنتم وبينكم !! ولن أسكت لأي محاولة تشوه وسيلة اتصالنا معاً !

ولو ولدت في الصين وفرضت علي اللغة الصينية ، لكنت فعلت نفس الموقف دون نقصان أو تخاذل !


 

وقد عزمت أن يكون هذا أخر موضوع أكتبه عن اللغة .. لأسباب خاصة بي أنا ..


 

بالمناسبة :

من يريد إنعاش ذاكرته عن أصول الإعراب والنحو ، فسيجد في هذا الموقع ضالته وغايته !

ومن أصابه الفضول حول مبتدأ وخبر (كان) ، فيمكنه الاستزادة من هنا ..


 

ألقاكم قريباً في موضوع أحاول جاهداً في منع نفسي من كتابته !

فهو موضوع كفيل بإحالة أوراقي إلى المفتي سبع مرات على التوالي والتوازي !! وتنفيذ حكم الإعدام علي مرتين .. منهم مرة سيتم شنقي من قدماي !! ثم نفيي بعد ذلك إلى بلاد ما بعد الشمس !

(والنبي يا جدعان حد يمنعني ..) !

وائل عمر .